أعلن في العاصمة الأردنية عمان عن وفاة الشاعر والمفكر الفلسطيني عز الدين المناصرة أمس الإثنين 5 نيسان 2021 عن عمر يناهز 75 عاما، متأثرا بإصابته بفيروس كورونا.
وقد نعته وزارة الثقافة الفلسطينية على لسان وزيرها، عاطف أبو سيف، الذي قال إن المناصرة كان “مناضلا صلبا، وشاعرا مجددا، وناقدا كبيرا ساهم بتجديد الخطاب الشعري العربي، ورمزا من رموز الثقافة الوطنية الفلسطينية المقاومة، وأحد أعلام الشعر العربي المعاصر”.
كما نعاه وزير الثقافة الأردني، علي العايد، قائلا إنه ترك إرثا ثقافيا مهما خلال مسيرة حياته، وكان أحد أبرز شعراء جيل الستينيات، الذين عبّرت نصوصهم عن هموم التحرّر الوطني.
ونعاه الاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين في بيان صدرأمس على لسان أمينه العام، الشاعر مراد السوداني، ووصفه “بالشاعر الثوري الكبير”، وأضاف “رحل شاعر فلسطين الفدائي بفروسية منقطعة النظير”.
وقد نعى رئيس رابطة الكتاب الأردنيين، المحامي أكرم الزعبي، الشاعر المناصرة الذي كان أحد مؤسسي الرابطة مطلع سبعينيات القرن الماضي، وقد استقال منها قبل أكثر من عقدين، بقوله “الفقد موجع، وكما يقول درويش فإن الموت لا يوجع الموتى، الموت يوجع الأحياء، وبرحيل الشاعر الكبير الدكتور عز الدين المناصرة تفقد الرابطة خصوصا، والمثقفون في كل الوطن العربي شاعرا متميزا، سطّر حروفه وكلماته في وجدان كل عربي من خلال قصائده الشهيرة، التي صارت على كل لسان مثل (جفرا) و(بالأخضر كفناه) و(عنب الخليل) عزاؤنا أن كلماته باقية وأشعاره خالدة”.
ويعد المناصرة أحد شعراء الثورة الفلسطينية، ومفكرا وناقدا وأكاديميا فلسطينيا، من مواليد بلدة بني نعيم، في الخليل، في 11 أبريل/نيسان عام 1946.
كان والده أحد وجهاء منطقة الخليل ومحكما عشائريًا، وكان جده شاعراً شعبياً في جبل الخليل منذ مطلع القرن العشرين، وحتى وفاته عام 1941.
بدأ المناصرة دراسته في ابتدائية بني نعيم ومن ثم التحق بثانوية الحسين بن علي في مدينة الخليل. بدأ منذ صغره بنظم الشعر ونشر المقالات في المجلات الأدبية الرائجة في تلك الفترة بداية العام 1962. تأثر شعر المناصرة بخصوصية المكان الذي ترعرع فيه حيث تكونت لديه صلة وثيقة بالأساطير والثقافة الشعبية ونمط الحياة المرتبط بتاريخ المنطقة الممتد منذ بروز الكنعانيين في العصر النحاسي إلى العصر الحديث. ظهر هذا التأثر من خلال المفردات والتعابير واستخدام المناصرة للمفاهيم الثقافية المتنوعة المرتبطة بتاريخ فلسطين القديم والحديث.
حصل على شهادة “الليسانس” في اللغة العربية والعلوم الإسلامية من جامعة القاهرة عام 1968 ، أكمل دراساته العليا لاحقاً، وحصل على (شهادة التخصص) في الأدب البلغاري الحديث، ودرجة الدكتوراه في النقد الحديث والأدب المقارن في جامعة صوفيا عام 1981.
تنقل بين هنغاريا (المجر) والجزائر ولبنان والأردن. وعمل كأستاذ للأدب في جامعة قسنطينة ثم جامعة تلمسان ثم عمل كمدير للبرامج الثقافية في الإذاعة الأردنية في عام 1970 وحتى 1973و أسس في الأردن قسم اللغة العربية في جامعة القدس المفتوحة (قبل أن ينتقل مقرها إلى فلسطين) وبعدها صار مديرا لكلية العلوم التربوية التابعة لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
انخرط المناصرة في صفوف الثورة الفلسطينية بعد انتقالها إلى بيروت، حيث تطوع في صفوف المقاومة العسكرية بالتوازي مع عمله في المجال الثقافي الفلسطيني والمقاومة الثقافية كمستقل.
وتم انتخابه كعضو للقيادة العسكرية للقوات الفلسطينية- اللبنانية المشتركة في منطقة جنوب بيروت إبان بدايات الحرب الأهلية اللبنانية عام 1976، وتم تكليفه من قبل الرئيس الراحل ياسر عرفات ليدير مدرسة أبناء وبنات مخيم تل الزعتر بعد تهجير من تبقى من أهالي المخيم إلى قرية الدامور اللبنانية.
وبعد عودته إلى بيروت عام 1982 شارك في صفوف المقاومة من جديد أثناء حصار بيروت، وأشرف على إصدار جريدة “المعركة” إلى أن غادر بيروت ضمن صفوف الفدائيين كجزء من صفقة إنهاء الحصار.
اشتهر المناصرة بقصائده الرعوية والحيزيات و”الكنعانية”، وكتب في الفكر والتاريخ والنقد التشكيلي والسينمائي، وله العديد من المصطلحات المنحوتة، ومنها “النصاص” لوصف كتاب النص، و”القصيدة الخنثى” لوصف قصيدة النثر.
اقترن اسمه بالثورة والمقاومة الفلسطينية، وأطلق عليه برفقة محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد “الأربعة الكبار” في الشعر الفلسطيني.
وغنى قصائده مارسيل خليفة وغيره واشتهرت قصيدتاه “جفرا” و”بالأخضر كفَناه”، وساهم المناصرة في تطور الشعر العربي الحديث وتطوير منهجيات النقد الثقافي.
مؤلفاته :
المجموعات الشعرية
يا عنب الخليل، القاهرة – بيروت، 1968.
الخروج من البحر الميت، بيروت، 1969.
مذكرات البحر الميت، بيروت، 1969.
قمر جَرَشْ كان حزيناً، بيروت، 1974.
بالأخضر كفّناه، بيروت، 1976.
جفرا، بيروت، 1981.
كنعانياذا، بيروت، 1981.
حيزية عاشقة من رذاذ الواحات -عمّان، 1990.
رعويّات كنعانية، قبرص، 1992.
لا أثق بطائر الوقواق،- رام الله، 2000.
لا سقف للسماء،- عمَّان، 2009.
يتوهج كنعان، (مختارات شعرية)، دار ورد، عمّان، 2008.
الكتب النقدية، والفكرية :
الفن التشكيلي الفلسطيني-منشورات فلسطين الثورة-بيروت -1975.
السينما الإسرائيلية في القرن العشرين، بيروت، 1975.
إشكالات قصيدة النثر، بيروت – رام الله 1998.
موسوعة الفن التشكيلي الفلسطيني في القرن العشرين (في مجلّدين)، عمّان، 2003.
نقد الشعر في القرن العشرين، الصايل للنشر والتوزيع، عمّان، 2012.
الكف الفلسطيني تناطح المخرز الأمريكي—الصايل للنشر والتوزيع عمان 2013.
النقد الثقافي المقارن- 2005- علم الشعريات 2007- جمرة النص الشعري 2007.
حاز مناصرة على الجوائز والأوسمة التالية :
جائزة المركز الأول في الشعر، في الجامعات المصرية، الجهة المانحة: رئاسة جامعة القاهرة، الجمهورية العربية المتحدة، 1968.
وسام القدس، الجهة المانحة: اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، 1993.
جائزة غالب هلسا للإبداع الثقافي، الجهة المانحة: رابطة الكتاب الأردنيين، عمَّان، الأردن، 1994.
جائزة الدولة التقديرية، في الآداب، (حقل الشعر)، الجهة المانحة: وزارة الثقافة الأردنية، عمَّان، 1995.
جائزة سيف كنعان، الجهة المانحة: حركة فتح الفلسطينية، 1998.
جائزة التفوق الأكاديمي، والتميُّز في التدريس، الجهة المانحة: جامعة فيلادلفيا، 2005.
جائزة الباحث المتميز في العلوم الإنسانية، عن كتابه: (علم التناصّ، والتلاصّ) الجهة المانحة: وزارة التعليم العالي الأردنية، 2008.
جائزة القدس، الجهة المانحة، الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، القاهرة – يوليو 2011.
إعداد : محمد عزوز
عن ( وكالات وصحف ومواقع )