الإرهاب الاقتصادي : قانون الولايات المتحدة “قيصر” يحاول خنق 17 مليون سوري
كاتب المقال : ريك ستيرلينغ Rick Sterling
تاريخ النشر : 22/06/2020
*- ريك ستيرلينغ : صحفي أمريكي, مقيم في منطقة خليج سان فرانسيسكو, محرر في الموقع الالكتروني الاعلامي “البحث العالميGlobalResearch “. متابع دائم للأزمة السورية وكتب عنها العديد من المقالات, منها :
– التزوير الإعلامي حول سورية.
– متى ستكون هناك محاسبة على الحروب والاعتداءات الأمريكية؟
– الخوذات البيضاء في سورية تذهب إلى هوليوود.
– صقور الكونجرس يندفعون لتكثيف الحرب في سورية.
*- جاء في مقدمة المقال :
– منذ عام 2011 ، قامت الولايات المتحدة وحلفاؤها بترويج وتدريب وتزويد المسلحين بغية إحداث “تغيير النظام” في دمشق.
– بعد أن فشلوا في هذا الجهد الذي كلف مليارات الدولارات، يحاولون خنق سورية اقتصاديًا.
– الهدف هو نفسه دائمًا : إجبار سوريا على التغيير سياسيًا. هذا الشهر، حزيران 2020، وصل العدوان إلى مستوى جديد مع عقوبات صارمة عرفت باسم “قانون قيصر”, تحت ذريعة حماية المدنيين في سورية.
– “قانون قيصر”, احتيالي على وجهين. يطلق عليه “قيصر” في إشارة إلى حيلة دعائية تمت عام 2014 وتورط فيها سوري مجهول يُزعم أنه مصور عسكري. وزعم أن لديه 55 ألف صورة تظهر حوالي 11 ألف ضحية تعذيب الحكومة السورية. وقد علقت آنذاك منظمة كريستيان ساينس مونيتور Christian Science Monitor (CSM) في ذلك الوقت، وهي منظمة إخبارية غير ربحية تنشر مقالات يومية إلكترونية بالإضافة إلى نسخة مطبوعة أسبوعية, : “كان تقرير “قيصر” “عملية دعائيًة بتمويل قطري أحسن توقيتها”. وقد أكد تحليل من 30 صفحة في وقت لاحق أن تقرير “قيصر” كان احتيالًا مع ما يقرب من نصف الصور التي كانت لجنود سوريين ولضحايا مدنيين وللمتمردين وسبب الموت هو الحرب والمعارك الجارية.
– “قانون قيصر” هو أيضا احتيالي بادعاء “حماية المدنيين”. في الواقع ، إن هذا القانون يعاقب ويؤذي شريحة كبيرة من 17 مليون شخص يعيشون في سورية, وسيؤدي هذا إلى معاناة آلاف المدنيين بلا داع.
*- جاء في المقال تحت عنوان : العقوبات السابقة
– الولايات المتحدة معادية لسورية منذ عقود عديدة. وبعكس أنور السادات، رفضت سورية بقيادة حافظ الأسد عقد معاهدة سلام مع إسرائيل منقوصة السيادة والحقوق. لذلك تم ضم سورية إلى قائمة الدول الراعية للإرهاب” وعاقبتها الولايات المتحدة لأول مرة عام 1979.
– بعد الغزو والاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، استضافت سورية حوالي مليون لاجئ عراقي ودعمت المقاومة العراقية بطرق مختلفة. ورداً على ذلك، صعدت الولايات المتحدة العقوبات عام 2004.
– في عام 2010، ضغطت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون على سورية لتغيير سياستها الخارجية ولتكون أكثر ودية مع إسرائيل. وقد رفض ذلك بشكل علني وواضح الرئيس السوري بشار الأسد.
– بعد اثني عشر شهرًا (في عام 2011)، عندما بدأت أعمال العنف في سورية، دعمت الولايات المتحدة وأوروبا ودول الخليج (قطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة) ما سمي المعارضة بسرعة وفرضت المزيد من العقوبات.
– في عام 2016، بعد خمس سنوات من الأزمة والحرب، أعدت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا تقريرا عن الأثر الإنساني للعقوبات على سورية. وأشارت إلى أن : “الولايات المتحدة والعقوبات الأوروبية على سورية هي من أكثر أنظمة العقوبات المعقدة والبعيدة المدى التي تم فرضها على الإطلاق”.
– تقرير اللجنة المكون من 30 صفحة, بين أن توقف وتعثر وصول المساعدات الإنسانية التي يُفترض السماح بها بشكل فعال ناتج عن لوائح العقوبات والجزاءات وتعقيد التراخيص. واختتم التقرير بثلاث عشرة توصية محددة للسماح بالمساعدات الإنسانية والإنمائية.
– بالنتيجة, لم يكن هناك استرخاء أو تغييرات في متاهات القواعد والعقوبات للسماح بالإغاثة الإنسانية. بل على العكس، فبينما كانت الحكومة السورية تطرد الإرهابيين من شرق حلب وجنوب دمشق و ودير الزور، قامت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بعرقلة كل المساعدات لإعادة الإعمار. كان القصد من الولايات المتحدة وحلفائها عدم السماح لسورية بإعادة البناء والإعمار والبقاء في حالة حرب.
– في عام 2018، أعد المقرر الخاص للأمم المتحدة ، إدريس الجزائري ، تقريرًا عن التأثير السلبي للتدابير القسرية الانفرادية على حقوق الإنسان في سورية. وقد ورد فيه : “تزداد صعوبة تبرير التدابير القسرية المتخذة من جانب واحد بشأن المدخلات والمخرجات الزراعية والأدوية والعديد من المواد ذات الاستخدام المزدوج المتعلقة بالمياه والصرف الصحي والكهرباء والنقل العام، وبشأن إعادة بناء المدارس والمستشفيات والمباني والخدمات العامة الأخرى ، وهذه جوانب لها ما يبررها لتكون خارج العقوبات”.
– قبل عام 2011، كانت المصانع السورية تملأ 90٪ من الاحتياجات الصيدلانية. تلك المصانع لا تزال تواجه صعوبة في الحصول على المواد الخام ولا يمكنها الحصول على قطع غيار للمعدات. فعلى سبيل المثال، تصبح آلة غسيل الكلى باهظة الثمن أو جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي من شركة سيمنز أو جنرال إلكتريك عديمة الفائدة لأن سورية لا تستطيع استيراد قطع الغيار.
– عاد أكثر من 500 ألف مدني إلى حلب بعد طرد الإرهابيين في نهاية عام 2016. لكن مساعدات إعادة الإعمار محظورة بموجب العقوبات الأمريكية. ولكن يمكن الحصول على “مجموعات المأوى البلاستيكية” ولكن لا يُسمح بإعادة البناء باستخدام الجدران الزجاجية والإسمنتية لأن “إعادة البناء” محظور. وهنالك العديد من الحالات الأخرى في حلب.
– تجربة شخصية لي حول تأثير العقوبات, إذ لم يتمكن صديق سوري من الحصول على بطاريات السمع لشاب يعاني من ضعف في السمع. لقد منعته العقوبات من القدرة على طلب السلعة لأن المعاملات المالية والتسليم محظور بدون ترخيص خاص. كان من السهل شراء مخزون من البطاريات المتخصصة في الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن الأمر استغرق حوالي عام لوصول ما احتاجه المريض إلى سورية.
*- جاء في المقال تحت عنوان : البلطجة الاقتصادية الأمريكية والإرهاب
– يبسط “قانون قيصر” تطبيق العقوبات على المواطنين والشركات الأمريكية وعلى الأفراد والشركات الأجنبية حيث ورد فيه :” حظر وحجز ممتلكات وأصول شخص أو شركة يُعتقد أنها انتهكت قانون الولايات المتحدة” وهذا ليس بجديد وتوجد حالات سابقة مع دول أخرى ففي عام 2014 ، تم تغريم أحد أكبر البنوك الدولية، BNP Paribas، تسع مليارات دولار بسبب انتهاك العقوبات الأمريكية ضد كوبا وإيران والسودان.
– يدعي “قانون قيصر” زورا أن البنك المركزي السوري هو مؤسسة “أساسية لتحويل الأموال” وهو بهذا الادعاء يضع صعوبات عديدة أمام الشركات السورية العاملة بالتصدير والاستيراد عن طريق لبنان. كما يضع صعوبات أيضا أمام السوريين المقيمين في الخارج إذا أرادوا تحويل الأموال لدعم أفراد أسرهم في سورية.
– أمام هذه الهجمات غير العادية، تبغي الولايات المتحدة تقويض وزعزعة استقرار العملة السورية التي نجحت إلى حد ما في مقاومة نتائج الحصار الاقتصادي خلال 9 سنوات مقارنة بحالات مشابهة في دول أخرى.
– يهدف أيضا “قانون قيصر” إلى الضغط على الشريك التجاري الرئيسي والتقليدي لسورية وهو لبنان. ففي ربيع 2019 ، هدد وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، لبنان إذا لم يغير سياساته. انه تدخلاً صارخاً في الشؤون الداخلية اللبنانية. ولم يأتي خريف 2019 حتى بدأت الاحتجاجات في شوارع لبنان، كما بدأت الأزمة المصرفية اللبنانية التي تأثرت بها سورية.
– إن إضرام النيران عمدا في حقول القمح بشمال شرق سورية (سلة الخبز السورية) خلال الأسبوع الماضي و منع الجماعات الطائفية في لبنان شاحنات برنامج الغذاء العالمي التي تحمل مساعدات غذائية من العبور إلى سورية وسيطرة الولايات المتحدة والميليشيات التابعة لها على بعض حقول النفط والغاز يعتبر قرصنة وسرقة علنية واضحة.
*- جاء في المقال تحت عنوان : جيمس جيفري وسياسة الولايات المتحدة
– في ندوة عبر الإنترنت في 7 حزيران ، أعلن جهارا وبوقاحة المبعوث الأمريكي إلى سورية جيمس جيفري, أن الولايات المتحدة تسعى لمنع سورية من إعادة البناء وقال: “رمينا بكل شيء في بالوعة المطبخ … في قانون قيصر”.
– استثني من العقوبات :
1- محافظة إدلب في الشمال الغربي، التي يسيطر عليها متطرفو القاعدة والقوات الغازية التركية.
2- شمال شرق سورية التي تسيطر عليها القوات الأمريكية والانفصاليين الوكلاء المعروفين باسم “القوات الديمقراطية “.
– وقد خصصت الولايات المتحدة 50 مليون دولار لدعم “المساعدة الإنسانية” لهذه المناطق. وسيضخ حلفاء الولايات المتحدة الآخرون مئات الملايين من المساعدات و “الاستثمارات”. يتم ضخ الدولار الأمريكي والليرة التركية في هذه المناطق في تكتيك آخر لتقويض العملة السورية والسيادة. وعلى النقيض من ذلك، فإن الغالبية العظمى من السوريين – حوالي 17 مليون – يتعرضون للاختناق والأذى بسبب العقوبات القاسية.
– للولايات المتحدة أهداف متعددة. والهدف الأساسي هو منع سورية من التعافي. بالإضافة إلى هدف آخر وهو إطالة أمد الصراع وإلحاق الضرر بالدول التي ساعدت سورية. وقد وصف المبعوث الأمريكي إلى سورية جيمس جيفري مهمته اللا أخلاقية بقوله : “وظيفتي هي جعلها مستنقعًا للروس”.
*- جاء في نهاية المقال : إن الغالبية العظمى من السوريين يستمرون في تحمل ومواجهة أوهام السياسة الخارجية الأمريكية والنفاق والقسوة… واعتقد جازما إنهم سيستطيعون العبور إلى بر الأمان