…….علينا أن نتعامل معها على هذا الأساس، في تحالفاتنا، وفي حياتنا اليومية
…….أمريكا نزلت بكل أسلحتها المباشرة، والاحتياطية، إما قاتـلة، أو مقتـولة،
المحامي محمد محسن
عندما ننظر لهذه الحرب من هذا الأفق ، ونتعامل معها على هذا الأساس، نصوبُ حينها مسارنا ومواقفنا السياسية والحياتية، مع حلفائنا، ومع أصدقائنا، ومع حتى مؤسساتنا الداخلية، ونستعد للتعامل مع هذه الحرب العالمية، على جميع الصعد، ونستنفر جميع طاقاتنا حتى الكامنة منها للمواجهة، كما استنفرت أمريكا كل أسلحتها ، وأسلحة حلفائها، ومن يأتمر بأمرهم، وبخاصة زراعها الطويلة ” اسرائيل ” وأجرائها في محميات الخليج، ، كما استنفروا في هذه الحرب السلاح المذهبي، بكل تفاصيله، الذي تم اعداده منذ قرون، وليست عقوداً، لمثل هذا اليوم الفاصل، الذي يُكرَمُ فيه المواطن المسلم، أو يهان، ليس في سورية وحدها، بل في كل الدول العربية .
.
ولا يجوز أن ننسى عملاء الداخل، الذين خرجوا على الوطن والتحقوا في كتائب العمالة، حيث استخدموا المذهبية، وكل التناقضات الاجتماعية، والسياسية، لتبرير خروجهم، أما الذين بقوا داخل البلاد، ليُستخدمون كسلاح احتياطي، في بَثِّ الشائعات، وترويجها، وتهديم همم الساعين لمواجهتها، والعمل على حرف اهتمامات المواطنين المتعبين، من الخطر الوجودي الذي يحيط بهم ، إلى التلهي بأمور حياتية تفصيلية، الناتجة عن عقابيل الحرب، او عن سلوك بعض الفاسدين المفسدين، الذين وفي جميع الحروب يلعبون دور الدود الذي ينخر جسم الاقتصاد الوطني، ويكدسوه في خزائنهم .
.
نعم هي حربٌ عالمية ليس لها مثيل في هذا العصر، ولن يكونْ، لأن أدواتها القتالية كانت طارئة حتى على التاريخ الحديث، فجميع الحروب التي خاضتها أمريكا، وهي تجر وراءها أوروبا الغربية العجوز، في أوروبا الشرقية، والبلقان، وتمزيق يوغسلافيا إلى خمس من الكانتونات الصغيرة، ثم انتقالهم إلى جورجيا، وأوكرانيا، ثم جاء دور ( الربيع العربي ) ابتداءً من ليبيا، وتونس، ومصر، ومن ثم لايزالون يحاربون في سورية واليمن، وكانت العراق قد أُكلتْ قبل أن يؤكل الثور الأبيض، وهم الآن يقاتلون في فنزويلا في أمريكا اللاتينية، كل هذه الحروب الملونة، ( المخملية، والبرتقالية، والربيعية ) رغم أهميتها، واتساعها، وشمولها لثلاث قارات، وما أدت إليه من قتل، وحصار، وتمزيق، وتدمير، وتجويع .
…………………….[ كلــــها ليـــــست إلا حـــــــروب تمـــــــهيدية ]
.
جميع هذه الحروب مجتمعة رغم أهميتها، كانت أمريكا تعتبرها بمثابة الجائزة البرونزية أي الجائزة الثالثة، أما الحرب على سورية فهي الجائزة الفضية، لأنها تختلف أهميتها عن جميع الدول التي سبقتها من حيث الأهمية، ومن حيث المردود، وذلك لعدة أسباب منها : الأهمية الاستراتيجية ( جغرافياً، ولا ننسى تاريخياً وهو الأهم )، ولأن سحقها، وتفتيتها، وكسر عنفوان جيشها، وشعبها، تكون أمريكا قد أنجزت ما تعتبره راحة تاريخية مديدة لها، من منغصات هذه الدولة المعاندة، لأن سقوطها يعني سقوط المنطقة، ( كصحن من البورسلان الصيني )، والأهم اغلاق الدنيا امام حزب الله، وتشتيته، أما حركات المقاومة الفلسطينية فدمارها يأتي تلقائياً، من خلال التضييق عليها وقطع أنفاسها .
.
وعندها فقط تسمح للوكيل الحصري، ( إسرائيل ) بالسيطرة نهائياً على المنطقة، من ما قبل مضيق هرمز بكثير، مروراً بالعراق، وصولاً إلى ( جوبا) عاصمة دولة جنوب السودان، وإلى طنجة وسبتة ومليلة، وما فوق الصحراء الكبرى وما تحتها، أما ممالك الخليج واماراتها فستكون لعبة يتلهون بها، وبدون مبالغة سيكون الملوك والأمراء ( كركوزات ) يضحكون عليهم، ويتلهون بنبش نمط حياتهم البازخة، وكيفية اشباع غرائزهم الجنسية، وسياراتهم المذهبة، والأموال التي تصرف في الكزنوهات، وبيوت القمار العالمية، وسيضرب المثل بوحشيتهم في معاقبة، المعارضين من شعوبهم وذلك بقطع رأس المعارض بالسيف في الساحات العامة، أما المنشار فلقد أدخله الأمير محمد من سلمان كأداة جديدة لمعاقبة خصومه، والذي تم استخدامه لأول مرة في ( تقطيع المغفور له قوشقجي ) .
…………………….لـــــــــــــــــيس فــــي هــــذا أيــــة مبـــــــــــــالغة ….
.
……………ولمــاذا استخدمت أمريكا الارهاب ضد ســـورية ؟
.
لقد تمايزت الحرب على سورية، حتى عن الحرب في افغانستان رغم وحشيتها غير المسبوقة، والتي أبادت الملايين، ولكن نشترك معها فقط ، من حيث الصانع والمصنوع، فأمريكا هي التي أشرفت على صناعة أداتي القتال هنا وهناك، ( القاعدة بتفرعاتها، وداعش )، طبعاً على أرضية الفقه الديني ( الاسلامي بنسخته الوهابية ـــ السعودية، مع تفريعات اخوانية ) ، لكن تلك الأداة في افغانستان ارتدت على صانعها فأكلته، أو تكاد، بحجة أنها تدافع عن وطنها ضد المحتل، أما الحرب التي تشن علينا : فلقد تكاتف ضدنا الأداة، وصانعيها، الأمريكان، والسعودية ، وقطر، وتركيا، والاخونج، وكل من ينضوي تحت المظلة الأمريكية في كل أرجاء الأرض ) دولاً، ومؤسسات عسكرية، واستخبارية، واعلامية، مع تنوع هائل في مصادر السلاح، طبعاً مع ( اسرائيل الارهابية المصنعة أيضاً قبل قرن ونيف من قبل أوروبا، بالاعتماد أيضاً على الفكر الديني اليهودي العنصري ) .
.
لقد استخدمت أمريكا الوحش الارهابي المسلح حتى الأسنان، بعد تجربته وتأهيله قتالياً في الميدان السوري، لتوظفه في حروبها القادمة والحاسمة ضد روسيا، والصين، وذلك بنقلهم إلى الجمهوريات والتجمعات الاسلامية في روسيا، والقريبة منها، كما وستحول قسماً منه باتجاه الصين، حيث يتواجد المسلمون ( الايغور) في شمال وغرب الصين، لذلك كانت أمريكا مستعجلة لسحق سورية والسيطرة عليها، بيوم أو بعض يوم، لتكون ميدان تأهيل لقطعان الارهابيين، لذلك حشدت لها ومن جميع الدول، كل قاتل، أو راغب في القتل، ما يدمر بلداناً وليس بلداً واحداً، متأكدة من أن النصر لاريب فيه .
.
لذلك نزلت إلى الحرب مستعجلة، ومطمئنة، وأنها بسيطرتها على سورية، طبعاً بعد تمزيقها، وتدميرها، تكون قد حققت أهم غايتين : قتل سورية، شعباً، وجيشاً، وتاريخاً، وإغلاق البحر الأبيض المتوسط، بمياهه الدافئة في وجه السفن والبوارج الحربية على الأقل الروسية، والصينية، عندها تكون قد أنجزت كل الممهدات، والاستعدادات، للحرب الثالثة والنهائية، والتي تعتبر الحرب الخاتمة، ألا وهي قبر الحلم الروسي الصيني بتشكيل الحلف المشرقي الموازي، وتحويل هاتين الدولتين ، إلى دولتين اقليميتين ، خاضعتين أيضاً للسياسة الأمريكية، وعندها تجلس أمريكا على رأس العالم ، تقوده ( بالمساس ) ومن يعترض يموت أو يستعبد، وتعيد بذلك ارثها التاريخي ( قبل 1492 ) عاماً، عندما قضت على حضارة شعوب أمريكا الأصليين، كما تعيد صورة استعباد العبيد الأفارقة .
.
………………..كان هذا هو الحلم الأمريكي، وهذه مخططاتها وجرائمها .
.
لكن الذي حدث أن روسيا التي كانت قد أخذت عنوة جزيرة القرم، بقاعدتها العسكرية، على البحر الأسود، نتيجة خسران أمريكا للحرب التي افتعلتها ضد روسيا في أوكرانيا، التي أعطت الروس دفعة عالية من الثقة بالنفس، وكان الدرس المذل المهين الذي تلقوه في ليبيا نتيجة موقفهم المتردد والخائف، في عهد مدفيدف، وصمود الجيش العربي السوري، ومن ورائه شعبه، أمام أعتى حرب عالمية .
كل هذا جعل روسيا لا تنتظر وصول نار الارهاب المتوحش إلى أراضيها، فلاقت أمريكا وحلفاءها وأدواتها إلى الميدان السوري، وهنا اختلطت دماء الحليف الروسي، والصديق الإيراني، وحزب الله، وقوى المقاومة الأخرى، مع دماء جيشنا البطل، وضمخوا تراب سورية وعطروه بأرواحهم .
.
[ من الدماء المشتركة، والمصلحة المشتركة، والعدو المشترك، والخطر الحضاري المشترك، أمر التاريخ بتشكيل القطب العالمي المشرقي، وكلفه برد غائلة الوحش المتوحش الذي فتح فمهُ ليلتهم العالم، والذي لقمه الميدان السوري حجراً . ]
.
نعم بات الحلف حقيقة واقعة ولا فكاك منه، لأن لكل الحلفاء ( روسيا، والصين، وإيران، والعراق، وسورية،) مصلحة حياتية في الانتصار، فإن أوقف القطب الهجمة الأمريكية، ينتصر الحلف، بكل دوله، وتسود مرحلة من الاستقرار، تسمح بترميم ما دمر، وينعكس هذا على شعوب العالم بأثرها، لأن الغول الأمريكي المتغطرس، عاث في العالم فساداً وتدميراً… كفيلٍ مجنون يركض في حديقة يدمر كل ما يراه، من الفيتنام، إلى الصومال، فافغانستان ، في جولته الأولى ، ومن ثم البلقان، والعراق، ولا يزال يدمر في ليبيا، وسورية، واليمن، وفنزويلا .
.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
…..الحلف المشرقي بات ضرورة حياتية للشعوب المتحالفة، وعلى الجميع حكومات وشعوباً الحفاظ عليه، والعمل على تعزيزه، ومحاربة أية محاولة للنيل منه، أو تجريح له ، مع الإدراك أن التحالف لا يعني التطابق، بين دوله في جميع المواقف والسياسات، أما الأمور الاستراتيجية، فلا محيد عنها لأن لجميع دوله المتحالفة مصلحة في تدعيمه، والالتزام بمقتضياته، ولما كان وجوده استجابة موضوعية فرضها التاريخ، سيكون الانتصار حليفه .
…..ولما كانت أمريكا قد أخفقت في جميع الحروب العسكرية التي خاضتها، لذلك جاءت بالرئيس الأرعن ترامب، الذي أشهر جميع أسلحته حتى الاحتياطية منها، الاقتصادية، والنفسية، وحتى المالية، ونزل بها يواجه العالم، وهذه دلالة على الانفعال وفقدان التوازن، لذلك ووفقاً لقانون ( الحاجة أم الاختراع ) ستدفع الدول المتضررة إلى التكاتف وخلق البديل المواجه، اقتصاداً بديلاً وعملة بديلة، وتلحق بأمريكا صفعة تاريخية مميتة .
……نعم نحن نواجه حرباً عالمية متوحشة، استخدمت فيها جميع الأسلحة القذرة، ولا رحمة فيها .
……………..ولكن من فك الحصار عن دمشق ، وعن حلب ، وحمص، وغيرها، سيجتاز بقايا الحرب العسكرية والاقتصادية .
…………………………وسينــــــــــــــــــــــــــتصر .