أيا أُماهُ ! في ساحِ المنايا
أصونُ كرامتي , وأُعيدُ ذاتي
أُنازلُ في التخومِ عدوَّ أرضي
غريباً جاءَ مِن أقصى الشّتاتِ
على الهيجاءِ قدْ روّضْتُ نفسي
فلا أخشى الوحوشَ على الفلاةِ
لأجلِ الأرضِ يا أُمّي سأمضي
لأجلْ العِرضِ أُرخصُها حياتي
فإنْ جاؤوا بجثماني شهيداً
فلا تُحزنْكِ يا أُمّي وفاتي
لأنّي لمْ أكنْ يوماً جباناً
ولم أضعفْ بشوطِ المكرُماتِ
ألا يا أمُّ ! لا تبكي لفقدي
وذودي عنْ بَنيَّ وعنْ بناتي
سيأتيكِ الرفاقُ , رِفاقُ دربي
وقدْ شَهِدُوا على الجُلّى ثباتي
لقدْ كنّا على المَيدانِ ناراً
وما هِبنا جموحَ العاصفاتِ
ونازلْنا الأعادي في البوادي
وفوقَ الريحِ , فوقَ الشامخاتِ
وكنّا كالجبالِ إذا التقيْنا
وثبْنا كالأُسودِ الغاضباتِ
سحقْنا الشرَّ في حَورانَ يوماً
ويوماً في الشآمِ , وفي حماةِ
وفي حلبَ المجيدةِ , وانتصرْنا
وزلزلْنا الجموعَ الزّاحفاتِ
رفعْنا رايةَ الأوطانِ عزّاً
على تلكَ القلاعِ الشّاهقاتِ
لقد أمضي إلى حتفي رضيّاً
عزيزَ النفسِ في وجهِ الطُّغاةِ
وإنْ أرجعْ إلى أهلي شهيداً
على أكتافِ أبطالٍ كُماةِ
فهذي سِنّةُ الأبطالِ قبلي
وما سلّمْتُ سيفي أو قناتي
فإنْ جاؤوا بجُثماني شهيداً
فلا تُحزنْكِ يا أُمّي وفاتي