..زيـارة سيبــنى عليـها وسيضعها الأصـدقاء والأعـداء في أرفع الاهتمام.
…ليسا وزيرين للزراعة بل رؤساء أركان جيوش ثلاثة فما وراء الأكمة ؟
….من لا يرى أن الزمن تغير، من لا يرى من الغربال يرى أفضل منه.!!
المحامي محمد محسن
من يعتقد أن أمريكا لا تهزم، عميلاً كان، أو لايزال في طريق تأهيله ليكون عميلاً، حديثي ليس موجهاً له، لأن في أذنيه وقر، من الحقد الذي سيبقى يتفاعل والذي سيأكل البصر عنده والبصيرة، لأن اقراره بهذه الحقيقة الساطعة، هو موت سريري له، ولآماله، ولأحلامه، ورغباته، والتي تنامت حتى وصلت بالبعض إلى النزول في مطار ( بن غوريون ) ك ( فهد المصري، واللبواني، ) والبعض استشفى في مشافي اسرائيل ليعود لقتال جيش وطنه، وتم استقبالهم أحر استقبال، بعد أن قدموا أوراق اعتمادهم إلى السلطات الإسرائيلية ، متوسلين أن تقصف اسرائيل ما بقي من الوطن الذي كان وطنهم، ليستريح غلهم قليلاً، ولكن عندما لم يحدث ، ولن يحدث، باتت مشاعرهم كمشاعر المتسول، التي تآكلت، حتى أكلت كل صبره واستصباره وأصبح (عميلاً مرذولاً على قارعة الطريق ) .
.
كنت قد أكدت منذ سنوات أربع، أن محور المقاومة، لم تتعزز خبرته من خلال الميدان السوري المشترك فحسب، بل الأهم تواصله الجغرافي، الممتد على مساحة أربع دول، بات مصيرها واحداً، لأن العدو واحد، وعلى الجميع أن يدرك أن العراق الشقيق، سيبقي على الآلاف من الجنود الأمريكيين على أرضه هو واهم ومشتبه، لأن العراق الذي كان، لم يستيقظ من الرهاب الأمريكي فحسب، بل بات الأمريكي أثير رهابه من العراقيين، [ فالشعب العراقي الذي دفعته المحنة إلى استيلاد الحشد الشعبي بفصائله المقاومة، ] .
خلال فسحة قصيرة من الزمن شعب خلاق وبات فعلياً جزء أساسي من محور المقاومة، الممتد من ايران وصولاً إلى لبنان مروراً بالعراق وسورية، أي بات هذا المحور يمتلك القدرة على الدعم اللوجستي لقواته بسرعة أكبر، سلاحاً ورجالاً، بعد تواصله جغرافياً، ( وكنت قد أكدت على ذلك منذ سنين ) وكان الكثير من الغيورين يسألونني من اين تجيء بهذا التفاؤل، الأقرب للحلم، لا أقول هذا للتباهي، بل هو مجرد سعي لتذكير المشتبهين من الوطنين، من أن ينتقلوا من اهتزاز الرغبة والحلم، إلى تأكيدهما، والخروج إلى ضوء الشمس الساطع، لأن المستقبل رغم متاعبه سيكون أبهى مما كانوا يعتقدون .
.
لا يمكن لأي باحث أن يحيط بأبعاد هذه الزيارة الاستراتيجية وغاياتها، لأن لها مروحة من الانجازات، المركبة، والمتراكمة، كلما كشفت عن مدماك منها، تبين لك مداميك أخرى، فوقه، وتحته، وإلى جانبه، لا يمكن حصرها، بعضها سيبنى عليه الآن وسيتم استثماره فوراً، وبعضها سيبنى عليه بعد حين من الدهر، بعضها تكتيكي وراهن ومؤقت، وبعضها استراتيجي بالغ التأثير، وسيكون ذات أبعاد مديدة سيعم تأثيرها كامل المنطقة، أنظمة، وممالك، وتحالفات، ( أما اسرائيل فسيكون لها حساب آخر )، لأن تأثيرات هذا التحول ستتوالد من بعضها وتتوسع على مدى عقود، ولكن ومع كل هذا الذي حدث في رابعة النهار، ستجد من يشكك بأهمية هذا اللقاء، قياساً على ما حدث في مراحل تاريخية سابقة، من تقارب لم يدم طويلاً حتى انهار، بل خلف وراءه آثاراً سلبية على العلاقات بين البلدين الشقيقين العراق وسورية، ولكن نحن نقول لهم الآن افتحوا أعينكم الزمن دار دورته .
.
……………..ونحـــن نقــــر بهــــذه الحقــــــائق .
نؤكد أن العراق لم يعد عراق صدام حسين، ولا عراق ( بريمر المندوب السامي الأمريكي )، ولم يعد الجيش العراقي الجيش الذي تمت لملمته بعد تسريحه من قبل الأمريكي، بعد احتلال العراق، بل بات الجيش جيش عراق المستقبل، عراق [ الحشد الشعبي البطل، ] ( الذي ضم، حزب الله العراق، عصائب أهل الحق، وغيرهما من حركات المقاومة، ) فعلى من يحاول تقييم الواقع في المنطقة، عليه أن يأخذ هذا التحول الكبير في الحسبان، وإلا لن يقترب من الحقيقة، أما أيران فلها أمر آخر، لأنها الدولة التي كانت قد حسمت موقفها منذ دخول الخميني طهران، عندما قال:( الموت لإسرائيل، والموت لأمريكا، وكل حلفهما ) .
.
حتى لا توضع الزيارة في موقعها الاستراتيجي الأهم، أو حتى يتم التقليل من أهميتها الاستراتيجية، راحت بعض المحطات العميلة ، التي تعودنا على دسها، سواء الموالية للغاز القطري كالجزيرة، أو الموالية للنفط السعودي كالعربية وتوابعها، وبدأ المحللون السياسيون فيها يقدحون زناد أفكارهم مفتشين عن بعد سلبي للزيارة، البعض فسرها أنها دلالة على جفوة مع روسيا، وأنها اعلان صريح على عدم توافق الدول الثلاث مع السياسة الروسية، ولكن خاب تقديرهم كما خاب فألهم، لأنه وفي اليوم التالي بالضبط، يُستقبل ( شويكو ) وزير الدفاع الروسي في قصر الشعب، استقبالاً يليق بالكبار لأنه لم يأت بصفته وزير دفاع لروسيا فقط، بل جاء ممثلاً للرئيس الروسي، حاملاً رسالة من ( بوتن ) الحليف الاستراتيجي، ومع ذلك سيبقى أولئك السلبيون يبحثون عن الورقة الصفراء في الوردة .
.
وحتى لا يتعب السلبيون المتدرجون من السلبية إلى العمالة، سنريحهم بالقول : نعم لكل دولة من الدول الأربع مصالحها، وسياساتها، وتحالفاتها، وقد تتعارض ايضاً وهذا أمر يجب أن يكون، ولكن غالباً ما تتقاطع وتتلاقى، ولكن وحتى نحسم الأمر، نقول : في حالة التحدي المصيري، والتحدي الكبير، والانعطافة التاريخية، التي تحيط بالدول الأربع الآن، لا يجوز … نعم لا يجوز ( التنكيش ) عن التباينات وتضخيمها حتى تصبح تناقضات، لأن هذا ليس من اختصاص المحلل السياسي أو المواطن العادي، فذلك اختصاص حصري للدائرة الأولى من العسكريين والسياسيين الاستراتيجيين، التي يكون في قمتها الرؤساء الأربع، بل من واجب من يتصدى للعمل في حقل المعرفة السياسية، تأكيد أهمية التلاقي الاستراتيجي، والرد على المشككين والراغبين الاصطياد دائماً في الماء العكر .
.
الأكثر اهتماماً في تقويم الزيارتين وأبعادهما، وتحديد ما ورائهما، والرسائل التي ارادت ايصالها من حيث الشكل والتوقيت، هما استراتيجيو المعسكر الغربي، وعلى رأسهم أمريكا، أما اسرائيل فيمكن أن نَصف واقعها وكأنها في مأتم، ويأت في الدرجة الثالثة الأوروبيون المنخرطون في حلف الناتو، الذي بدى على تصرفاتهم البدئية محاولة التململ، للخروج من واقعهم الذي أصبح ضاغطاً في شتى الميادين، وبخاصة من ( الحلف ) الرباط الفضفاض الذي لم يعد يخيف احداً، والذي ألغى الشخصية الأوروبية المستقلة، وصورها أمام شعوبها أنها مستعمرات أمريكية، حتى القواعد العسكرية الأمريكية المبثوثة في كل الدول الأوروبية، بات ترامب نفسه يعتبرها عبأً على الاقتصاد الأمريكي، لذلك سيبدأ ترامب وبكل تأكيد التخفيف منها، ومن جميع القواعد العسكرية الأمريكية في كل العالم حتى في محميات الخليج وغيرها، وبخطوات متسارعة .
.
يبقى أن نتحرى بموضوعية المنعكسات الاستراتيجية للزيارتين :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال : رئيس الأركان العراقي في مؤتمره الصحفي، سنفتح الحدود وسنعزز علاقاتنا الاقتصادية مع سورية، وهذا الاعلان لا يجوز أن يمر على عواهنه لأنه سيترتب عليه آثار تاريخية لا يمكن حصرها .
وقال : رئيس الأركان الإيراني دخلنا الأراضي السورية بموافقة الدولة السورية الشرعية ولن نخرج منها إلا بطلب من الدولة السورية، وهذا القول قضى على تخرصات بعض المرجفين .
هذا كان في العلن، أما ما دار بين الجدران بين القادة العسكريين فلا بد وأن تظهر مفاعيله على مستوى الميدان العسكري، بأسرع مما يتوقع العدو، فإذا ما أضفنا لما فات، تصريح وزير الدفاع السوري، عندما أكد على تحرير ادلب، أما شرق الفرات فسيكون سلماً وإلا سيكون حرباً.
وأنا أثق أن توقيت زيارة ( الرفيق شويكو )ما جاءت إلا لتقول نحن مع ما اتفقتم عليه وسيكون لنا دورنا الأساس .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
……………فكــــيف نــــرى المستـــــــــقبل ؟؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأول ـــــ لم يعد القطب المشرقي حلماً بل بات حقيقة ترى، لأن المصلحة المشتركة، وميدان المواجهة المشترك، ليس في سورية فحسب، بل توسع حتى وصل إلى امريكا اللاتينية، ولابد أن يتوسع لأن القطب الجديد ، لن يبقى في حالة رد الفعل، بل سينتقل إلى الفعل، وسيأخذ كل فسحة تخلى عنها القطب الغربي الاستعماري مرغماً، وستصبح الفسحة مجالاً ودولاً .
ليس من خلال قوة وفاعلية القطب الشاب الجديد فقط، بل من خلال تراجع وانكفاء القطب الأمريكي المتوحش، الذي كسرت بعض أنيابه عندنا .
.
ثانياً ــــ أيضاً لم يعد محور المقاومة مجرد احتمال، وأماني، بل بات يرى في العين المجردة، ويسمع ويرى من محطات العدوان، ومن ردود الفعل التي ستنعكس على أفعال، وسلوك، ومواقف معسكر العدو، بكل تشكيلاته وتوابعه، وملحقاته .