د .م . عبد الله احمد
الاحداث الحالية في الشرق الاوسط والتصعيد ضد ايران والمنطقة يجعلنا نعود الى خمسينيات القرن الماضي والسياسات الامريكية تجاه مصر والقضية الفلسطنية ، نفس اللاعبين وتقريبا نفس السياسات ، ايران الان هي بمثابة مصر في الخمسينات حسب مايكل بوران مؤلف كتابة مقامرة ايزنهاور …
وهنا لا بد من تسجيل عدة ملاحظات حول ما يجري في المنطقة، وطريقة مقاربة الاعلام العربي للسياسات الامريكية وآليات اتخاذ القرار ..
– الاعلام العربي بمجمله لم يفهم بعد آلية اتخاذ القرار في الولايات المتحدة الامريكية ولايعرف ما هي الرسالة التي يريد توجيهها للمشاهد أو المستمع (واتحدث عن الاعلام المحسوب على المقاومة والاعلام الاخر ) ، هناك تخبط في الفهم وفي الرسالة والقول بأن ترامب هو أحمق يدل على حماقة هذه المحطات والمحلليين، فالخطاب العاطفي لا يفيد …الا ضمن حملة مدروسة وبكلمات مختاره ..
– الرئيس الامريكي وحتى وزارة الدفاع والخارجية الامريكية ليس من يتخذ القرار النهائي وانما لهم ادوار محددة في تنفيذ الاستراتيجية الامريكية (السياسات تصنع في الظل من قبل من يهيمن على القرار )
– ايران تشكل معضلة امريكية في الشرق الاوسط ، وسوف تستمر المواجهة معها بشكل عنيف وباشكال غير متماثلة مع محاولة تلافي الحرب الشاملة في هذه المرحلة .
ومن المفيد اعادة قراءة مذكرات جون فوستر دالاس أهم وزير خارجية امريكي (كان وزيرا للخارجية في عهد ايزنهاور)…
حيث يكتب في مذكراته ….”هل كانت الولايات المتحدة تقف الى جانب العرب؟…سياسة كهذه كانت مستحيلة ، لان ” اسرائيل كانت في الحقيقة حبيبة اليهود في جميع أنحاء العالم ، والعالم اليهودي كان قوة هائلة في الواقع “، واصل….
ذهبت الادارة بعيدا في محاولة الحد من سياسة وموقع اسرائيل ، وأظهرت تعاطف كبيرا مع العرب أكثر من أي إدارة سابقة……………..، وعندما تأسست اسرائيل كان كلا من وزارة الخارجية والدفاع على اتفاق بأن إنشاء اسرائيل في هذه الظروف ، سيقود حتما الى وضع في الشرق الادنى يشكل تحديا لنا ، ومع ذلك فإن النصح والتحذير من قبل وزارة الدفاع والخارجية تم تجاهله …
البرهان الافضل عن قوة اليهود عالميا ، هو ان الاتحاد السوفياتي كان يلمح باستمرار للدول العربية بأنه سيقوم بمساعدتهم على تفكيك اسرائيل ولم يجرؤ على معالجة هذا الوضع ، …… ، وسط كل حلفائنا لا يوجد أحد يمكن له دعم السياسة التي يطالب بها العرب تجاه اسرائيل . ولا يوجد حالة في هذا العالم غير هذه الادارة التي اعطت مزيد من التفكير حول الخلاف العربي –الاسرائيلي ….”
ولكن لابد من الاشارة هنا الى أن الفرصة الضائعة للعرب في مرحلة الخمسينيات وبداية الستينيات كانت بسبب بحث النخب السياسية عن المجد الشخصي اولا وقبل كل شيء ..وعلى الرغم من وجود شخصية استثنائية “جمال عبدالناصر” في مصر ، الا أن سعيه وراء المجد الشخصي قد سبب كوراث فيما بعد ، على الرغم من أن الظروف كانت مناسبة لتحقيق أهداف العرب بشكل مستدام ..للاسف لم يحدث ذلك …
وفي القراءة هناك دائما خطورة كبيرة من أن تؤدي الايديولوجيا والسعي وراء المجد “الشخصي” الى افعال تتناقض مع المصالح الوطنية للدول المعنية ..
نحن في مرحلة إعادة تشكيل المنطقة والعالم وهي مرحلة خطرة وقد تستمر لسنوات ، علينا القراءة العميقة كي نتمكن من حماية مصالحنا والشرق الادنى بالاخص …
وللحديث تتمة في بحث تفصيلي عن السياسات العربية خلال ال100 سنة الماضية –الدروس المستفادة (سوف يصدر قريبا ان شاء الله ..)