لـم تعـد سـورية مـيداناً للحـسم العسكـري ، بـل باتت مركـزاً لحـل الأزمـات العالمية
غــرب استعمـاري مـــزق بـلادنا، وصــنع (اسرائــيل)، سينــهزم عسـكرياً وسـياسياً
المستقبل المأمول يستحق التحمل، والمواجهة، لأنه طريق للتحرير الوطني والفكري .
المحامي محمد محسن
الزمن تكراري متوقف عند نقطة الصفر ، تاريخ الفقهاء عند القرن الخامس الهجري ، نقاوم العدو الغربي وذراعه الاسرائيلية ، من بوابة ذاك الماضي الراكد ، بعد التخلي عن العقل ، والعلم ، واعتمادنا على التقليد ، والاتكالية ، والتلهي بالقتال في الزواريب المذهبية .
فاصبنا بمرض التلوث الأخلاقي ، والتحلل من القيم الانسانية ، بعد أن أضعنا بوصلة الوعي الوطني ، فسادت العدمية ، والعبثية التي تنشر الفوضى ، والتفكك الاجتماعي ، وعم الفساد ، كل هذا الركام ، أشاع حالة من التخبط ، وضياع السمت .
وحل المثقفون المتقلقلون ، القشريون ، المسيطرون على المؤسسات الاعلامية ، والمعرفية ، الذين يشعرون بالخيبة ، مما ادعوا زوراً أنهم ينتمون إلى الفكر الاشتراكي ، فقادتهم روح الانتهاز ، وتعويض ما فات ، فتخلوا عن كل ما حملوه من عقائد سابقة ، وأسرعوا السقوطَ في دروب الانتهاز والوصولية .
فارتهنوا لأمريكا على أمل تحقيق حلمهم المأمول ، في السلطة والثروة التي ضاعت ، فباعوا تاريخهم وعقولهم وثقافتهم وفكرهم ، بحلم مأمول ، وراحوا يبشرون بالزمن الأمريكي القادم .
ثم اندغموا في القطعان ، الخارجة عن الوطن ، والقادمة من كل أصقاع الدنيا لقتله ، والتي باتت تضم الوحش المسلم القاتل ، بتسلسل هرمي من الاخوان المسلمين ــــ الوهابيين ـــ الشيوعيين الكاذبين ـــ والناصريين الاخوانيين ـــ والبعثيين الذين عادوا إلى الاخونة ، وأولئك الذين عاشوا في حالة دوخان .
الكل أضاع تمايزه ، وأصبح الجميع ضمن قطيع متوحش الكل فيه قتله ، قتلة بالبندقية ، أو قتلة بالكلمة ، أو بالموقف ، وانتقلوا من المعارضة ، إلى خانة العمالة ، والتحالف مع اسرائيل جهاراً نهاراً ولو لم يعلنوا ذلك .
والاخونج ذهبوا إلى تركيا للمطالبة بإعادة السلطنة ، والبعض إلى اسرائيل ، والآخرون توزعوا على دول معسكر العدوان ، عملاء بالأجرة ، يقتتاون على أمل مُضَيَّعٍ ، لا يتحقق إلا بتدمير سورية ، التي كانت وطنهم ، نعم بتدمير سورية ولو على يد الشيطان ـــ اسرائيل ، عندها فقط ترتاح أفئدتهم ، ويتخففوا من أحقادهم ، التي تكاد تأكل أكبادهم .
استفاق الوطن المعذب على هذا الحال ، كل وحوش الأرض تهاجمه من الرأسمالي الأمريكي ـــ الأوروبي ـــ الاسرائيلي المتوحش ، والوحش الذي جاء بإمرة ( فقهاء المسلمين الظلاميين ) من دهماء الشعوب ، والانفصاليين الأكراد الذين رهنوا مصيرهم بأمريكا ، الكل يريد قتلنا ، وحصارنا ، وتجويع شعبنا ، وتمزيق بلادنا ، بل تمزيق الشرق كل الشرق العربي وغير العربي .
فباتت سورية أرض المواجهة ، العسكرية ، والسياسية ، بل باتت مركزاً لحل حالة الاستعصاء ، التي يمر بها العالم كله الذي قاده إليها القطب الرأسمالي الأمريكي المتوحش ، الذي يعيش هو ذاته في حالة من الفوضى وعدم الاستقرار ، واصبح يعاني من أزمة :
انسانية ، اخلاقية ، لأن بنيته تقتضي اثارة الحروب ، وقتل الشعوب ، للسيطرة على مقدرات العالم .
نعم باتت سورية ارض الحسم ، لا الحسم العسكري فحسب ، بل وضع دول العالم وشعوبها ، أمام حقيقة ظلت مغيبة قروناً ، أن البشرية ذاهبة إلى الدمار ، طبيعة ، وبشراً .
إذا بقيت تسير في ذات الطريق ، طريق الحروب والموت ، وتتبنى قاعدة :
……………[ القـــــــــــــــــوي يأكـــــــــــــــــل الضـــــــــــــــعيف ] .
حالة الاستعصاء الكونية هذه ، استدعت مواجهة كونية أيضاً لحلها ، لأن النظام الرأسمالي المتوحش ، الذي يستدعي الحروب ، لم يعد صالحاً كتشكيلة اقتصادية ، بل سيقود البشرية إلى الدمار كما أفدنا ، فكانت المواجهة بين قطبين ، وعلى الميدان السوري .
وبات ليس المطلوب عالمياً دحر الهجمة الأمريكية ، وحلفها ، مع اسرائيل عسكرياً فحسب ، بل تحقيق انتصار على جميع الصعد .
يحقق حالة توازن افتقدتها الانسانية منذ قرون ، بسبب وحشية أمريكا وحلفائها ، المسيطرة ، والقوية ، وأن الشعوب حتى الشعوب الغربية ذاتها ، تعيش أزمات وليست أزمة ، فكيف بشعوب العالم الثالث ، وبخاصة الأفارقة السود الذين يعانون من العنصرية المتوحشة ، التي تطحن انسانية الانسان ، كما أن الطبيعة أرضاً وهواءً قد تم استنزافها ، حتى باتت تدافع عن نفسها بالأوبئة ، أو بالتغيير المناخي .
.
كما تتحمل شعوبنا على وجه الخصوص ، مستغلة حرب التجاوز التاريخية ، وزر اخراج تفكيرنا من غياهب الفكر الديني الظلامي ، الذي شكل فلسفة للإرهاب العالمي ، والذي تقودنا فيه عقول وفقه من عاشوا قبل ألف عام ، والانتقال إلى الواقعية العقلانية ـــ العلمية ، استعداداً لتحولات المستقبل ، التي تبشر بعالم أكثر استقراراً ، وأكثر قدرة ، على حل جميع القضايا التي تثور بين الدول ، بما فيها القضايا التي تهم الانسان .
.
[ وسيبقى جيشنا محرر الأرض ، الذي سيضع مسؤولية قيادة الوعي المقاوم الساعي للتغيير ، على عاتق الكوادر الوطنية التي صقلتها الحرب ، وعلى عاتق مثقفينا العضويين ، المالكين لجدلية العمل والفكر ، والوطنيين الشرفاء ، جاهدين على أن تبقى المسألة الثقافية الوطنية ، التنويرية هي الدليل ، والكشاف عن مستقبلنا ، من خلال فكر وطني وجداني ، أخلاقي ، مستنير ] .
[….. هــذه طمـوحات نعم ……….ولكن هو مسار سيقرره المستقبل ]