الشاعر محمد حمدان
2 — بين التبعية والاستقلال :
عدت إلى اوراقي فوجدت أن ماقلته حول هذه المسألة سنة2006 في مؤتمرنا السنوي وبحضور عضو القيادة القطرية / مسؤول مكتب الإعداد يصلح للاستشهاد به ، وسانقله حرفياً :
( كانت هناك مسافة ما ، عاقلة ومعقولة، بين اتحاد الكتاب من جهة وبين الحزب والسلطة والدولة من جهة ثانية . وكنا في الاتحاد وما نزال نسعى إلى دفع هذه المسافة نحو حدودها القصوى وصولا إلى استقلال تام لمؤسستنا مالياً وإدارياً وقراراً . إن الاستقلال التام الذي ننشده بعيداً عن كل وصاية لايحمل في طياته إطلاقاً فكرة العداوة للحزب او السلطة او الدولة . إنه دخول في الحرية حرية الإبداع ، ودخول في المسؤولية أيضاً ، المسؤولية تجاه الوطن وتحت سقفه ، وتجاه قضاياناالوطنية وثوابتنا القومية . والمطلوب من الآخرين او المأمول منهم هو دعمنا للوصول إلى ذلك الاستقلال، خصوصاً في ظل حالة التردي التي وصلت إليها أمتنا العربية .
إن الكل يقول إنكم وجدان الأمة وضميرها وقلبها النابض وفكرها الحي ، والكل يقول إن الثقافة هي القلعة الأخيرة لأمتنا وانكم أنتم حراسها وسدنتها ، وهذا صحيح . ومن غير المعقول أن نُبقي هذه القلعة الثقافية ، وأن نُبقي حراسها وسدنتها تحت الوصاية .
لقد حضر مندوب عن الحزب — للمرة الأولى في تاريخ الاتحاد — جلسة مجلسه التي انتخبت المكتب التنفيذي ، كما حضر انتخابات فروع الاتحاد في المحافظات رؤساء مكاتب التنظيم في الحزب في سابقة هي الأولى من نوعها . فهل يساعد هذا على استقلال اتحادنا أم يوقعه في الوصاية أكثر ؟
إن اتحادنا اتحاد نوعي ، وكان المأمول أن تترك له الحرية ليكون قدوة ومثالاً ، ولكنه في واقعه الحالي يكاد يتحول إلى مايشبه اتحاد الطلبة أو اتحاد الشبيبة ، واعذروني إذا قلت إنني أخشى أن يصبح كمنظمة الطلائع . ) ….انتهى نص المقبوس .
ومن الجدير ذكره هنا ان هذا القول جاء في ظل المادة الثامنة من دستور الجمهورية العربية السورية السابق وهي المادة ” ذائعة الصيت وسيئة السمعة” والتي كنا نطالب دائماً بإلغائها ( كانت تنص على أن الحزب قائد للدولة والمجتمع) ، وقد ألغيت من دستور الجمهورية العربية السورية الحالي مما يعني أن الحزب بات حزباً حاكماً لامتلاكه الأغلبية البرلمانية المطلقة .
وحتى لانختبئ خلف إصبعنا فإننا نعرف أن النظام يسيِّر اتحادنا وكل النقابات الأخرى ، لكننانطرح مانطرح حتى تكون كلماتنا ومواقفنا مسؤولة ونابعة من قناعاتنا الوطنية والقومية معاً ، من ” فلسطينيتنا” وإيماننا واعتزازنا بالمقاومة والممانعة ، وأن صراعنا مع العدو الصهيوني إنما هو صراع وجود وليس صراع حدود .
لقد انتهى الاتحاد النسائي بالضربة القاضية ، أما اتحادنا فإنه كما يبدو سينتهي باحتساب النقاط في الجولات التي تبدو في غير صالحنا .
فهل ثمة أفق جديد ؟
3 — يحيل إلى ماذكرته سابقاً ، أو يتفرع عنه أمور متعددة ، سأشير إلى اثنين منها الآن :
أ — كثرت منذ عدة دورات انتخابية الخلافات بين أعضاء المكاتب التنفيذية بعضهم مع بعض ، بعضهم او أكثريتهم مع رئاسات الاتحاد المتتابعة ، وبدلاً من أن تكون تلك الخلافات باباً يفضي إلى الأحسن والأصلح ، فإنها في الغالب كانت حول الصلاحيات ، وقليلها ينشد الإصلاح وأكثرها يبتغي المصالح ….. ” نعم المصالح” ( بالمناسبة ، طرحنا مراراً ، قبل بدء هذه الألفية وبعده ، على رئاسات الاتحاد أن تزودنا بما يتقاضاه أعضاء المكاتب التنفيذية فعلياً خلال فترة شهر أو أشهر أو سنة ولكننا لم نحصل على جواب ) .
وبدلاً من نقل هذه الخلافات المشار إليها إلى مؤسسات الاتحاد – رغم هشاشة هذه المؤسسات ، بغية تفعيلها وتفعيل دورها شيئاً فشيئاً — فقد كان يتم نقلها إلى الجهات العليا قبل المرور بتلك المؤسسات المذكورة ، مما جعل الجميع تحت الوصاية ، واغرقهم — ومعهم الاتحاد — أكثر فأكثر في الارتهان والتبعية .
ولذا فأننا منذ عدة دورات انتخابية بتنا لانسمع من مكاتبنا التنفيذية ورئاساتنا إلا مايشير الى ” القيادة ، رأي القيادة ، وتوجيه القيادة….الخ” ، والقيادة التي قد ترتاح الى ذلك في البدء ربما تجد نفسها في النهاية مشغولة بقضايا كان من الأحسن الا تنشغل بها .
وعموماإذا بقي ذلك كذلك ، فما الفائدة من وجود مكاتبنا التنفيذية ، اللهم إلا ” الصراع على المصالح” ؟
ب — كانت وزارة الثقافة قد أصدرت منذ مدة كتاباً حددت فيه موعد انعقاد المؤتمر الانتخابي لاتحاد الكتاب العرب في دورته العاشرة ، كما فتحت باب الترشح لمجلس الاتحاد من جديد ( مع ان الاتحاد قد اعطى مدة كافية قبل ذلك ) .ولم يصدر عن المكتب التنفيذي ورئاسة الاتحاد اي موقف تجاه ذلك مما يعني الإذعان وقبول التبعية ، مع ان العلاقة القائمة بين وزارة الثقافة واتحاد الكتاب العرب لاتسمح بذلك البتة ، كما أن هذا الأمر يحدث للمرة الأولى في تاريخ الاتحاد . ومن عجب ان يمر ذلك مرور الكرام — كما يقال — وكأن شيئاً لم يكن .
هذا الكتاب كما هو واضح يلغي دور قيادة الاتحاد والمكتب التنفيذي معاً . فقد تم تجاوزهما بصورة غير مقبولة ” ويمكن أن يقال اكثر ” . وكان من الطبيعي ان تستنكر قيادة الاتحاد والمكتب التنفيذي هذا الإجراء الذي أقدمت عليه وزارة الثقافة ( والكلام لايخص شخص السيدة الأديبة وزيرة الثقافة وإنما يتعلق بصلاحيات وزارة الثقافة في علاقتها باتحاد الكتاب ) ، لكن ذلك لم يحدث بل كان السكوت هو الجواب .
ولئن حددت قيادة الاتحاد موعداً آخر للانتخابات ، مما يعني تجاوز كتاب الوزارة ، فإن إلغاء طلبات الترشح التي جاءت في فترة التمديد كانت وما تزال واجبة ( لهؤلاء احترامي كزملاء وأنا لاأعرف من هم ، وقد يكون بينهم بعض الأصدقاء ، إنما أتحدث من موقع الرفض لهذه التبعية التي جاءت من خارج المتعارف عليه كلياً ) .
إن هذا التجاوز الذي ” ألغى” دور قيادة الاتحاد واامكتب التنفيذي معاً يمس في العمق كل أعضاء الاتحاد وهيئاته المتعددة ، وعلى الجميع ان يرفضه وأن يرفض ماأفضى إليه .
……… يتبع ………