لا حروباً كبيرة وشاملة ، لا لأنهم لا يرغبون ، بل لأنهم لا يتحملون أوزارها
اخــتل المــيزان ، وما على أمريكا إلا الرحــيل ، وتـــرك اسـرائيل مكــشوفة
لقد باتت القواعـد الأمريكية ، واســرائيل ، وممالك الخليج ، مهــددة وجــودياً
المحامي محمد محسن
[ أكدت على هذه القناعة منذ تاريخ 22 / 12 / 2014 / على هذه الصفحة ولا أزال أثق بصحتها ]
على جميع الباحثين ، والدارسين ، والمهتمين بالتاريخ ، والحضارة ، والانتقالات التاريخية النوعية ، أن يدركوا أن الحرب على سورية قد شكلت فالقاً تاريخياً ونقلة نوعية بين زمنين . ـــ لا تقيموا وزناً لآراء العملاء والمتشائمين ــــ
فدخول ترامب البيت الأبيض رئيساً ، قادماً من الكارتلات الصناعية ، لا من المؤسسات السياسية ، يؤكد أن أمريكا تعيش أزمة كبيرة عبرت عنها بهذه الولادة القيصرية ، وهذه الأزمة ناتجه عن السياسات الأمريكية العدوانية ، التي اغتالت مستقبلَ شعوبٍ .
فالسياسة الأمريكية عبر العقود السبعة ، التي سيطرت بها على المنطقة ، كانت تهدف إلى تحقيق غايات ثلاث ، السيطرة على النفط عصب الاقتصاد ، ودعم اسرائيل زراعها الطويلة ، الوكيل الحصري لها ، واغتيال أي نزوع نحو الحرية ولو ( بدئي ) في كل المنطقة .
لقد تمكنت أمريكا عبر هذه الحقبة الطويلة من تحقيق ذلك ، معتمدة على [ الأجراء ( ملوك ، وأمراء ، وعملاء ) ] والذين نهضوا بمهماتهم في زرع التناقضات الطائفية ، والمذهبية ، وخلخلة المجتمعات ، ومن ثم تفجيرها في كل تلك الحقبة ، وإن تعقدت الأمور وفاض الواقع ، وانتصر مجتمع ما على هذه التناقضات وحاول تجاوزها ، كانت اسرائيل تتكفل بسحق ، وتأديب ، أي تجاوز للخطوط الحمر التي رسمتها أمريكا .
لكن وبعد هزيمة اسرائيل في لبنان عام / 2000 / على يد المقاومة البطلة ، وبعد إذلالها وهزيمتها عام / 2006 / أيضاً ، تبين لأمريكا أن ذراعها ( اسرائيل ) باتت هي ذاتها بحاجة إلى حماية ، وأن بعض ( الوكلاء من الرؤساء ) قد شاخوا ، فقررت الحضور بذاتها إلى المنطقة ، واعادة ترتيبها مجدداً ، توطئة للقفزة الثانية باتجاه بحر الصين .
فَتَحْتَ شعار ( الربيع العربي ) دمرت ليبيا ، وقتلت القذافي (غير المنضبط ) بأقذر الطرق ، وطلبت من ( بن على ” الضعيف ” ) في تونس الرحيل ، وكلفت حركة النهضة ( الاخونجية ) بإدارة البلاد ، ورفعت الغطاء عن ( مبارك ” المتهالك ” ) وجاءت ( بمرسي العياط ” الاخونجي ” ) ، كل هذه التحولات والانتقالات تمت بسهولة ويسر ، مع بعض الصعوبات الجزئية .
قبل كل هذه الاجراءات العقابية التغييرية ، كانت أمريكا قد سقطت في مستنقعين لم تخرج منهما حتى الآن ، مستنقع ( افغانستان الذي انتزعته بالقوة من حكم تقدمي اشتراكي ينزع نحو العقلانية ، وسلمته إلى حركات تفكر بعقل جبال ” تورا بورا ” .
أما المستنقع العراقي فله قصة أخرى ، حرضوا صدام حسين ـــ بغض النظر عن سياساته الداخلية ـــ ، وسلحوه ، ومولوه ، ودعموه ، لسحق النظام الوليد في إيران ، الذي انقلب على الشاه صديق اسرائيل ، وحليف أمريكا ، ورفع شعار الموت لإسرائيل ، ولما لم يتمكن نظام صدام حسين من تنفيذ المهمة ، قطعوا عنه المدد فتمرد ، فكان أن جيشت له أمريكا الجيوش ، فَدُمِّرَ العراق بفرية كاذبة ، ولاتزال أمريكا غارقة أيضاً في مستنقع العراق .
……………..العقــــــدة الســـــورية التـــي كســــرت المــــنشار ….
جاءت أمريكا بجحافلها إلى سورية ، وهي تثق أن الحرب ستكون أقرب للنزهة ، قياساً على ما فات ، واعتماداً على القطعان الارهابية التي جاءت من كل عشوائيات الدنيا ، ونفاياتها الاجتماعية ، والتي قدر عددها / 176400 / ارهابي ، اضافة لما انضم إليهم من وحوش الداخل .
…..ولكــن أمريكــا هـــذه ارتكـبت خطـأين قاتلــين غيرا وجه التاريخ ….
1 ـــ نسيـــــــت العـــــــــمق التاريـــــــــخي لســــــــورية .
2 ـــ نسيــــت أن ســـــــــورية بوابـــــــــــة الشـــــــــرق .
خسرت أمريكا حربها في سورية ، وخسرت حصارها للشرق ( الصين وروسيا ) ، التي كانت غاية الغايات ، وسـدرة المنتهى عند أمريكا .
..هذه الخسارات التاريخية شكلت وبالاً على أمريكا ، وقلبت حركة التاريخ
…………………فماذا ترتب عليها ؟؟؟؟؟
مُزقتْ أستار الهيبة الأمريكية ، فقواعدها ، وبوارجها ، مع ” البتريوت ” ، وقفت عاجزة عن الحماية ورد التحدي ، لا لأنها ليست قادرة ، بل لأنها لا تستطيع تحمل تبعات الرد ، فقواعدها بدلاً من أن تكون مصدر قوتها ، أصبحت عبئاً ، لأنها باتت صيداً ثميناً ، وهدفاً سهلاً ، أمام الصواريخ الإيرانية وغيرها .
وخيبت واشنطن بعدم الرد ، آمال محمياتها في الخليج ، التي راهنت على حمايتها لها عقوداً .
…………………..أمــــا اســــرائيل فلــــــقد باتـــــت يتـــــــيمه .
فبخسارتها للحرب على سورية ، التي شاركت فيها بكل فعالية ، تكون قد فقدت الوظيفة التي كانت تقوم بها في المنطقة لصالح واشنطن ، والعضو الذي يفقد وظيفته يضمر ، ويتم التخلي عنه .
والتخلي هنا ليس اختيارياً أمام أمريكا ، بل قسرياً ، لأن أمريكا ذاتها انكشف الغطاء عن عدم جدوى حمايتها .
فحروب الصواريخ والمسيرات قلبت معايير الحروب في كل العالم ، وذلك لسببين : لأن المعيار في الحروب السابقة ، كان لمن يملك القوة النارية ، أما الآن فلقد بات المعيار لمن يملك القدرة على التحمل .
لذلك :
ولما كانت اسرائيل لا تستطيع تحمل صواريخ حزب الله ، فكيف ستتحمل الصواريخ السورية ، والعراقية ، والإيرانية ، أيضاً ؟؟؟ .
أما الممالك والامارات البلورية في الخليج ، المرعوبة من المسيرات اليمنية البدائية فكيف حالها وهي أمام الصواريخ الإيرانية .
لكل ما تقدم نقول :
ــــ على أمريكا أن تفكك قواعدها وترحل ، لأنها باتت عبئاً على ممالك الخليج وعلى أمريكا ذاتها ، بعد أن ثبت عدم جدواها .
ــــ ليس حلماً أن تطلب شعوب الجزيرة العربية ، النصرة من الجيش العربي السوري .