باكستان تُلزِم بتعليم اللغة العربيّة “إجباريّاً” في مدارسها.. مشروع القانون حَظِيَ بالإجماع واعتراض يتيم والتّدريس من الصف الأوّل حتى الثاني عشر.. ما هي الأسباب الدينيّة والسياسيّة والاقتصاديّة خلف هذا الإلزام؟.. العرب ينظرون للأمر بإيجابيّة ومُقارنات مع حال المناهج العربيّة المُغرّبة والمُتصهينة!
عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:
فيما تتراجع اللغة العربيّة في بلاد أصحابها لصالح اللغات الأجنبيّة الأخرى، لا بل وتذهب مناهج دول خليجيّة بعينها إلى الاستعانة بخبرات دولة الاحتلال الإسرائيلي في التعليم، تُسَجّل باكستان موقفاً لافتاً، من لغة القرآن الكريم، والدين الإسلامي، وذلك بعد أن رفض رئيس وزرائها عمران خان التطبيع، وتحدّث عن ضُغوط “عربيّة إسلاميّة” في ذلك الخُصوص.
مجلس الشيوخ الباكستاني وافق على قانون التعليم الإجباري للغة العربيّة لعام 2020، وهو القانون الذي يجعل تدريس اللغة العربيّة “إلزاميّاً”، وفي المدارس الابتدائيّة والثانويّة في العاصمة إسلام أباد، وهو مشروعٌ تقدّم به عضو مجلس الشيوخ عن حزب الرابطة الإسلاميّة الباكستانيّة نواز جافيد عباسي.
اللافت أن المشروع الذي تقدّم به العضو جافيد عباسي، وافق عليه مجلس الشيوخ الباكستاني بالإجماع تقريباً، ووحده فقط حزب الشعب وعضوه رضا رباني من قدّم مُذكّرة اعتراض، وهو ما يشي بوجود إرادة باكستانيّة على اختلاف توجّهاتها بإقرار إلزاميّة تعليم اللغة العربيّة، ومكانتها في ذلك البلد الإسلامي.
سيجري تنفيذ القانون خلال ستّة أشهر، وسيجري تدريس اللغة العربيّة في المدارس في إسلام أباد من الصف الأوّل حتى الخامس، وتدريس قواعد اللغة العربيّة من الصف السادس، حتى الثاني عشر، وبذلك يكون الجيل الباكستاني الجديد يُتقِن اللغة العربيّة بحُروفها، وقواعدها، وبقانونٍ إلزاميّ.
وصاحب المشروع جافيد عباسي، يرى أنّ اللغة العربيّة هي خامس أكثر اللغات انتشارًا في العالم، واللغة الرسميّة في 25 بلدًا، ويعزو عباسي مُقترحه هذا، بأن يجد الباكستانيّون وظائف أكثر في دول الشرق الأوسط، وتراجع البطالة، وزيادة التحويلات، كما أنّ القرآن بحسبه يُتلى باللغة العربيّة، ولن نمر بالمشاكل التي نُواجهها إذا فهمنا القرآن الكريم.
ونظرًا للإجماع الذي حظي به مشروع القانون في مجلس الشيوخ الباكستاني، يبدو أنّ النظرة الباكستانيّة تُعوّل على تعليم اللغة العربيّة في مسألتين، الأولى اقتصاديّة، والثانية دينيّة- سياسيّة، الاقتصاديّة بأن تكون باكستان ليست مُنعزلة بلُغاتها المحليّة، وبالتّالي إيجاد فرص عمل في الدول العربيّة، والثاني ديني سياسي، فالجماعات المُتطرّفة التي لم تفهم القرآن، واعتمدت على ترجماته، قد تكون من المشاكل التي أشار إليها صاحب مشروع القانون جافيد عباسي، والذي اتّفق معه وزير الدولة في تأييده للقانون، حيث أكّد الوزير علي محمد خان إنّ الحكومة “أيّدت بشكلٍ قاطع” مشروع القانون.
وأمام إقرار هذا القانون الباكستاني تفاعل نشطاء ومُغرّدون عرب مع القرار، وقارنوا حالة اللغة العربيّة في بلادها، وكيف تتراجع مكانتها في مواد التعليم العربيّة، في ظل الانفتاح الخليجي على التطبيع، وتخفيف المواد الدينيّة، وحذف الآيات التي تدعو لمُحاربة اليهود، وعدم الوثوق بمُعاهدتهم، كما ونيّة بعض الدول العربيّة لتدريس اللغة العبريّة، من باب التسامح، والانفتاح على الأديان، هذا إضافةً إلى اختيار بعض أهالي الطلاب المناهج الغربيّة، وتفضيلها على المحليّة، والقول بأنّ اللغة العربيّة ليست لغة العصر، لكنّ حضارات الأمم في الحقيقة تُنسَب للعُلماء العرب، وإبداعاتهم في مجالات عديدة كانت الأساس في تطوّر الحضارة الغربيّة اليوم.
تَجدُر الإشارة إلى أنّ سورية بنظامها الحاكم الحالي، لا تزال من بين الدول العربيّة، وحيدةً، تتمسّك بتدريس مناهجها المدرسيّة، والجامعيّة باللغة العربيّة، حتى أنّ كليّة الطب تُدرّس مُصطلحاتها بالعربيّة، حيث يُواجه الخريجون من سورية بعض العقبات في حال خُروجهم لسوق العمل غير المحلّي.