داعش والوهابية…..و ….”الداعشية العلمانية ”
د . م . عبد الله احمد
الحالة الأولى :
بصراحة قرأت مقال “الداعشية العلمانية ” للدكتور مهدي دخل الله عدة مرات ولم أكن أريد التعليق ، إلا أن هذه المقالة تحتوى على كم هائل من المغالطات ، والنقاط التي تحتاج إلى توضيح :
1- العلمانية هي مُشتقّة من اليونانية بمعنى “العامّة” أو “الشّعب”، وبشكل أدقّ، عكس الإكليروس أو الطّبقة الدّينيّة الحاكمة وهي فصل الدين عن الدولة بالمعنى العام وبالتالي فهي ليست ايدولوجيا أو أفكار جامدة وإنما متطورة ومتجددة وتُعتبر جزءًا من النّزعة الإنسانيّة الّتي سادت منذ عصر النهضة؛ وبالتالي لا يمكن مقارنتها بالداعشية لان العلمانية نقيض التطرف والجمود والداعشية ، وبالتالي استخدام هذا المصطلح “الداعشية العلمانية ” هو في غير محله ، هو بحد ذاته محاولة لإلغاء الآخر …
2- الداعشية لم تولد اليوم وإنما ولدت مع ولادة “التراث المقدس ” أي فيما كتب من صحاح وأحاديث بعد حوالي 200 سنة من إتمام الدعوة الإسلامية (وأصبحت هذه النصوص هي الأداة الأساسية للتسلط الديني والتطرف والاستيلاء على السلطة باسم الدين ، ومازالت هذه المراجع والصحاح تدرس وتعتمد ويمنع المس بها ، لأنها يجب أن تبقى مقدسة وإلا يهدم الهيكل”
3- أما قصة “المتدين يمكن أن يكون علمانياً” فيمكن أن يكون ذلك صحيحا فقط في ظل دولة مدنية وعلمانية عندها يكون الدين حرية شخصية لا تفرض على الآخر ، ولكن إذا كان هذا المتدين جزء من مؤسسة دينية (تستخدم الدين كأداة للحصول على السلطة) فهذه المعادلة غير صحيحة .
4- الدولة الأموية والعباسية …و…والمواطنة …هذا غريب جدا ، الدولة الأموية والعباسية هي دول دينية بحتة وهي التجلي الأوضح لاستخدام الدين كأداة لتحقيق غايات سياسية ، فالوصول إلى السلطة كان من خلال البيعة ، ولا يوجد شيء أسمه مواطن ، أما القتل الطائفي فكان في أكثر أشكاله همجية ،وتوسعت الدولة الأموية تحت شعار “التبشير الديني ” أي نشر الإسلام بالسيف ، وهكذا بنيت إمبراطورية مستخدمة الدين كأداة وتوسعت هذه الإمبراطورية وهذا أمر لا خلاف عليه ،إلا أن الاستشهاد بالتاريخ لمناقشة فكرة العلمانية من باب أن الدوله الأموية كانت علمانية فهذا ما يريده أصحاب الدين السياسي ،من أجل تفريغ المصطلح من معناه.
الحالة الثانية :
أذكر الأستاذ يحي أبو ذكريا أن سبب وجود الحالات الشاذة في المجتمعات العربية والإسلامية هو ما ذكرته في البند 2 ، أما انتقاد الحالات والظواهر التكفيرية بشكل انتقائي وإرجاع سبب نشؤها إلى الاستعمار الغربي فقط..فذلك لا يفيد (وهذا يشمل داعش والوهابية كما ذكر د.يحي أو ذكريا) أعتقد أنه علينا البحث بالجذور أولا …فالجذور زرعت في المنطقة والعالم الإسلامي كما ذكرت في البند2 ، ومن الطبيعي أن يستخدم الغرب كل ذلك من أجل تدميرنا كون ذلك يخدم مصالحه (داعش هو صناعة غربية إلا إن المواد الأولية من المنطقة)، النقطة الأهم هي : قبل أن ننتقد الغرب هل نملك الجرأة في مراجعة وتنقيح “المقدس المفترض” من أجل استئصال جذور الإرهاب ؟ تلك الجذور التي تدرس في كل المؤسسات الدينية حتى الآن ..وإن كنا لا نملك تلك الجرأة فكيف تكون محاربة الفكر التكفيري ؟
علينا أن نحصن أنفسنا ودولنا من خلال بناء دول قوية علمانية تسود فيها المواطنة ،ويفصل الدين عن الدولة عندها لن تكون هناك أي أهمية لذلك التراث “المقدس” وهو ليس كذلك …..التطرف مرفوض أي كان ، والتطرف يقود إلى الهلاك ….سواء أكان ذلك التطرف “قوميا- ألمانيا النازية ” أو دينيا “داعش والإخوان والوهابية وأخواتها “.