محمد الدمشقي
ذبْ في هواها عاشقاً متصوّفا
و اصدح بحبٍّ في فؤادكَ هفهفا
…
قبِّل سناها و ارتشفْ علياءَها
فالفجرُ حين سقى رباها أسرفا
…
و كأنهُ سكبَ اللآلئَ كلَّها
حتى غدا وجهُ المليحةِ مصحَفا
…
تلك الجميلةُ من يقارعُ حسنَها
إن أشرقتْ غنَّى الوجودُ و رفرفا
…
في حبِّها كتبَ الزمانُ قصائدا
ما ضنَّ يوماً بالحنينِ و ما جفا
…
الشعرُ يسمو حينَ يسطعُ ذكرُها
فتراهُ مهما قال فيها ما وفا
…
لو رصَّعَ الكلماتِ بالنجماتِ أو
صبَّ الرحيقَ على القوافي ما اكتفى
…
إن كان خيرَ العالمينَ محمدٌ
فشآمُنا بين المدائِنِ تُصطفى
…
هي جنَّةُ الرحمنِ في الدُّنيا و منْ
وصفَ الشآمَ بجنةٍ ما أنصفا
….
فالعشقُ ينهلُ من شذاها عطرَهُ
و الوردُ يثملُ من نداها مدنَفا
….
و الطهرُ مع نفحاتِها متوحدٌ
والعزُّ بين سطورِ سؤددِها غفا
…
و المجدُ في أحداقِها متوهّجٌ
سلْ قاسيونَ عن الكرامةِ و الوفا
….
و اشمخْ كما بردى يقبل وجهها
و يسيرُ في أوداجِها متلهِّفا
…
يروي سنابلَها إباءً ثم ينهلُ
.. من نسائمِها الرهافةَ و الصفا
…..
مهما استبدَّ الليلُ تبقى قبلةً
للعاشقينَ و درّةً لمن اقتفى
..
رغمَ الجراحِ و نزفِها و دموعِها
ما غابَ ضوءُ الياسمينِ و ما انطفا
…..
تبقى الشآمُ عزيزةً لا تنحني
مهما استطالَ أنينُها أو سوَّفا
…
فترى الدماءَ نشيدَ حبٍّ دافقٍ
و ترى الضبابَ دخانَ وهمٍ و اختفى
محمد الدمشقي