ما من عمل أعظم إنسانية و لاقدسية من العمل على إحياء الأنفس وما من أمة تتخلى عن أبنائها إلا وسقطت وسوريا اليوم ماتزال باقية لأنها أم السوريين إلا أنه عندما تضيق فسحة الفكر في قراءة الوقائع ويصبح خوض المعارك الوجودية قائما بين الإنفعال والوقائع وليس بين العقل والأحداث تتحول القضية إلى معركة بلا شرف ويصبح الجميع فيها خاسرا .. وكأننا بحاجة لأن نفسر ماذا تعني الدولة في كل مرة يواجه فيها السوريون مواجهات البقاء وبخاصة في حالات الخطر وكيف أن الدولة تفيض بحضورها التقي حيث يكفرها المجرمون فقد كفر المتطرفون الدولة في بدء الحرب وعملوا على شيطنة مؤسساتها وإباحة دماء كل من يعمل فيها على أنه مرتد ومن خوارج العصر واليوم يقوم القلة من المنفعلين بمهاجمة الدولة والمغتربين الذين يريدون العودة وكأنهم عائدون مباشرةإلى منازلهم ومخالطة الناس!! اليوم تظهر الدولة جليا بأنها أم للإنسان وليست في حرب مع أحد من السوريين بل هناك الضائعون الذين يحاربون سوريا في حين أن سوريا تقف مدافعة عن وجودها الذي يؤمن الحماية لمواطنيها إن ما تقوم به الدولة اليوم من تسهيل عمليات عودة من يرغب بالعودة من المغتربين وبخاصة الحالات الإنسانية والطلاب وغيرهم هو إنتصار لمفهوم الدولة المدنية ولقيامها حيث كفرها المجرمون وقالوا إنها مجرد نظام قمعي همجي لاتهمه حياة الإنسان إلا أن الدولة تقوم بما ينصه الكتاب الذي يدعي هؤلاء الإيمان به مطبقة قوله عن النفس البشرية :
(ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا )..إن الدولة تقوم بمسؤليتها التي تتفق مع كل جمال جاءت به الرسالات الدينية ضاربة بهذا جحود وأباطيل جمهور الجهل والجريمة ..
ولهذا يجب التمهل عند قراءة الهدف خلف أي فعل تقوم به الدولة قبل أن نهاجمه كما أنه لامفر من محاسبة أخلاقية لمن أوقد الفتن في بلاده وفر إلى الخارج فهذا ليس بمغترب بل مستوطن في أي مكان يحل به ولو كان في سوريا أما من هاجر من أجل العمل من قبل وبعد الحرب على سوريا فهو سوري وما من أحد يستطيع أن يشكك بوطنيته فالمغترب في النهاية ليس سائحا بل إنسانا يتعب ويكد ويتعرض للمضايقات من أجل أن يعيل أهله واحبته في سوريا وهذه هي الحقيقة إن المغتربين جيش سوريا الخارجي وهم مددها الأخلاقي ينشرون حقائق مايجري في سوريا ويبدعون في مجالات الدعم لسوريا في الخارج كما أنهم شريان حياة للسوريين إذ هناك عشرات آلاف العائلات السورية تستفيد ماديا من وجود المغتربين في الخارج ولذلك ندعوهم بجيش سوريا الخارجي وفي النهاية هم أعمدة ثبات لكثير من السوريين ماديا كما أنهم وجه سوريا المشرق في عصر نفي سوريا سياسيا ودبلوماسيا من معظم عواصم العالم .
ولذلك فإن المغترب يعتبر رسالة وقضية وليس سائحا حتى تتعالى الصيحات في وجهه ويقال له لماذا عدت؟؟؟ المغترب سيعود فسلامة سوريا في احتضان ابنائها وليس بغير ذلك .
إنه لمن المؤكد ممافعلته الدولة من توقيف مؤقت لعودة من يرغب هو في صالح الجميع من مغترب ومواطن في الداخل وذلك لتكون الضغوط موزعة وفق فترات استيعاب ضمن مدة محدودة تتابع بها عودة من يرغب قبالة تعافي من في الداخل ممن قدم وحاملا الفايروس وهذا الفايروس في النهاية ليس قاتلا طالما هناك من يشفى لأن الأمل في الإنتصار عليه أكبر بكثير من الإستسلام له طبعا مع وجود الوعي …
أما عن مشاهد رمي الطعام من قبل من هم في الحجر فهو ما أظهر ردود إنفعالية بعضها محق عندما صوب تجريم هذا الفعل الدنيء نحوهم فقط إلا أن ماتبقى من الأراء فقد كانت هوجاء مشوشة لم تهيمن على إنفعالها ولم تحصر الفعل بمن فعله فقط وهنا وقع اللغط وقد يكون بعض هؤلاء قد تعمد هذا التحريض على الدولة وكل أمر محتمل في زمن وقع فيه كل مالم يحتمل وقوعه من قبل …
سوريا اليوم في زمن مرحلة وليس مصير إنها وقائع ولسوف تسير إلى الفناء وتبقى سوريا للجميع وسوريا وطن لمن لا وطن له ..
ي.أ