بثت قناة فضائية عربية منذ أيام برنامجا سياسيا مطولا ، أخذ من الوقت ما لا يستحقه ، تناول بالنقاش والتحليل قضية الشرق الأوسط وما ينتظره من تحديات أمنية وسياسية ، وهذا في ضوء الأحداث التي مرت بهذه الجغرافيا العربية الجميلة ، مع تغيب الجانب الاقتصادي في النقاش الذي قدم خلاله توقعات وتكهنات من هنا وهناك حول مستقبل المنطقة ، واعتمد منشط البرنامج في توزيعه للنقاش على العرض والطلب وكأنه بإحدى الأسواق الخليجية ، إذ لم يكن للجانب الأكاديمي ما يذكر في حديث الغاية منه استمرار تسويق الوهم ، فيقول أولهم لبنان ستبقى مشاكلها عالقة بوجود حزب الله ، لو نزع السلاح من هذه التشكيلة السياسية لما كانت هناك نزاعات وساد المنطقة الأمن والطمأنينة ، ومن المؤسف أن هذا الطرح يؤيده بعض ضعاف النفوس من اللبنانيين أنفسهم ولا يدرون عواقبه ، ويرى أخر وهو وزير خارجية دولة عربية ثبت فشل سياستها الخارجية ، وهي الآن تتخبط كذلك الخنزير أكرمكم الله ، الذي أصابه الصياد ولم ينه حياته بشكل كلي فأتى على الأخضر واليابس – يقول سعادته – مشكلة فلسطين في قيادتها التي تقاعست عن أداء دورها على أحسن وجه ، وعلل ذلك برفض هذه القيادة جل المقترحات التي تقدمها أمريكا لتسوية الخلاف مع إسرائيل ، ولا يتطرق لجوهر الخلاف ، ويدعو بالمناسبة الفلسطينيين إلى التمرد على قيادتهم التي حسبه لا تفكر في مصلحتهم ، ويستمر التحليل والتهليل والتسبيح بحمد أمريكا ، ولا علم لي ماذا قيل لاحقا ، فقد اضطر بي الأمر الى تغيير الفضائية حفاظا على صحتي .
بالقابل فكرت في الرد بما أملك من قدرة على الكتابة ، اكتب رغم أن الموضوع يحتاج إلى معطيات لوضع اليد على موضع الألم والوصول إلى الحقيقة ، أو جزء منها على الأقل ، وأن لا أمزج حبري بعواطفي ، وبما أني في تواصل دائم ببعض أشقائنا بالمشرق عموما تصلني أخبارهم ، ثم هناك فضائيات معتدلة يجوز الاعتماد عليها لقول ما يجوز قوله بكل موضوعية .
ما أردت الإدلاء به هو حقيقة لا تحتاج إلى نقاش هؤلاء والى تكهنات أمثالهم ، هي واقع ملموس يعرفه العام والخاص ، كل شعوب العالم والهيئات الأممية والمنظمات الحقوقية تعلم أن ما حصل ويحصل بالشرق الأوسط حله بيد أبنائه ، الوطنيين المخلصين لأوطانهم بالقول والفعل ، كان يفترض أن يكون النقاش حول هذه النقطة الحساسة وبعث الحوار بجوانبها الإيجابية والسلبية أيضا ولا حرج في ذلك ، الشرق الأوسط أبناءه هم أصحاب قرار إنهاء كل الأزمات التي حلت بهم إن أرادوا ذلك ، والمضي نحو حياة امنة بشرط أن يرتبطوا بالوطن قلبا وقالبا ، وهناك ما يثبت صواب الرأي من خلال تجارب سابقة في العديد من الأحداث التي عايشتها المنطقة ، نعطي مثال على ذلك بفشل اكبر مخطط أمريكي مدمر للأوطان بسوريا ؟ ، مع أنه نفذ بكل بنوده في بلد مجاور ومزقه إلى أشلاء ، وأريد نقله في نسخته الأصلية الى سوريا ، لكنه لم يفلح حتى وان احدث ارتدادات قوية لها أثارها الاجتماعية والاقتصادية لم تكتب له الحياة بهذه الأرض المقدسة ، بفضل بعض المخلصين الذين وهبوا حياتهم للوطن ولم يغادروه ، هذا لا يذكر إعلاميا ، أيضا لا أحد من العرب توقع هزم حزب الله لإسرائيل في حرب تموز ٢٠٠٦ م ، اللبنانيون أنفسهم كانوا يؤيدون الطرح العربي المتشنج ، الى أن فوجئوا بنصر عظيم ، لأن هناك اجماع جماهيري على رؤية واحدة تجاه العدو فحددت مواصفاته ومعاقله ، لذلك إذا ما أخذنا هذه المعطيات على محمل الجد وتمسكنا بالله والوطن ، سوف لن تكن أحاديث لهؤلاء مرة أخرى وان ملكوا كل فضائيات العالم .
مكتب الجزائر : أبو طارق الجزائري