د . م . عبد الله أحمد
من الواضح أن العالم سوف يشهد تحولات دراماتكية في العقد الحالي ، وتبعا لهذه التحولات سيتشكل عالم جديد ، إلا أن شكل هذا العالم مازال غير واضح .
من جهة ، يترنح النظام المالي العالمي وهو في طريقه الى الانهياردون وجود بدائل حقيقية ، إلا أن هذا الانهيار سيؤدي بالضرورة الى اضطرابات وصراعات مركبة في مختلف أنحاء العالم ، كما أن العالم سوف يشهد أزمات اقتصادية حادة في اوروبا واسيا والولايات المتحدة الامريكية والصين وروسيا .
في الوقت ذاته، ومع التطور التقني الفائق ، وتغول النيوليبرالية سنشهد صراعات من نوع أخر (حروب افتراضية وأخرى مركبة باستخدام انماط حرب الجيل الرابع والخامس) ، بينما من الغير المتوقع وصول التطور التقني الى مستوى فائق خلال العقد القادم ، حيث أن التدجين الالكتروني للبشر على نطاق واسع يحتاج الى قرن على الاغلب (حروب الجيل السادس).
ومع ذلك، يفتقر العالم الى نمط اخلاقي مبني على قيم ومبادئ للارتقاء بالعالم ، ومع فشل الاديان والايديولوجيات (على الرغم من قوة عامل الحرب الروحية الميتافيزيقية ) وصول العلوم المادية الى طريق مسدود ، سوف نشهد تحولا كبير باتجاه علوم الطاقة الكونية وباتجاة تشكيل اطار عام للامن العالمي يأخذ بعين الاعتبار الانماط الغذائية والامنية واليآت مواجهة المخاطر ، إلا أن ذلك لن يحدث إلا بعد فترة طويلة من الاضطرابات والحروب، بالتوازي مع تحديات المناخ والتطورات التقنية الفائقة .
فيروس كورونا والصين :
تكثر التكهنات حول اسباب تفشي وانتشار هذا الوباء الذي سببه الفيروس في الصين ، ولكن من الغير معروف أسباب انتشاره ، هل هي اسباب لها علاقة بالسلوك الغذائي الصيني أما انه انتشار مبرمج في اطار حرب بيولوجية مصغرة ضد الصين ؟ من الصعب الجزم بذلك ، كما أن ألاسئلة المتعلقة فيما إذا كان فيروس كورونا قد أصبح وباء عالميًا حقيقيًا ومثيراً للقلق الشديد ، فسوف يعتمد على العديد من العوامل البيولوجية الرئيسية التي تحدد مدى انتشار المرض ومدى سرعة انتشاره ، ومدى خطورة ذلك. إنها أيام مبكرة من اندلاع المرض ولا يزال الكثير من العلوم الأساسية المحيطة بهذا الفيروس التاجي الجديد بمثابة لغز.
يأتي تفشي المرض في الوقت الذي سجلت فيه الصين أدنى معدل للنمو منذ عام 1990 ؛ سوف تؤثر صدمة أخرى على التوقعات العالمية بالنظر إلى أهمية الصين للنمو العالمي. بالإضافة إلى ذلك ، فإن الاهتمام الذي يتطلبه تفشي المرض يعني أن هناك مشكلات أخرى – مثل الوفاء بمتطلبات الشراء وفقًا للاتفاقية الاقتصادية والتجارية بين الولايات المتحدة والصين (“المرحلة الأولى”) – ستتراجع إلى أن تصبح الأزمة الصحية تحت السيطرة. تتزايد حالة عدم اليقين في الأسواق المالية ، حيث فقدت جميع مؤشرات الأسهم الأمريكية الرئيسية قوتها مع بداية الاسبوع .
الصين أمام قصة صارخة ومحيرة لقوة عظمى معرضة للخطر بسبب فشلها في مواجهة أزمة الصحة العامة ، بسبب ضعفها المستشري وسوء تقديرها، ومهما كانت الاسباب فإن تفشي الوباء بهذه الطريقة يكشف أن الصين ليست محصنة أمام الصدمات وانها مازالت غير مؤهلة لكي تكون قطب عالمي رئيسي رغم النمو الاقتصادي الذي حققته في السنوات الماضية
إذا انخفض النشاط الاقتصادي لمدة نصف شهر بمقدار الثلثين ، فإن هذا يعني انخفاض إجمالي الناتج المحلي بنسبة 2.7 في المائة (أو 380 مليار دولار) من 14.1 تريليون دولار هذا يعني انخفاضًا من معدل النمو السنوي بنسبة 6.0 في المائة – التقدير الأخير الذي أجراه صندوق النقد الدولي ، إلى شيء أقرب إلى 5.8 في المائة.
بكل الاحوال العالم أمام مفترق طرق ، والعقد الحالي يضعنا أمام تحديات كبيرة ، على أمل أن نستطيع في هذا الشرق اجتياز هذه العقبات والتحديات الاقتصادية والسياسية والعسكرية ، فالازمات والتحديات تخلق فرصاً ايضاً ، علينا الاستفادة من هذه الفرص .