– أصبح الوسط الأدبيّ اليوم شبيهاً بالوسط الفنيّ إلى حدّ كبير، وتغيّرت معاييرُ تقييم الأدب تِبعاً لرواج “سوق” الأدب؛ أيْ لسياسة (العرض والطلب)؛ ولمّا كانتِ النساءُ بارعاتٍ في”العرض”، فهنّ الرائجاتُ في سوق الأدب؛ ولمّا كان جوعُ الرجل الشرقيّ مُزمِناً لجسد المرأة (لا لِفِكْرِها)، فهو سيهرول حتماً؛ بكلّ ما أوتيَ من شرَهٍ، لتلبية “الطلب”.
– للأسف؛ هذا هو واقع الأدب؛ فبينَ ليلةٍ وضحاها “تخربشُ” إحدى الجميلات شيئاً ما، وتعتَلي المنبرَ، فتجلدنا بسماع ما أسماهُ لها المصفّقون “شِعراً”، ثمّ يُغدقونها بألقابٍ؛ أقَلّها “أميرة الشعر” (ولك يا أحمد شوقي؛ “أمير الشعراء”، أنْ تفزّ من قبرك محتجّاً ساخطاً من سرقة اللّقب).
والسؤالُ المُلِحّ هنا:
منِ المُلامُ ؟؟؟
هل تلك “المستشعرة”؛ التي تتعثّر بالفتحة والضمّة والكسرة؛ فترفع المنصوبَ، وتجرّ المرفوعَ؟ أَمِ المصفّقون لها؟ وكثيرُهم من كبار الشعراء والنقّاد(الرجال) حتماً؛ فالمرأة لا تصفّق للمرأة، حتّى وإنْ كانت ربّةُ الشعرِ؛ ولا تُعلي من شأنها، أيضاً، حتّى وإنْ أُنزِلَ عليها كتابٌ مقدّس، وهذا موضوعٌ آخر، لستُ في صدده الآن.
-نعم؛ انقلبت معاييرُ الأدب؛ فاعتلَتِ المستشعراتُ والمستشعرون المنابرَ، وتصدّرتْ صورهنّ وصورهم الصحفَ والمجلّاتِ، فيما أُسدِل الستارُ على مبدعاتٍ ومبدعين “حقيقيّين”، وتمّ تهميشهم، وربّما إقصاؤهم، بقصدٍ أو من دون قصد، على الرغم من أنّهم قادرون على إثراء الأدب، ورفدِه بخالص الإبداع.
– “الشلليّة”(وأعني مافيَويّة الأدب) هي التي تسيطر اليوم على الوسط الأدبيّ والثقافيّ؛ وتحدّد موقعَ الأديب أو الأديبة؛ وكذلك أهميّته، بقَدْرِ ما تسلّط عليه الضوء، تِبعاً لمصالحها وأهوائها، فترفع مِن شأن مَن لا يستحقّ، أو تُقصي مَن يستحقّ، لأنّه لا “يَروْقُ” لها.
– عن دروع التكريم، والأوسمة،وشهادات التقدير، التي يَجود بها بسخاء “بعضُ” أصحابِ المنتديات والمجاميع والملتقيات الأدبيّة -وما أكثرها- والأنكى من ذلك كلّه هو شهادات “الدكتوراه الفخريّة”، التي يمنحها “الزعران” لأدعياء الثقافة والأدب.. نتساءل: أين رقابةُ وزارات الثقافة في بلدان الوطن العربيّ “كلّها” من هذه المهازل التي تعمّ الوسطَ الأدبيّ والثقافيّ؟؟
ألا يكفي ما حلّ بأوطاننا من قتلٍ و تدميرٍ وتهجيرٍ ونهبٍ وخراب؟!
هنيئاً لنا؛ نحن؛ أبناءَ هذا الشرقِ التعيس البئيس بالسير قُدُماً نحو الحضيض.
جوليا علي/ سورية