كتب الاستاذ محمد محسن – سورية
. الحــرب فُرضــت عليـنا فحــق عليـنا التـــحدي والمواجــهة
…………..الحرب تعني موت ودمار ولكن الاستسلام يعني مـوت الهوية
…………..ست سنوات وشعبنا يواجه كل الدول المعادية للحرية والعــقل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ست سنوات وستزيد وبكل دقة وبدون مبالغة ، سورية وحلفاؤها يواجهون معسكر الشر كله في العالم كله ، بجميع مكوناته ( الدول ذات التاريخ الاستعماري ــ أمريكا ، وأوروبا ، وتركيا ، واسرائيل ــ وكل الدول التابعة لهذا المعسكر من استراليا حتى كندا ومن لف لفهما ) ، وهذه الدول هدفها تغيير الوجهة الوطنية لسورية وارغامها على الخضوع للسياسات الغربية والتخلي عن علاقاتها مع روسيا وايران .
لماذا سورية ؟ لأنها البلد الوحيد على ضفتي المتوسط التي لاتزال ترفض الاملاءات الغربية وإعلان استسلامها ، وعدم قبولها بالوصاية والرضوخ والانضمام إلى القطيع . هذه الدول المعتدية اعتمدت في حربها هذه على أهم سلاحين " الدين " والمال "، الدين بمفاهيمه التحريفية العتيقة الممتدة من الغزالي إلى ابن تيمية إلى محمد بن عبد الوهاب ، بالتحالف مع التنظيم الدولي لحزب الاخوان المسلمين الذي يحتكر الدين الاسلامي بعد مصادرته ، بالإضافة إلى جميع الحركات الدينية المتشددة والمتمذهبة المبثوثة في العالم الاسلامي
…..لماذا استخدموا هذا السلاح الديني الفتاك ؟؟!!
………بالله عليكم ألا يُثير هذا القرف حد الغثيان في القرن الواحد والعشرين ؟؟!!
ألم تنجب هذه الأمة من الصين حتى جزر الكاريبي ، حتى جزر الواق الواق ، حتى سبتة ومليلة ، ألم تنجب هذه الشعوب التي تزيد عن المليار أي فقيه يستطيع أن يجتهد ، ويعطي راياً عصرياً للجواب على ما يطرحه العلم والمعرفة التي تسير بقفزات متسارعة حتى أصبحت بين النجوم ؟؟َ!!
المصيبة الأكبر قد يوجد ( كمفتينا المتنور العقلاني بدر الدين حسون ) الذي قال له كبير من لبنان أنت مفتي المسلمين والمسيحيين ) ولكنه لا يستطيع لأن الاجتهاد مغلق بالضبة والمفتاح ، وممنوع أن يتجاوز أي فقيه القياس ( مبدأ قياس الحاضر على الماضي ) ، المصيبة الأكبر القياس هنا لا يتم على ضوء صريح القرآن ، والحديث الصحيح ، بل على ما قاله وكتبه ــ فلان الفقيه ــ في مدونته . بذلك تكون هذه المدونة هي البديل عن القرآن والسنة .
.
إذن بهذا نكون قد برهنا على نقطتين :
لماذا تحالف الشر الغربي الاستعماري مع عشوائيات الخليج التي تحمل فكر ما قبل الرسالة المحمدية ؟؟!! لأنها توفر على الغرب الرجال والمال وتنهض بأعباء الحرب بالوكالة ، وهي القادرة على تجنيد مئات الآلاف من الوحوش المتعصبين الذين تتلمذوا على الفقه الوهابي العتيق من كل بقاع العالم ، حتى أن جهاد النكاح استهوى بعض الأوربيات ، وبعض سقط المتاع من نساء المجتمعات الاسلامية .
وبذلك الجهد العسكري والمالي التي تبرعت به محميات الخليج لأن الحرب ضد سورية وحلفاءها بالنسبة لها حرب وجود ، لذلك زجت نفسها بكل طاقاتها وبكل حماس في أتون الحرب .
، عندها ونتيجة حماسها قال الغرب للخليجيين الأغبياء ، " اذهبوا أنتم ومسلحيكم فقاتلوا إن هاهنا قاعدون " الحرب عليكم بكل تكاليفها ونحن علينا أن نجلس على رأس التلة نوجه ، ونرسم الخطط ، وندرب ، ونملأ الكون ضجيجاً اعلامياً يلغي العقل والمنطق ، ونهيئ لكم راياً عاماً عالمياً لا يفرق بين الناقة والجمل " كما قال معاوية " .
ابرم الاتفاق التاريخي بين دول الاستعمار الغربي بقيادة أمريكا ، وبين محميات الخليج المخولة تاريخياً بحماية ونشر الفكر الديني الذي لا ينتمي إلى هذا العصر ، فشكلا معادلة أشرار العالم :
.
….. تحـــالف غربـــي خليـــجي …… يســـاوي كـل شـــرور العــــالم
من هنا يمكن رؤية الصورة بعد تظهيرها بأجلي طبعة ، وبهذا نعرف من نقاتل ومن هم أعداؤنا ، وحجمهم ومآربهم ، وهذا الفهم يوفر على الوطني العاقل ــ الذي يرغب بتفهم طبيعة الصراع ، والذي لا يرغب ستين عمره ــ الكثير من العناء عن تحديد الموقف من هذا العدوان الذي يشمل كل شرور الدنيا .
ومن هنا نعرف أيضاً قدرات معسكر العدوان المالية والتسليحية ، وما هي أهدافهم الجذرية ، بالمختصر المفيد ليس هدف الحرب اعادة القيد الاستعماري إلى بلادنا فحسب ، بل اعادة القيد إلى عقولنا أيضاً وربطها بحبل من مسد ورمينا في أتون الصراعات المذهبية ، التي تشل عقولنا وتمزق وحداتنا الوطنية ، حتى قيام الساعة ، ويغلقوا علينا نسائم الوعي العقلاني التنويري ، وأي شكل من أشكال الهدوء والاستقرار ، وأن نلغي هوياتنا الوطنية والقومية ونعتمد بدلاً عنها الهويات المذهبية المتعصبة المتصارعة والقاتلة كما تريد دول العدوان ، في نفس الوقت الذي تسير فيه الشعوب الأخرى في دروب الحضارة والتقدم والتطور
.
ونحن علينا أن نبقى عند عقلية المتوكل الذي كان فاجراً والذي حارب النزعات العقلانية ــ التي جاء بها المعتزلة وساندها المأمون ، حتى جاء المتوكل فقتل وشرد كل من يؤمن بتلك الأفكار ، وأحل محلها الفكر الاستسلامي غير العقلاني فكر القطيع فكر الغوغاء ، والاستسلام لما قاله الشيخ فلان بدون أن يحق لك المناقشة والتساؤل لأنك حينها تتفلسف ، والفلسفة عند الغزالي وكل تلامذته وصولاً إلى ابن خلدون ، هي فعل يقود إلى التحليل العقلاني وهذا يعرض المسلمات الدينية إلى التشكيك ، لذلك قال الغزالي " بتهافت الفلسفة "وبسبب هذا الانجاز العظيم الذي قام به المتوكل باغتيال الفكر العقلاني المعتزلي ، غفر له رجال الدين كل مجونه الذي فاق كل أقرانه ، واعتبروه منقذاً للدين من العقلانية ، لذلك يقال عنه ومن جاء من بعده من " الخلفاء " على نهجه حتى الآن " رضي الله عنهم وارضاهم " .
من هنا نكون قد حددنا حجم معسكر العدوان بطرفيه والذي عبرنا عنه بمعادلة ( الشر الغربي الرأسمالي الوصائي وحلفائه كلهم + الفكر الديني الذي تركنا في النفق منذ عشرة قرون وتمثله محميات الخليج ، وحال بيننا وبين أي نزوع نحو العقلانية ، وبرأي الذي أجزم فيه أن العدو الثاني هو الأخطر بكثير من العدو الأول ، وأنه لا يمكن للمنطقة أن تمشي نحو الأمام بدون فتح باب الاجتهاد ، وقبر هذا الفكر الديني واجتثاثه من أعماقه ، وهذا يتطلب هيئة اختصاصية تملك الشجاعة والارادة لتحقيق ذلك ، وأعتقد أن المرحلة القادمة السياسية والفكرية ستفسح في المجال واسعاً أمام هذا الانجاز التاريخي ، الذي يفوق أي انجاز آخر وعلى جميع المستويات ، لأن العقلنة هي وحدها التي تنشل مجتمعاتنا من وهدتها ، وتضعها أمام مسؤولياتها الأخرى وتهيء لها الظروف الملائمة للتعامل مع معطيات العصر .
.
….. من هنا يمكن أن نتعرف على حجم المعركة بأطرافها ، وأبعادها وجذريتها وأهدافها الهائلة ، والذي يوازيها بل ويفوقها كثيراً حجم الانتصار القادم على طرفي المعادلة ، انتصار العقل على تاريخ طويل من الدوران في نفس الموقع ، والذي سيكون ساحقاً ومدوياً ولن يقتصر مردوده على سورية ، بل سيعم تأثيره جميع دول الشرق الأوسط بل والعالم . لأنه انتصار للعقل وهذا وحده الطريق إلى التقدم وإلا فلا تقدم وسنبقى نراوح في زماننا ، لكن بعد أن تتلبسنا عقلية فقهاء القرن السابع الميلادي فنتقمصها ،
… لذلك ولما كانت محميات الخليج تدرك مدى انعكاس هذه الحرب حتى على مستقبلها ، ومدى خطورتها والتهديد الجدي الذي سيواجهها في حالة الخسران ، لذلك وضعت كل بيضها في سلة الدول الغربية ، وقامرت بكل رصيدها المالي والفقهي ، مستنفرة كل ارهابيي العالم الذي يدينون بالولاء لفقهها الوهابي ، ولقد جعلها الرعب تتصرف برعونة حد الحمق في اليمن وفي سورية لأنها تعتبر المعركة واحدة والمصير واحد .
.
…. نعم لا تقدم للمنطقة ولا خلاص لها بدون هزيمة محميات الخليج عسكرياً ودينياً ، لكن والذي لم تحسب محميات الخليج له حساباً ، بأنها ستخسر الحرب في الذهاب إلى الحرب وفي العودة منها ، فعندما تخسر الحرب عسكرياً سيتوجه الارهابيون إلى البيئة الحاضنة في المملكة التي تشبههم فقهاً وسلوكاً ، والتي دعمتهم بالمال والرجال ، فهم أبناؤها والأبناء سيذهبون إلى حضن أمهم المرضعة ، وهناك وكما قلت سابقاً قد تضطر السعودية راغمة الطلب من الجيش السوري حمايتها ، لأن دول الغرب ستتركها لقمة سائغة لكل وحش ، فهي لم تعد راغبة أو قادرة على زج جنودها في الحرب ، بعد تجربة العراق . كما أنها لم تعد قادرة على اخفاء وتغطية ئدور السعودية في ولادة الإرهاب الدولي .
….. فالانتصار على العدوين دفعة واحدة سيشكل خلاصاً وانعطافة تاريخية ستغير مجرى التاريخ .