اعداد : د. سمير ميخائيل نصير
*- أصدقائي… المقال نشرته قبل أربع سنوات… واليوم أعيد نشره مع تعديل وإضافات جديدة.
*- عيد الميلاد, عيد النور :
– منذ قديم الزمان, اعتبر يوم الخامس والعشرين من كانون الأول هو أول يوم يسطع فيه النور… إذ كان الاحتفال بعيد النور تقليداً لدى الشعوب الوثنية القديمة في أغلب أصقاع الأرض… وذو أهمية كبيرة منذ آلاف السنين.
– لهذا اليوم مدلول تاريخي, يرمز إلى أن الإنسانية التي لا تفتأ تكابد الظلام المتمثل في الموت والمعاناة والحزن والآلام والحروب… وأنه بالمقابل… لا يزال هناك مخرجا من ذلك بميلاد صباح جديد.
– لأن النور لابد أن يسطع من جديد من قلب الظلام… يحتفل المسيحيون بعيد ميلاد يسوع المسيح, عبر الإيمان بإشراق شخصية المسيح التي ولدت وعاشت لتبين أن المحبة قمة العلاقات الإنسانية… وأن السلام ممكن… وأن العدالة ممكنة.
*- منذ أقدم العصور… وحتى قبل المسيحية… 25 كانون الأول, يوم احتفالي ديني :
– كان يوم 25 كانون الأول عيداً لغالبية الشعوب الوثنية القديمة التي عبدت الشمس, وقد احتفلوا فيه لأنه بعد هذا اليوم يزداد النهار طولا يوماً بعد يوم.
– في الشرق الأقصى احتفل فيه الصينيون كعيد ميلاد ربهم جانغ تي.
– قدماء الفرس احتفلوا فيه كعيد ميلاد الإله البشري ميثرا.
– أبرز الآلهة الهندوس كريشنا, كانت ولادته في منتصف ليلة 25 من شهر سرافانا الموافق ﻟ25 كانون الأول.
– استحضر البوذيون هذا اليوم من الهندوس تقديساً لبوذا.
– الإله الكلداني كريس وُلد أيضاً في ذات اليوم.
– الأنجلوسكسون, جدود الشعب الإنجليزي, كانوا يحتفلون قبل مجيء المسيحية بـ25 كانون الأول على أنه ميلاد إلاههم جاو وابول.
– في هذا اليوم… كانت النساء في اليونان القديم تغمرهم الفرحة وهم يغنون بصوت عال: “يولد لنا ابن هذا اليوم” وكان ذلك يقصد به ديونيسس الإبن المولود للإله الأكبر.
– في هذا اليوم أيضاً ولد الإله الاسكندنافي ثور.
– 25 كانون الأول, كان يوم عيد مقدس وبهيج عند الروس القدماء ويُدعى عيد كوليادا.
– في سورية و فلسطين, وقبل ولادة المسيح, كان هناك عيد ميلاد المخلص أتيس في 25 كانون الأول.
– أما الاحتفال بعيد الميلاد في 6 كانون الثاني … الذي يحتفل فيه بعض الأرثوذكس (الأقباط في مصر مثلا) وغيرهم … ليصادف في ذات اليوم الذي ولد فيه الإله أيون بالإسكندرية… كما كان البابليون القدماء يحتفلون في ذات التاريخ بميلاد الإله تموز…
*- تحديد 25 كانون الأول عيدا لميلاد السيد المسيح :
– في القرون الأولى لظهور المسيحية لم يتم الاحتفال بعيد الميلاد.
– لم يرد في الإنجيل أي موعد لتاريخ ولادة المسيح، وانما هناك إشارة غير مباشرة إلى أنها في شهر كانون الأول… لفت إليها النظر القديس يوحنا فم الذهب المتوفى عام 386.
– اعتبر 25 كانون الأول ميلاداً للمسيح لأول مرة في القرن 4 الميلادي (عام 336م) في تقويم روماني قديم… زمن حكم الإمبراطور الروماني قسطنطين, حيث اختير هذا اليوم, لأن الرومان كانوا يحتفلون بذات اليوم كولادة لإله الشمس Sol Invictus ، والذي كان يسمى بعيد الساتورناليا Saturnalia وبذات الفترة كانوا يحتفلون بساتورن إله الحصاد وميثراس إله النور.
– أيضا… فانه بالرغم من عدم المعرفة الدقيقة بتاريخ ميلاد السيد المسيح… فقد فضّل المسيحيون تأريخ25 كانون الأول حيث وضع الرومان هذا التأريخ بحيث يشكل تسعة أشهر من ذكرى البشارة – بشارة الملاك لمريم- التي تصادف في25 آذار.
– هناك وثيقة ترقى لعام 354م في روما, تنصّ أن الكنيسة تحتفل بذكرى ميلاد المسيح في 25 كانون الأول, وأن الكنيسة الشرقية تعتبر الاحتفال بمولده جزءًا من الاحتفال بعيد الغطاس الواقع في 6كانون الثاني.
– مع بدء ترتيب السنة الطقسيّة اقترحت تواريخ متعددة للاحتفال بالعيد قبل أن يتم الركون إلى تاريخ 25 كانون الأول بعد نقاشات مستفيضة حول التاريخ الأنسب للاحتفال.
– الاحتفال بالعيد يوم 25 كانون الأول… لم يشمل كل قوميات وشعوب وكنائس العالم… وان كان قد شمل أغلبها… وذلك حسب اعتماد الشعوب لأحد من التقويمين…. وهما التقويم الغريغوري الغربي والتقويم اليولياني الشرقي الذي يعتمد عيد الميلاد في 6كانون الثاني… ومن الكنائس التي تحتفل بهذا التاريخ : كنائس روسيا، أوكرانيا، صربيا، مقدونيا، مولدافيا, جورجيا, الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
– أما الكنيسة الأرمنية, فقد كانت قد جمعت قبل التحديد في 25 كانون الأول عيد الميلاد مع عيد الغطاس الواقع في 6 كانون الثاني في عيد واحد .
– اعتبارا من القرن 13 الميلادي، أصبح عيد الميلاد أهم الاحتفالات الدينية في أوروبا، وأصبح القديس نقولا رمزًا لتقديم الهدايا في العديد من الدول الأوروبية.
– في القرن 19 الميلادي، أضحت عادتان من عادات عيد الميلاد الأكثر انتشارا وهما : تزيين الأشجار وإرسال بطاقات المعايدة إلى الأقارب والأصدقاء، كما حل بابا نويل أو سانتا كلوز محل القديس نيكولاس رمزًا لتقديم الهدايا.
*- شجرة الميلاد :
– عملية تزيين الشجرة هي عادة عبادة وثنية قديمة سبقت ظهور المسيحية.
– كانت منتشرة بشكل خاص في ألمانيا.
– لم تقبل الكنيسة في القرون الباكرة هذه العادة.
– أرسل البابا بونيفاس (709-634) بعثة تبشيرية لألمانيا… ومع اعتناق سكان المنطقة للمسيحية… لم تلغ عادة وضع الشجرة في عيد الميلاد… بل حولت رموزها إلى رموز مسيحية… وألغيت منها بعض العادات كوضع فأس وأضيف إليها وضع النجمة رمزًا إلى نجمة بيت لحم التي قادت المجوس الى المغارة.
– ظلّ انتشارها محدودا في ألمانيا ولم يغدو عادة اجتماعية مسيحية ومعتمدة في الكنيسة الى أن انتقلت إلى فرنسا في القرن 15 حيث طورت زينتها بشرائط حمراء وشموع.
– تم إضاءتها بالشموع ترميزا لأحد ألقاب السيد المسيح : نور العالم.
– لم يصبح وضع شجرة الميلاد وتزيينها حدثا عاما… إلا مع إدخال الملكة شارلوت زوجة الملك جورج الثالث تزيين الشجرة إلى إنكلترا… لتنتشر بعدها في أمريكا وكندا وأستراليا … ولتتحول بمرور الزمن إلى صيغة عالمية مميزة لعيدي الميلاد ورأس السنة.
*- موسيقى وتراتيل وأغاني الميلاد : (محطات رئيسة)
– أول من وضع قصائد ملحنة للميلاد أفرام السرياني الذي لقّب بشاعر الميلاد.
– في القرن 4 ظهرت مجموعة ترانيم خاصة بالعيد.
– كانت الأناشيد في هذه المرحلة في الشرق والغرب تأخذ منحى المعاني اللاهوتية وتكثر من أخذ التصورات الإنجيلية.
– في القرنين 9 و10 انتشرت في أوروبا الشمالية قصائد ملحنة خاصة بعيد الميلاد.
– في عام1570 , وبطلب من البابا بيوس الخامس <وضعت ترنيمة المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة… باللاتينية.
– في عام1719 ظهرت قصيدة” أجراس الأغنية “بالإنجليزية . Jingle Bells
– في القرن 18 ظهر عدد من القصائد والأناشيد الميلادية العربية الملحنة كقصائد المطران عبد الله القرآلي… كما عربت أناشيد أخرى مشتقة من أناشيد سريانية.
– في العام1992 قامت الفنانة فيروز بإصدار ألبوم يحوي 14 أغنية وترنيمة ميلاديّة أغلبها بكلمات عربيّة لألحان عالميّة… لتقوم جوقة الفرح في سورية وجوقة أغابي في لبنان بتنشيط وأحياء الكثير من التراتيل والأناشيد العربية و الشرقية والغربية المترجمة والخاصة بعيد الميلاد.
*- بابا نويل :
– بابا نويل كان في الأصل أسقفاً شابا في آسيا الصغرى في القرن 4 الميلادي. ولكن صورته الحالية كشيخ مسن بلحية بيضاء وخدود وردية ولباس أحمر وحذاء أسود ظهرت لأول مرة عام 1881 في جريدة هاربرس, وهي مجلة أمريكية شهرية مقرها نيويورك، تهتم بالأدب والثقافة, صدر عددها الأول عام 1850.
*- أصدقائي… القرن 21… يشهد أكثر فأكثر ميلاد عالم جديد متعدد الأقطاب من رحم الأرض السورية… ميلاد مجيد يا وطني… على أرضك يولد سلام العالم دوما.