د . م . عبد الله أحمد
ان كانت الاكثرية تفكر بالطريقة نفسها ، لا يعني ذلك انها على صواب ، وان كانت الاكثرية تمارس طقوس وتمتمات لا يعني أنها مؤمنة بما وراء الطقوس ولكنه الشك وعدم اليقين والخوف وهذا مناقض للثقافة ، والشهادة الاكاديمية لا تعني انك مثقف فطريق العلم المادي القسري السائد يقتل الثقافة – فكم من جاهل ومشعوذ قاد اكادميين الى حفلة قرع الطناجر ، والى تمتمات وطقوس على الاسطح في زمن كورونا …
من هو المثقف ؟ هل هم العلماء او الاكاديميين أو الاطباء أو المهندسين أو اساتذة هذا الزمان ؟ بالطبع لا …أن تتقن مهنتك وتسجن فيها دون أن تعرف خفايا ما هو ابعد منها تكون تقنيا جيدا ومبدعا في ذاك المجال الضيق مهما كانت أهميته …ولا تعطيك صفة مثقف ..ولكنك لا يمكن أن تكون مثقف بدون علم ومعرفة “تعلم ” المثقف : هو القادر على فهم الأشياء ووعيها بشكل اكثر شمولية فهي علم وعمل ، فكر وسلوك في وقت واحد … العلم جزء من الثقافة، فالثقافة أعم وأشمل … الثقافة سلوك… وبغير سلوك لا يمكن أن نطلق صفة المثقف على أي إنسان، الثقافة صانعة للحياة، صانعة للفكر وصانعة للإبداع… الثقافة تنوع معرفي، خبرة، إطلاع واسع مستمر… الثقافة هي الكلُّ المركَّب الذي يتضمن المعارف والعقائد والفنون والأخلاق والقوانين والعادات.
فهل انت مثقف ؟ وهل ما تشاهده وما تسمعه في ظل الازمات التي تجتاح العالم هو نتاج ثقافي، أما أن هناك حاجة ماسة للمثقفين لاعادة التوازن الذي يختل لصالح الجهل ؟ هل تستطيع أن تناقش طبيب مختص (يصف كورونا بالكائن الحي ..ولا أحد يوقفه )؟ أو تناقش عالم فلك وتقول له نظريتك سخيفة أو عظيمة ؟ هل تستطيع أن تقنع اكاديميا أن الله لا يرسل الفيروسات لمحاربة البشر! …وكأن “الله” وفقا لمنطقه في حرب مع البشر ؟ هل هي موروثات تاريخية من زمن الاعتقاد القديم “بحروب آلهة السماء “، هل تصدق كل ما يقوله البعض خلف قناع “عالم ” قبل أن تعرف الخلفيات والعقائد التي يتبناها هذا العالم ومن وراءه ؟ أن كنت لا تسنطيع فالطريق امامك طويل ، فالمثقف عقل يراكم المعرفة التي تشكل الوعي لانتاج الرسالة ، والمثقف “الثقافة” ليست نتيجة لموروث جيني ، فالجينيات محايدة في هذا الامر …الامر متعلق بالبيئة وبالانفتاح على المعرفة .
والمثقف هو ما نحتاج في هذا الزمن كي نطرق بوابة المستقبل البعيد ، كي نبني ونحجز مكانا تحت الشمش – لنبقى في المسار الابدي من الالفا الى الاوميغا .