البحث المتعلق بصعوبات ترجمة المصطلح، والذي شاركت به الأديبة والترجمان المحلف : لبانة الجندي في الندوة الوطنية للترجمة يوم الخميس…
الترجمة هي فن الكلمة ذات الوجهين… اللغتين… ولكل لغةٍ قواعدها وخصوصيتها. والنقل بين اللغتين يحتاج لمهارة مزدوجة. وهذا ما يضع المترجم أمام مسؤولية الكلمة المنقولة من اللغة الأم إلى اللغة الهدف.
لطالما كان هذا هو حلمي عندما قررت دراسة الأدب الانكليزي. وقد عَمِلتُ على توجيه دفةِ سفينتي المهنية، والثقافية باتجاه هذا الهدف. أتقنت اللغة ومفاصلها. درست اللغويات التي تبحث في فقه اللغة، إضافة إلى إتقان لغتي الأم، العربية، إلى الحد الذي يتيح لي أمانة النقل من/إلى اللغتين. وأقول أمانة، لأن استخدام المفردة في كل لغة له أكثر من معنىً أو مآل. لذا، عند الترجمة، على المترجم توخّي الدقة في اختيار المفردة، إضافة إلى صياغة الجملة، أو العبارة بشكل يخدم المضمون المقصود تماماً، دون التدخّل في المحتوى. فهذا ليس من حقه.
عند ممارستي لمهنة الترجمة وجدت الكثير من التحديات، وبالمقابل الكثير من المتعة. فالصعوبات كانت من حيث الأمانة في الحفاظ على المحتوى، وفي بعض الأحيان كانت المفردات أو المصطلحات صعبة النقل إلى اللغة العربية، بسبب عدم اعتماد هكذا تعابير في لغتنا. وقد واجهت ذلك، مثلاً، في ترجمتي لكتاب “الأنماط اللغوية الاجتماعية” للعالِم اللغوي: خوان هيرنانديز كامبوي. حيث كانت هناك بعض المصطلحات عصيّة على النقل للغة العربية. مما اضطرني إلى استقدام مصطلحات لا تتعارض مع قواعد اللغة العربية، وبنفس الوقت تخدم الفكرة بشكل جيد، أو مقبول على الأقل. على سبيل المثال، لا الحصر: كلمة (contexualists في اللغة الانكليزية ترجمتُها “السياقيون” أي من يهتمون بالسياق العام للنص. وكلمة textualists ترجمتها: ” النصّيون” أي الذين يلتزمون بحرفية النص. واختياري لهذين المصطلحين كان مبتكراً، لكنه معبّر، ولا يتعارض مع قواعد اللغة. وكذلك كلمة semioticsأي السيميولوجيا/ علم الرموز، ويمكن استخدام الاثنتين) ومثلها الكثير. وأحياناً لا نجد مقابلاً باللغة العربية فنستخدم اللفظة نفسها بأحرف عربية. والكتاب بحد ذاته يبحث في ذلك. مثلاً الكومبيوتر: computer برأيي، وأعتقد أن الكثيرين يوافقونني، لا داعي لترجمتها إلى كلمة حاسوب. فالكلمة ابنة النشأة التي ابتكرتها. وهذا ما نسميه (الاقتراض) في الترجمة. وهناك باللغات الأجنبية الكثير من المصطلحات تُستخدم كما هي من اللاتينية التي تعتبر الأم لتلك اللغات.
ولمّا كان المصطلح لفظاً يطلق للدلالة على مفهوم معيّن عن طريق الاصطلاح (الاتّفاق) على تلك الدلالة المقصودة ؛ فإن جوهر المشكلة هو الاتفاق بين الدارسين العرب، والأسس والمبادئ التـي يقوم عليها هذا الاتفاق، وسبل تحقيقه.
ﻟﻘﺪ ﺯﺍﺩﺕ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ بالمصطلحات ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺗﺸﻌﺒﺖ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻭﻛﺜﺮﺕ ﺍﻟﻔﻨﻮﻥ، ﻭﻛﺎﻥ ﻻﺑﺪ ﻟﻠﻌﺮﺏ من ﺃﻥ ﻳﻀﻌﻮﺍ مقابلاً لما ﻳﺴﺘﺠﺪ من ﻣﺼﻄﻠﺤﺎﺕ مستعينين ﺑﻮﺳﺎﺋﻞَ أهمها: ﺍﻟﺘﻮﻟﻴﺪ وﺍﻻﺷﺘﻘﺎﻕ ،ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ والترجمة ، وﺍﻟﺘﻌﺮﻳﺐ. ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺳﺒﺒﺎ في ﺍﺗﺴﺎﻉ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﺳﺘﻴﻌﺎبها ﻟﻠﻌﻠﻮﻡ ﻭﺍﻵﺩﺍﺏ.
ﺃﻣا تحديد معنى (المصطلح) في المعاجم ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﻋﺮﻓﻪ المعجم الإنكليزي term)) ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﻟﻔﻆ ﺃﻭ تعبير ﺫﻭ معنى محدد في ﺑﻌﺾ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻻﺕ، ﺃﻭ معنى ﺧﺎﺹ ﺑﻌﻠﻢ، ﺃﻭ فن، ﺃﻭ ﻣﻬﻨﺔ، ﺃﻭ ﻣﻮﺿﻮﻉ. ﻓﺎﻟﻠﻐﺎﺕ ﺍﻷﻭﺭﺑﻴﺔ ﺗﻀﻊ لهذا المفهوﻡ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﻣﺘﻘﺎﺭﺑﺔ ﺍﻟﻨﻄﻖ ﻭﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ، ﻣثل (terme) باﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ، ﻭ (term)بالانكليزية، ﻭ(termine) بالبرتغالية، ﻭ(termo) باﻹﻳﻄﺎﻟﻴﺔ، و (termino) باﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ. ﻭﻛﻠﻬﺎ ﻣﺸﺘﻘﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ (terminus). ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﻛﻠﻤﺔ ﻣﺼﻄﻠﺢ، سواء ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺑﺴﻴﻂ من كلمة واحدة، ﺃﻭ ﻣﺼﻄﻠﺢ مركّب (ﻣﻦ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ) يسمى ﻣﻔﻬﻮﻣﺎً ﻭﺣﻴﺪ ﺍﻟﻮﺟﻬﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﻣﻴﺪﺍﻥ ﻣﺎ. والمصطلح ﻋﻼﻣﺔ ﻟﻐﻮﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺗﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ركنين أساسيين ﻻ ﺳﺒﻴﻞ إلى فصل مدلولها التعبيري عن مدلولها المضموني، أحدهما ﺍﻟﺸﻜﻞ form ﻭﺍﻵﺧﺮ المعنى sense أو المفهوم concept ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ denomination، ﺃﻱ ﺍﻟﻮﺻﻒ ﺍﻟﻠﻔﻈﻲ ﻟﻠﻤﺘﺼﻮﺭ الذهني notionيوحدهما “ﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ definition ” فالمصطلح ﺩﻟﻴﻞ لساني ﻳﺘﺸﻜﻞ ﻣﻦ ﻟﻔﻆ ﻭﻣﻔﻬﻮﻡ ﻳﻘﻮﻡ ﺍﻷﻭﻝ ﺑﺘﺤﺪﻳﺪ الثاني.
ومن المسلم به أنه يستحيل إضفاء الصفة العلمية على أية دراسة لا تستعمل مصطلحات محددة المدلول. إذ إن المصطلحات ألفاظ مخصوصة للدلالة على مفاهيم علمية، أو عملية، أو فنية، أو أي موضوع ذي طبيعة خاصة، وهي العرف الخاص لدى مجموعة مخصوصة. فالمصطلحات في العلم الواحد يجب أن تكون موحدة، وذات دلالة دقيقة على المفاهيم التي تطلق عليها.
والعلوم مقترنة بمصطلحاتها، لا يقوم العلم إلا بها. وصاحب العلم يحتاج إلى معرفة مصطلحاته، ليكون قائماً على فهمه. وكلما كان المصطلح دالاً ودقيقاً كان الفهم واضحاً. أما إذا استغلق الفهم على المصطلح فيتعسّر فهم العلم لا محالة. وينبغي عند صياغة المصطلحات توخي الدقة والدلالة المباشرة، وكلتاهما سمة جوهرية في وضع المصطلحات؛ فلغة العامة تختلف عن لغة الخاصة، ويندرج في باب الدقة والتخصص أن يكون للمفهوم الواحد مصطلح واحد في الحقل الواحد.
وفي البلاد العربية نلاحظ الاضطراب في استعمال المصطلحات العلمية في الجامعات بصفة خاصة. وأن وضعية المصطلح يشوبها التعدد وعدم الاستقامة فقد أصبحت المصطلحات العلمية تحت رحمة الباحثين. فترجم المصطلح الواحد بعشرات الأشكال حتى اختلفت ترجمة وتعريب المصطلح الواحد من بلد إلى آخر. وقد أنتجت هذه الجهود الفردية اتجاهاً جديداً في معالجة العلوم التي ابتعدت تدريجياً عن أصول وقواعد اللغة العربية لترتبط بلغة الثقافة الأجنبية، لذلك اتسمت بالغموض في التعبير بمفاهيم ومصطلحات يحكمها التفرد والاضطراب. وفي غياب مؤسسات عربية مراقبة وموحدة لعملية الاشتقاق والتعريب والترجمة، سادت مجموعة من المصطلحات المتضاربة وغير المتقنة، بل لم تكلف صاحبها سوى عملية التقليد.
ولابد من الإشارة إلى أن اختلاف التصورات والاتجاهات كان عاملا وراء ظهور مصطلحات مترامية الأطراف وغير محددة التوجه، الشئ الذي انعكس على معظم العلماء الذين لم يسلكوا طريقاً واحداً في تعريب المصطلح، ولم يتفقوا على قاعدة واحدة تساعدهم على مقابلة المصطلح باللفظ العربي. ولا شك أن التنوع في مصادر التكوين العلمي يؤثر بشكل سلبي في مسألة توحيد المصطلح، إضافة إلى الجهود الفردية التي بذلت في وضع بعض المصطلحات دون تنسيق جماعي، ولا تكتل مجامعي. أضف إلى ذلك اختلاف الآليات التي تولد المصطلح من مجمع أو معهد لغوي إلى آخر، بل من عالم إلى آخر. مما يدل على أن عملية التنسيق غائبة، وغير حاضرة بأي شكل من الأشكال، ويمكن أن يُعزى شيء من هذا الاضطراب إلى الطريقة المتبعة من طرف المؤسسات أو المجامع التي تضطلع بصوغ المصطلح، فندرك أن مصطلحاً واحداً يمكن أن يصاغ بناء على ترجمة المعنى، أو بناء على التعريف، أو بناء على التعريب. وإذا أضفنا إلى هذا كله ضعف الاتصال الثقافي بين الأقطار العربية، وواقع التبادل العلمي الجامعي العربي الضئيل نجد أنه لا مناصَ من التأكيد على عدم وجود أي اتفاق، أو إجماع حول المصطلحات العلمية الحديثة التي يتم تداولها الآن في مختلف العلوم. وهكذا بدلَ أن تكون المصطلحات عاملاً مساعداً على وحدة الأمة العربية، أصبحت هاجساً وعائقا أمام التطور الثقافي والفكري، وبالتالي خلق فجوة مصطلحية داخلية في مؤسسات التعليم العالي.
ﺇﻥ ﺣﺮﻛﺔ ﺻﻨﺎﻋﺔ المصطلح ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﺍﻟﻌﺮبي ﻗﺪ ﺃﺻيبت بنوعٍ ﻣﻦ الجمود ﻷﺳﺒﺎﺏ ﻋﺪﻳﺪﺓ، ﻟﻌﻞ ﺃﺑﺮﺯﻫﺎ: ﺗﻮﻗﻒ مسيرة ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺧﻼﻝ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺍﻟتي ﺃﻋﻘﺒﺖ ﻋﺼﺮ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ حتى ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ. ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻣﻄﻠﻊ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ يمثل ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ في ﺗﻘﺪﻡ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻭﺍﻟﻔﻨﻮﻥ ﻣﻮﺭﺳﺖ ﺧﻼلها ﺗﺮجمة المصطلحات ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻭﺗﻌﺮﻳﺒﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻐتين اللتين ﻛﺎﻧﺘﺎ ﺳﺎﺋﺪتين،ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻭﺍﻹنكليزﻳﺔ، في ﺍﻷﻗﻄﺎﺭ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ. وﺃﺻﺒﺢ المصطلح ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﺍﻟﻌﺮبي في ﻋﺼﺮﻧﺎ الحالي ﻫﻮ مجرد ﺍﺣﺘﻮﺍﺀ لما ﻳﺘﻢ ﺍﺳﺘيرﺍﺩﻩ ﻣﻦ ﻋﻠﻮﻡ ﺃﺟﻨﺒﻴﺔ، ﻛﻤﺎ أﺻﺒﺢ ﻳﺴﺘﻮﻟﺪ ﻣﻦ ﺭﺣﻢ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ في المجامع ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟتي ﺑﺪﺃﺕ ﻧﺸﺎﻃﻬﺎ ﻣﻊ ﺑﺪﺍﻳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ، ﻭﺫﻟﻚ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ المصطلح ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻳﺘﻢ ﺧﻠﻘﻪ ﻭنحته ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻟﻴﻘﻮﻣﻮﺍ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺑﺘﺼﺪﻳﺮﻩ إلى ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻟﻴﻀﻴﻔﻮﻩ إلى معاجمهم ﻭﻗﻮﺍﻣﻴﺴﻬﻢ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ.
تمثل الترجمة ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ رافداً ﻣﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺭﻭﺍﻓﺪ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﻌربي في ﺍﻟﻘﺮﻥ الحادي ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ. ﻭﻗﺪ ﺗﻌﺎﻇﻤﺖ أهمية ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘرجمة ﻣﻊ ﺗﻔﺠﺮ ﺛﻮﺭﺓ المعلوﻣﺎﺕ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻌﻘﺪ ﺍﻷخير ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻭﺑﺪﺍﻳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﻥ الحادي ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ. ﻓﻤﻊ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻜﻢ الهائل ﻣﻦ المعلوﻣﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ التي ﻳﺘﻢ ﺇﻧﺘﺎﺟﻬﺎ ﻳﻮﻣﻴﺎ ﺑﺎﻟﻠﻐﺎﺕ ﺍﻷﺟﻨﺒﻴﺔ في جميع أنحاء العالم، ﻳﺼﺒﺢ ﻟﺰﺍﻣﺎً ﺃﻥ ﺗﺘﻄﻮﺭ ﺍﻟﺘرجمة ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ إلى ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻜﻲ ﺗﻮﺍﻛﺐ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺰﺧﻢ الهائل ﻣﻦ المعلومات، ﻭﺇﻻ ﻭﺟﺪﻧﺎ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ في ﻣﺆﺧﺮﺓ ﺭﻛﺐ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ في العالم، ﻓﻨﺤﻦ ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﻣﻮﺍﻛﺒﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ الجارية ﺇﻻ ﺑﻠﻐﺘﻨﺎ التي نفكر بها.
في كل لحظة يخرج ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ بالجديد، ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳﺆﺩﻱ إلى ﻃﺮﺡ ﻗﺪﺭ ﻫﺎﺋﻞ ﻣﻦ المصطلحات الجدﻳﺪﺓ والتي ﻳﺘﺰﺍﻳﺪ ﻃﺮﺣﻬﺎ ﻛﻠﻤﺎ ﺗﺰﺍﻳﺪﺕ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻭﺍﻟﺘﺨﺼﺼﺎﺕ المندرجة تحتها. ﻭﺍﻟﺼﻌﻮﺑﺔ ﺍﻟﺪﺍﺋﻤﺔ التي ﻳﻮاﺟﻬﻬﺎ المترجم ﻫﻲ ايجاد المصطلح المكافئ في اللغة الهدف، ﻭﻗﺪ ﺗُﺘﺨﺬ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ في زمننا ﻫﺬﺍ ﻟﻨﻘﻞ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ الحديثة إلى ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ (ﻛﺎﻻﺷﺘﻘﺎﻕ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ وﺍﻟﻠﻮﺍﺻﻖ ﺍﻻﺷﺘﻘﺎﻗﻴﺔ. ﺍﻻﻗﺘﺮﺍﺽ، وﺍﻟﻨﺤﺖ، ﻭﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺐ، وﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﻭﺗﻮﻟﻴﺪ ﺍﻟﺼﻴﻎ، وﺍﻟﻠﻮﺍﺻﻖ ﺍﻟﺪﻻﻟﻴﺔ).
ﻟﻘﺪ ﺗﻌﺎﻟﺖ ﺃﺻﻮﺍﺕ ﻛثيرة ﻣﻨﺎﺩﻳﺔ ﺑﻀﺮﻭﺭﺓ ﺗﻮﺣﻴﺪ المصطلحات ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ، ﺧﺎﺻﺔ ﻭﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻌﺪﺩ غير المبرر في ﺻﻴﻎ المصطلح ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ يجعلنا ﻧﺸﻌﺮ ﻭﻛﺄﻧﻨﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﻟﻐﺎﺕ ﻋﺮﺑﻴﺔ، ﺑﺮﻏﻢ ﺃﻥ المصطلح المترجم ﻭﺍﺣﺪ في ﻟﻐﺔ المصدر. ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﺍﻟﻘﻄﺮﻱ (داخل كل قطر) ﻳﻬﻮﻱ ﺑﻨﺎ إلى ﺍﻟﺘﻌﺪﺩﻳﺔ ﺍﻻﺻﻄﻼﺣﻴﺔ. ﻭﻧﻈﺮﺍﹰ لخطر ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﻓﻘﺪ ﺗﻨﺎﻭﻟﺘﻬﺎ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ، وشملتها ﺁﺭﺍﺀ، ﻭﺑﺬﻟﺖ ﺟﻬﻮﺩ ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ إلغاء ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻻﻧﻘﺴﺎﻡ ﺍﻻﺻﻄﻼﺣﻲ بين اللغويين ﺍﻟﻌﺮﺏ التي ﺗﺴﺒﺒﺖ في ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻮﺿﻰ ﺍﻻﺻﻄﻼﺣﻴﺔ، ﻭبالتالي ﺃﺷﺎﻋﺖ ﺍﻻﻟﺘﺒﺎﺱ ﻭﺍﻟﻐﻤﻮﺽ.
والمصطلح ﻫﻮ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻀﻌﻪ ﺃﻫﻞ ﻋُﺮْﻑ ﺃﻭ ﺍﺧﺘﺼﺎﺹ معين ﻟﻴﺪﻝ ﻋﻠﻰ معنى معين. ﻛﻤﺎ ﺃﻥ المصطلحات تشكل ﻣﻔﺎﺗﻴﺢ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻭﺧﻼﺻﺔ ﺗﻄﻮﺭﻫﺎ. ﻟﻘﺪ ﺑﺬﻟﺖ ﺟﻬﻮﺩ ﻭﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﺗﺒﺬﻝ في مجال ترجمة ﻭﺗﻌﺮﻳﺐ المصطلح ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻈﻞ غير ﻛﺎﻓﻴﺔ بالمقارنة ﻣﻊ ﺍﻟﻜﻢ الهائل ﻣﻦ المفاهيم والمخترعات الجديدة ﺍﻟﻮﺍﻓﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺮﺏ. عندما ﻧﺘﺼﻔﺢ المجلات ﻭﺍﻟﺪﻭﺭﻳﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ المتخصصة ﻨﻼﺣﻆ ﺍﻟﻌﺪﺩ الكبير ﻣﻦ المصطلحات الجديدة التي ﻳﺒﺘﻜﺮﻫﺎ ﺍﻟﺒﺎﺣﺜﻮﻥ للتعبير ﻋﻤﺎ ﺟَﺪّ في مجال التفكير العلمي ﻭﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ.
ﻓﻼ نخالف الحقيقة ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺆﻛﺪ ﺑﺄﻥ الترجمة ﻭﺍﻟﺘﻌﺮﻳﺐ يساهمان في ﺗﻨﺎﺳﻖ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ والمعطيات ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ، ﻭﺍﻧﻔﺘﺎﺡ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﻭﻣﻮﺍﻛﺒﺔ المدنية بما ﺗﺪﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺛﺮﻭﺓ ﻋﻠﻤﻴﺔ ﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ، ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻦ الهوية الحضارية ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻻﺳﻼﻣﻴﺔ.
ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻐﺔ، ﻛﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ التي ﻛﺎﻥ لها ﺍﻟﻔﻀﻞ في ﺗﻘﺪﻡ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﻧﺸﺮﻩ في ﺃﺭﺟﺎﺀ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ، ﻻ يمكن ﺃﻥ ﺗﺼﺒﺢ ﻏﺮﻳﺒﺔ ﻭﻋﺎﺟﺰﺓ ﻋﻦ ﻣﺴﺎﻳﺮﺓ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ. وهي ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺭﻓﻊ ﺍﻟﺘﺤﺪﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻮاﺟﻬﻬﺎ ﻟﺘﺼﺒﺢ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ في الماضي، ﻟﻐﺔ ﺗﻮﺍﺻﻞ ﻭتفكير علمي.