على طاولة تشبه حياتها جسمت كل تلك الأشياء ( صحون شبه فارغة .. بضع حبات من الزيتون وبقايا حلوى من قشور البطيخ الأحمر .. كأس يكاد بفرغ تشرتشف منه الشاي مع كل تنهيدة صمت .. كسرات خبز تغار من انكساراتها المتلاحقة وضعيفة ومنكسرة علبة الجائر التي تفقد خلال ساعة معظم محتواها لتلوي فارغة …. تحترق لأجل محبيها ومنفضة تحمل أثقال الزفرات وأهات دخان ملأت رئيتها والمكان سوادا ورائحة تشبه تماما أيام الوجع المتراكم في روحها .
على ضوء خافت تستعمله في إشعال سيجارتها تحاول لملمة شتاتها المبعثر من أفكار و ومحاولة لإعادة ترتيب ما تبقى لها من أيام في عمر تناثر ت فيه أوراق عمرها بين الواجب وفنونها وجنونها في تأديته , وترتيب خزائن خيباتها ومسارات تشتتها روحا ومكانا .
ليس من عادتها أن ترافق ساعات اليل فهي اعتادت أن تنام مبكرا بقرب ليلها لمحشو ألما لتسيقظ معه وتترافقا في رحلة البحث عن مقر يتسع لهما يتناسب عكسا مع قدرتها على اقناع ما لديها من مال ليرافقهما بعيدا عن أرصفة التسول ومنازل الابتزاز و قلوب الشمتين الصارخين منهم والصامتين المنتظرين سقوطها , هي تداعب غرة الأمل في صحراء تنصهر وتتماهى معها رغم استعانتها بسيل دموعها الذي يغرق حنجرتها ويخنق نبضها لتخرج أمام الناظرين والمنتظرين بابتسامة وقهقهات بلا طعم .
يستغرقها بين انعدام الرغبة بأي شيئ واضمحلال التفكير لدرجة التغابي بل والتلاعب بمصير ذلك الصوت القادم من أعماقها مناديا : إلى أين … ومتى … وماذا بعد , وتعيد ذات اللعبة التي لا تجيد من الألعاب غيرها تكررها ( لا بأس … أنا الآن بخير …. وغدا لغد .. ) , لكن عقرب القادم يلدغ غربتها ووحدتها محدثا ذلك الخدر المجنون وسم اللحظات يسري في وقتها ويفرغ جعبتها من بقايا الأمل المخزن الباقي من كان وأخواتها لتصبح مشبهة بإنسانة يجب أن ترتدي ثوب الحياة الزاهي .
هي …. لا تعلم لم تكتب وبم ستختم ؟ … تعرف فقط أن ما تكتبه ربما يكون أمطار صيف حال توقفها يعلو الغبار حروفها وتحترق أورقها .
من أقنعها أن الكتابة ملاذ ؟؟؟ هي تعلم أن انقطاع خيط فكرة في غرفة إنعاش الكلمات سيجعلها نسيا منسيا .
هي لا تكتب بالحبر ليسقي وريد كلماتها ويعلق على أوراق الذاكرة ….. لم تعد تعرف كيف تنهي ….. وكنور أتاها ما تحفظه لشاعر الهند الكبير طاغور ( تستطيع أن تدوس الزهرة لكن لا تستطيع أن تفقدها عطرها ) ترتشف جرعة من أمل لختام يورق , ليثب فجاة قوله ( الغنسان ابشع من الحيوان إن أصبح حيوانا )
ليقطع وريد أملها ويوقظها من حالتها صوت جارتها وهي تبكي حبيبها الذي تركها مرمية الروح على رصيف جاف
نفحات القلم – منيرة أحمد