,
دمشق-سانا
أكد السيد الرئيس بشار الأسد في مقابلة مع التلفزيون البرتغالي الرسمي (ار تي بي) بثها مساء أمس أن النظام الدولي الذي تمثله الأمم المتحدة ومجلس الأمن والذي يفترض به أن يحل المشاكل ويحمي سيادة البلدان المختلفة ويمنع الحرب أخفق فعليا في أداء مهمته.
وقال الرئيس الأسد: إن المعارضة المعتدلة مجرد وهم وإن من يسيطر على ساحة الإرهاب في سورية هو إما “داعش” أو “النصرة” بشكل أساسي وبعض الفصائل الأخرى الأصغر.
ولفت الرئيس الأسد إلى أن المسؤولين الغربيين ليست لديهم الإرادة لمحاربة الإرهاب بدليل أن الأميركيين أعلنوا تدريب خمسة آلاف مقاتل الذين سيمثلون دعما آخر للإرهابيين.
وفيما يلي النص الكامل للمقابلة..
السؤال الأول..
بعد بضعة أيام.. سيكون قد مضى أربع سنوات على بدء الاحتجاجات ضد حكومة بشار الأسد. ومنذ ذلك الحين والأمر أشبه بمذبحة.. فقد قتل أكثر من 220 ألف شخص.. وأصبح 4 ملايين شخص مهجرين أو لاجئين. وصول “داعش” جعل الوضع أكثر قتامة. لهذا السبب.. من المهم التحدث إلى شخصية محورية في كل هذه الأحداث. اليوم يجري أول مقابلة له مع وسيلة إعلام برتغالية. الرئيس السوري بشار الأسد.. كيف تصف بلادك اليوم.. سيادة الرئيس…
السوريون مصممون على الاستمرار في محاربة الإرهاب والدفاع عن بلدهم وتحدي الهيمنة
الرئيس الأسد..
دعني أبدأ بالتعليق على العدد الذي ذكرته في مقدمتك حول أعداد الضحايا في سورية.. حيث ذكرت رقم 200 ألف أو 220 ألفا.. وهو الرقم الذي يذكر في وسائل الإعلام الغربية مؤخرا. وهذا رقم مبالغ فيه.. وقد دأب الغرب على المبالغة فيما يتعلق بأعداد الضحايا في سورية. في الواقع.. المسألة ليست حول ما إذا كانوا بمئات الآلاف أو عشرات الآلاف.. فالضحايا ضحايا.. والقتل قتل.. والإرهاب إرهاب. المسألة ليست مسألة أرقام تمثل في شكل بياني أو جدول إحصائي.. المسألة تتعلق بأسر فقدت أفرادها وأحباءها وأقاربها. هناك في سورية كارثة إنسانية. إذن.. الرقم مبالغ فيه. لقد أثرت هذه الأزمة في كل جزء من سورية وفي كل مواطن سوري بصرف النظر عن انتمائه أو ولائه.. لقد أثرت في مصادر رزقهم.. وغذائهم.. وأدويتهم.. والرعاية الصحية التي يتلقونها.. والمتطلبات الأساسية كالتعليم. لقد دمرت مئات المستشفيات.. وآلاف المدارس.. وهناك عشرات الآلاف.. وربما مئات الآلاف من التلاميذ الذين لا يذهبون إلى مدارسهم. كل ذلك من شأنه أن يوفر بيئة خصبة ينمو فيها الإرهاب والتطرف. لكن رغم كل هذه الصعوبات.. فإن السوريين مصممون على الاستمرار في محاربة الإرهاب.. والدفاع عن بلدهم.. وتحدي الهيمنة.
السؤال الثاني..
سيادة الرئيس.. سورية لم تعد بلدا بالمعنى الكامل للكلمة اليوم. الجيش السوري لا يسيطر على جميع حدود البلاد.. وهناك تحالف دولي يرسل طائراته في أجوائكم.. وعلى الأرض هناك كيانات مختلفة. هل انتهت سورية كما نعرفها…
الرئيس الأسد..
لا تستطيع التحدث عن أن سورية انتهت عندما يكون الشعب موحدا وراء حكومته وجيشه ويحارب الإرهاب.. وفي وقت لاتزال المؤسسات تعمل. مازلنا نقدم الدعم الحكومي.. وندفع الرواتب.. حتى في المناطق الواقعة تحت سيطرة الإرهابيين أنفسهم. لانزال….
السؤال الثالث..
ترسلون المال…
الرئيس الأسد..
تماما.. نرسل الرواتب.. لأن هؤلاء موظفون وينبغي أن يستلموا رواتبهم. كما أننا نرسل اللقاحات اللازمة للأطفال في تلك المناطق.
السؤال الرابع..
إذن.. هل تتعاونون مع “داعش”...
الرئيس الأسد..
لا.. لا.. أبدا. نحن نتعامل مع المدنيين الذين يتوسطون مع الإرهابيين أو المسلحين. لكن في المحصلة.. نحن نرسل الأموال وجميع المتطلبات الأساسية تصل إلى تلك المناطق. وهكذا.. لا تستطيع القول إن سورية قد انتهت.. ليست لدينا دولة فاشلة في الواقع. لكن إذا أردت أن تتحدث عن شيء آخر ذكرته في سؤالك فيما يتعلق بانتهاك مجالنا الجوي بشكل غير قانوني من طائرات التحالف ومن الإرهابيين المدعومين من دول إقليمية أو يتصرفون كعملاء لها….
النظام الدولي الذي تمثله الأمم المتحدة ومجلس الأمن أخفق فعليا في أداء مهمته
السؤال الخامس..
والحدود...
الرئيس الأسد..
إن هذا يشكل إخفاقا للنظام الدولي.. هذا النظام الدولي الذي تمثله الأمم المتحدة ومجلس الأمن.. والذي يفترض به أن يحل المشاكل ويحمي سيادة البلدان المختلفة ويمنع الحرب. لقد أخفق هذا النظام فعليا في أداء مهمته. وهكذا.. ما لدينا الآن هو أمم متحدة فشلت في حماية المواطنين دوليا.. بما في ذلك في سورية.. وليبيا.. واليمن وبلدان أخرى.
السؤال السادس..
لكنكم أنتم أيضا أخفقتم. الجيش السوري أخفق.. لأن عددا كبيرا من المسيحيين تم اختطافهم مؤخرا في الشمال.
الرئيس الأسد..
في الواقع.. فإن دور الجيش السوري.. كأي جيش وطني هو حماية كل مواطن.. بصرف النظر عن انتمائه.. أو دينه.. أو طائفته.. أو عرقيته. ضمن ما سبق.. يمكنني القول.. نعم.. نحن نريد ونتمنى أن يكون الجيش السوري قادرا على مساعدة كل سوري منذ بداية الأزمة وحتى الآن. غير أن العقبة الرئيسية التي تحول دون تمكن الجيش السوري من قيامه بذلك تماما.. هو الدعم اللامحدود الذي يقدم لأولئك الإرهابيين من الدول الغربية والإقليمية.
السؤال السابع..
لقد رأينا حتى الآن عدة محاولات لعقد مؤتمر سلام.. وقد فشلت جميعها. ما يجري حتى الآن هو محادثات حول المحادثات. ما الذي يمكن أن يساعد في الخروج من هذا المأزق سيادة الرئيس…
الرئيس الأسد..
هل تقصد ما حدث في جنيف…
السؤال الثامن..
جنيف1 وجنيف2 والمبادرة الروسية.. جميعها أخفقت.
الرئيس الأسد..
الحل هو حل سياسي.. لكن إذا أردت أن تجلس مع شخص ما أو حزب ما لا يؤثر في الوضع على الأرض.. فسيصبح الأمر محادثات من أجل المحادثات.. هذا صحيح. لم نكن نحن من اختار الطرف الآخر في جنيف. لقد تم اختياره من الغرب.. وتركيا.. والسعودية وقطر. لم تكن المعارضة التي أجرينا حوارا معها معارضة سورية. أنت محق.. فإذا أردت أن تجري حوارا.. فينبغي أن تجريه مع معارضة سورية.. مع شريك سوري.. مع أشخاص سوريين يمثلون سوريين داخل سورية.. لا أشخاصا يمثلون دولا أخرى. وهكذا.. فإن ما حدث في جنيف لم يكن النموذج الذي ينبغي أن نتبناه.
السؤال التاسع..
لكن ما الذي تقوله هنا… هل هذه المعارضة مقبولة بالنسبة لكم.. أو…
الرئيس الأسد..
أي معارضة تعمل من أجل السوريين.. من أجل الدفاع عن البلاد.. وتمثل السوريين أو جزءا منهم….
السؤال العاشر..
في إطار الدولة السورية…
الرئيس الأسد..
لا.. لا. أي معارضة تعمل من أجل الشعب السوري. لا علاقة لذلك بالدولة ولا بالحكومة.
السؤال الحادي عشر..
إذن.. أنت تستثني الائتلاف الوطني…
الرئيس الأسد..
أنا لا أستثني أحدا طالما كان سوريا. أنا أتحدث عن معايير. كل شخص أو حزب تنطبق عليه هذه المعايير يمكن أن نعتبره جزءا من المعارضة. إذا كان الائتلاف قد تشكل في الغرب أو في أي بلد آخر.. فإنه لا يعد سوريا. إنه لا يمثل الشعب السوري.. ولن يقبل به الشعب السوري.
السؤال الثاني عشر..
لكن هل تستطيعون التحدث إليهم أم لا…
الرئيس الأسد..
في الواقع.. ما دأبنا على فعله منذ بداية الأزمة هو أننا لم نترك خيارا لم نستكشفه. جربنا كل الحلول الممكنة كيلا نسمح لأحد بالقول..”لو فعلوا هذا لما كان حدث ذاك”. وبالتالي..فقد تحدثنا حتى إلى الائتلاف.. رغم أننا نعرف مسبقا أنه لا يمثل السوريين.. بل يمثل الدول التي شكلته. ثانيا.. ليس للائتلاف أي نفوذ على الأرض في سورية.. لا على المسلحين ولا على الإرهابيين.. ولا على أي شخص أو مجموعة ضالعة في المشكلة في سورية.
من يسيطر على ساحة الإرهاب في سورية إما “داعش” أو “النصرة”بشكل أساسي وبعض الفصائل الأخرى الأصغر
السؤال الثالث عشر..
إذن.. أنت تقول إن “الجيش السوري الحر” لا يتمتع بأي نفوذ على الأرض.. وأن “النصرة”و”داعش”هما التنظيمان الوحيدان اللذان يتمتعان بنفوذ على الأرض…
الرئيس الأسد..
حتى أوباما قال ذلك. قال إن المعارضة المعتدلة مجرد وهم. وبات العالم كله يعرف اليوم أن ما يسمى “المعارضة المعتدلة”.. سواء أطلقوا عليها “الجيش السوري الحر”.. أو أي اسم آخر.. وهناك العديد من الأسماء.. جميعها مجرد وهم. في الواقع من يسيطر على ساحة الإرهاب في سورية هو إما “داعش” أو” النصرة”بشكل أساسي.. وبعض الفصائل الأخرى الأصغر.
السؤال الرابع عشر..
إذن.. في المحصلة فإن الحل في سورية حل عسكري وليس سلاما يتم التوصل إليه عبر التفاوض…
الرئيس الأسد..
لا.. في الواقع فإن ما فعلناه مؤخرا.. وطالما لا يوجد طرف نتفاوض معه ويتمتع بنفوذ على المسلحين على الأرض.. فإننا توجهنا لعقد مصالحات مع المسلحين في بعض المناطق.. وقد نجح ذلك. وهذا يعد حلا سياسيا واقعيا جدا.. في الواقع فإن هذه هي الطريقة التي تستبعد من خلالها الحل العسكري.. بالتحاور معهم وإقامة مناطق آمنة.
السؤال الخامس عشر..
فيما يتعلق بالحوار.. هناك جنيف1 وجنيف2 والمبادرة الروسية. أليس بين كل هذه المحاولات شيء مشترك… أليس هناك شيء.. أو قضية تمكنكم من تكوين نقطة بداية… هل هناك شيء مشترك بينكم وبينهم…
الرئيس الأسد..
إذا أردت التحدث عما حصل في موسكو.. فإنه يختلف عما حصل في جنيف.. لأنهم دعوا بعض أطراف المعارضة.. لأننا لا نستطيع التحدث عن معارضة واحدة. هناك معارضات عديدة مختلفة لا يمكن وضعها جميعا في سلة واحدة. بعضهم يمثل بعض السوريين.. وبعضهم لا يمثل أحدا.. وهكذا. لدينا أشياء مشتركة مع بعض أطراف المعارضة التي دعيت إلى موسكو. لقد شكل ذلك بداية الحوار الذي يمكن أن يستغرق وقتا طويلا. لكن في المحصلة.. إذا أردت ألا تتحدث عن الحوار بل عن النتائج المتحققة على الأرض.. فإن السؤال هو.. من هذه الأطراف التي نسميها معارضة.. من منهم يمثل الشعب السوري ويمكن أن يؤثر في المسلحين على الأرض من أجل حقن دماء السوريين… هذا هو السؤال.. وليس لدينا جواب عليه حتى الآن.. لأنهم هم الذين ينبغي أن يثبتوا ذلك وليس نحن.
نحن لدينا جيشنا الذي يمتثل لأوامر الحكومة.. فإذا أصدرت الحكومة أمرا.. فإن الجيش يمتثل له. لكن ماذا عن الآخرين… من يسيطر على الإرهابيين… هذا هو السؤال.
السؤال السادس عشر..
ذكرت سابقا أن بعض البلدان.. مثل فرنسا.. لا تريد النجاح لأي مؤتمر سلام. لماذا…
الرئيس الأسد..
في الواقع.. دعنا نقل إن هناك نقطتين أو سببين. السبب الأول لا يتعلق بالفرنسيين فقط بل بكل مسؤول كان ضالعا في الأعمال الدعائية والعدوان على سورية خلال السنوات الأربع الماضية. إن انتهاء هذه الحرب سينزع الأقنعة عن هؤلاء المسؤولين أمام الرأي العام في بلدانهم.. هذا في البلدان التي فيها رأي عام.. فأنا لا أقصد السعودية وقطر اللتين ليس فيهما رأي عام في أي حال. لكن بشكل عام.. فإن أقنعتهم ستسقط فيما يتعلق بالسؤال.. ما هذه الثورة التي تحدثتم عنها… كيف لثورة أن تنهار أو تفشل وهي مدعومة من الغرب.. ومن الدول الإقليمية.. ومع كل تلك الأموال والأسلحة وما إلى ذلك.
افترضتم أن هناك ديكتاتورا يقتل شعبه الطيب.. وهكذا فإن الشعب ضده.. والدول الإقليمية ضده.. والغرب ضده.. ورغم ذلك نجح. ثمة خياران.. إما أنكم تكذبون علينا.. أو انكم تتحدثون عن سوبرمان. ولأنه ليس سوبرمان.. بل رئيس طبيعي.. فإن ذلك يعني أنه صمد أربع سنوات لأنه يتمتع بالدعم الشعبي.
هذا لا يعني دعما شعبيا كاملا.. مئة بالمئة.. أو دعما شعبيا مطلقا.. لكن المؤكد أنه يتمتع بدعم شريحة واسعة من الشعب السوري. إذن.. هذه كذبة سيسأل الرأي العام في الغرب وفي دول أخرى المسؤولين عنها. ماذا عن الربيع العربي الذي تبين أنه أزهر.. بدلا من البراعم.. دما وقتلا ودمارا… هل هذا هو الربيع الذي تحدثتم عنه… هذا السبب الأول.
السبب الآخر يتعلق أكثر بفرنسا. إنه يتعلق بالعلاقات المالية بين فرنسا ودول الخليج. ربما بسبب المصاعب المالية التي يواجهونها.. لا أعرف. إلا أن هذه العلاقات المالية.. وليس لدي أي دليل حول ما إذا كانت المسألة تتعلق بالمصالح الشخصية للمسؤولين الفرنسيين أو بالمصالح العامة.. لكن في المحصلة فإن هذه المصالح المالية دفعت أولئك المسؤولين الفرنسيين إلى استبدال قيمهم في الحرية والإخاء والديمقراطية.. وجميع تلك القيم التي كانوا يعظون العالم بها.. بالبترودولارات. وهكذا فإن أولئك المسؤولين الفرنسيين وبعض المسؤولين في بلدان أخرى لم يعودوا يمارسون ما يعظون به.
السؤال السابع عشر..
لكن يبدو أن ثمة تغيرا. لقد استقبلتم أعضاء في البرلمان الفرنسي. هل كانت زيارة منظمة أم انها شكلت مفاجأة لكم…
الرئيس الأسد..
لا.. لا. لم تكن الزيارة مفاجئة.. لأن هذا لم يكن أول وفد يزور سورية.
السؤال الثامن عشر..
أول وفد فرنسي…
الرئيس الأسد..
من فرنسا ومن بلدان أخرى.. لقد كانت هناك أنواع مختلفة من الوفود.. نشطاء.. ووسطاء.. وبعض المسؤولين الذين أتوا للتعامل معنا من تحت الطاولة.
السؤال التاسع عشر..
هل تم تنظيم هذه الزيارة مع حكومتكم…
الرئيس الأسد..
نعم.. لقد تم تنظيمها بشكل رسمي.. وكان لدى الوفد جدول أعمال عندما أتى. وقد تم ترتيب ذلك قبل أسابيع.. ولم تكن مفاجئة.
السؤال العشرون..
تم ترتيبها مع دبلوماسيين فرنسيين…
الرئيس الأسد..
كان لدينا انطباع.. وهو انطباع قوي.. بأن معظم أعضاء الحكومة.. أو المسؤولين الرئيسيين فيها.. كانوا يعلمون بأمر الزيارة مسبقا.. ولم يعارضوها.
السؤال الحادي والعشرون..
هل بعثوا لكم بأي رسالة…
الرئيس الأسد..
لا.. لم تكن هناك رسالة. لقد جاؤوا ليشاهدوا الواقع على الأرض. وأعتقد أن هذا يعكس ليس فقط بالنسبة لهذا الوفد.. بل بالنسبة لجميع الوفود التي زارت سورية مؤخرا ومن مختلف البلدان.. وخصوصا من الغرب أن هؤلاء لا يصدقون الرواية التحريضية حول سورية التي يروجها مسؤولوهم. يريدون أن يعرفوا الحقيقة. أقصد أن هناك شكوكا حول كل الحملة الدعائية الموجودة في الغرب.
السؤال الثاني والعشرون..
بمعنى ما.. فإن المناخ يتغير.. لأن ثمة من يفكر بأنه رغم أن هذا قد يشكل حلا سيئا.. فمن الأفضل التعامل مع بشار الأسد من التعامل مع حل أسوأ سيتمثل في ” داعش”.
الرئيس الأسد..
لا أعتقد أن الناس بشكل عام يفكرون في الاحتمال الثاني. الأمر يتعلق بالجزء الأول مما طرحته.. حول ما يحدث وكيف أن كل ما قلناه في بداية الأزمة باتوا يرددونه لاحقا. قالوا إن المظاهرات سلمية.. وقلنا إنها لم تكن سلمية.. حيث إن من وصفوهم بالمتظاهرين السلميين قتلوا رجال شرطة. ثم أصبح الحديث عن مسلحين.. قالوا نعم إنهم مسلحون. قلنا إن الأمر لا يقتصر على مسلحين.. بل هناك إرهاب. قالوا لا ليس هناك إرهاب. ثم أقروا بأن هناك إرهابا. قلنا إن هؤلاء ينتمون إلى القاعدة.. فقالوا لا.. لا علاقة للقاعدة بهذا. إذن كل ما قلناه سابقا يرددونه لاحقا. لقد أثاروا الكثير من الشكوك في الغرب. هذه الوفود تأتي لتفهم هذا الجزء من المسألة. لماذا تقولون الآن ما قالته سورية في البداية… لقد أضاف القائمون على الحملات الدعائية في الغرب.. سواء من المسؤولين أو الإعلاميين.. شيئا جديدا للقصة الحقيقية.. وهو أن “داعش”و”النصرة”من صنع الأسد.. أو أنهما نشأا بسبب سياساته.
السؤال الثالث والعشرون..
لكنكم أطلقتم سراح العديد من الجهاديين من السجون ممن انضموا إلى “داعش”.
الرئيس الأسد..
لا.. لقد حدث ذلك قبل الأزمة. كانوا محكومين لسنوات عدة وعندما انتهت أحكامهم أطلق سراحهم. نحن لم نفعل ذلك أبدا.. نحن دولة لديها مؤسسات وجهاز قضائي.
ينبغي لمحاربة الإرهاب أن تصبح قيمة لا يجوز أن تطغى عليها الانتهازية
السؤال الرابع والعشرون..
في كل الأحوال.. فإن أوروبا تواجه على نحو متزايد تهديدات إرهابية ترتبط بالحركات الجهادية بعضها على علاقة بالمجموعات هنا في سورية.. أعني القاعدة أو” داعش”. والسؤال هنا.. هل تستطيع سورية مساعدة البلدان الأوروبية في محاربة هذه التهديدات الإرهابية…
الرئيس الأسد..
هذا الأمر أشبه ببناء حيث لا تستطيع إشادة بناء دون أساس. إذن.. ما الأساس الذي تحتاجه في هذه الحالة… أولا.. ينبغي أن يكون هناك مسؤولون في أوروبا لديهم الإرادة لمحاربة الإرهاب. وهذا غير موجود حاليا. الأمر الثاني هو أن تكون هناك سياسات حكيمة. لا يجوز أن يكون هناك مسؤولون متغطرسون.. وعنيدون يتبنون سياسات أنانية متعالية. ثالثا.. وهذا أمر في غاية الأهمية.. ينبغي لمحاربة الإرهاب أن تصبح قيمة. لا يجوز أن تطغى عليها الانتهازية بمعنى أنه لأنكم تعانون الإرهاب في أوروبا.. تخافون وتريدون محاربة الإرهاب في هذه المنطقة. ماذا بشأن ما كان يحدث قبل سنوات عدة… لم تكونوا تعانون ذلك.
السؤال الخامس والعشرون..
لكن هل تستطيعون المساعدة…
الرئيس الأسد..
إذا لم يستطيعوا مساعدة أنفسهم أولا.. فنحن لا نستطيع ذلك. إذا ساعدوا أنفسهم.. فنحن مستعدون للمساعدة. إذا قمتم بوضع الأساس.. إذا كان لديكم هذا الأساس.. يمكنكم أن تمضوا بتشييد البناء. هنا يمكن الحديث عن كيفية إدماج المكونات في بلادكم.. كيف تتبادلون المعلومات الاستخباراتية. هناك العديد من الوسائل. نحن نستطيع المساعدة بالطبع.. لكن ينبغي وضع الأساس لضمان النجاح.
السؤال السادس والعشرون..
سيادة الرئيس.. دعني أقرأ هذا الاقتباس..”الشعب السوري يتطلع إلى الحرية والعدالة وحقوق الإنسان.. إنهم يتطلعون إلى مزيد من التعددية والديمقراطية”. وزير خارجيتكم قال هذا في مؤتمر جنيف. إلا أن ثمة تصورات مختلفة عن الدولة السورية في الغرب. حتى الآن.. ينظر إليها على أنها وحشية..ودون رحمة وديكتاتورية. والمسألة ليست مسألة صورة وحسب.. فكيف يمكن إذن إقناع الناس…
الرئيس الأسد..
هذا غير منطقي وغير واقعي.. لأنه كيف يمكن لشخص يقتل شعبه ويقمع شعبه أن يحظى بدعم الشعب نفسه… كيف ذلك… أخبرني عن هذا التناقض. انظر إلى الأمر من الخارج. هل هو مقبول… هل تستطيع فهمه… الأمر غير مفهوم.
السؤال السابع والعشرون..
لكن.. سيادة الرئيس.. الواقع.. إذا سمحت لي بالعودة إلى الوراء ومحاولة….
الرئيس الأسد..
قبل الأزمة…
السؤال الثامن والعشرون..
أحاول أن أقول إنكم بدأتم قبل أربع سنوات بمظاهرات سلمية جرى قمعها.. ثم حملت حكومتكم المسؤولية عن العديد من المزاعم بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان وأعمال القمع.. بعضها مستقى من صفوفكم. هناك تقرير المدعو “قيصر” الذي انشق عن الجيش.. ويحوي صورا لمذابح وتعذيب للمعارضة. هناك مزاعم بأنكم استعملتم الأسلحة الكيميائية. وهناك مزاعم بأنكم تستعملون البراميل المتفجرة حتى الآن. كما إن تقارير المنظمات التي ترصد حقوق الإنسان في سورية ليست إيجابية بالنسبة لكم.. أو لحكومتكم أو للجيش السوري.
الرئيس الأسد..
أنت تتحدث عن حملة دعائية هائلة لاتزال مستمرة منذ أربع سنوات. لا نستطيع الرد على كل ما جاء فيها في مقابلة واحدة.. لكني سأقول إن المظاهرات لم تكن سلمية قط.. لأننا في الأسبوع الأول فقدنا العديد من رجال الشرطة. كيف حدث ذلك… كيف يمكن لمظاهرة سلمية أن تقتل رجل شرطة… لم تكن سلمية.. وهكذا من حينها بدأ الكذب. كانت تلك بداية الحملة الدعائية.
السؤال التاسع والعشرون..
كل تلك كانت أكاذيب طوال الوقت… أربع سنوات من الأكاذيب.. سيادة الرئيس…
الرئيس الأسد..
تماما.. هذا ما حدث. وإلا.. كيف ظهر”داعش”… فجأة… لا يمكن أن يظهر”داعش”فجأة.. ولا يمكن لكل هذه الأسلحة أن تظهر فجأة.. ولا يمكن أن تظهر”جبهة النصرة”فجأة. إنها عملية طويلة لا يمكن أن تحدث خلال بضعة أسابيع. فجأة.. بدأ الجميع بالتحدث عن “داعش”. عودوا إلى تصريحاتنا منذ البداية فسترون أن تطور الأحداث كان سائرا في ذلك الاتجاه منذ البداية.. وكنا نقول ذلك. لم يرغبوا بالإصغاء.. بل أرادوا الإصغاء إلى تصريحاتهم هم. يقولون إن من المستحيل أن يكون كل ما يقال في الغرب أكاذيب. لكن كيف يمكن لك أن تعرف الحقيقة إذا لم تكن لديك سفارة في هذا البلد… كيف يمكن أن تقول الحقيقة إذا كنت تصغي إلى قطر والجزيرة.. قطر التي تدفع الأموال لأولئك الإرهابيين…
ايديولوجية “داعش” هي الايديولوجيا الوهابية
السؤال الثلاثون..
إذن.. أنت تحمل المسؤولية لتركيا.. وقطر والسعودية على أنها العمود الفقري للجهاديين. هل لديك دليل على ذلك…
الرئيس الأسد..
الأمر بسيط.. ما ايديولوجية “داعش”… إنها الايديولوجيا الوهابية. هل لدينا مثل هذه الايديولوجيا في سورية… هل هي موجودة في المغرب مثلا… هل هي موجودة في غرب العالم العربي… في الواقع.. إنها موجودة في السعودية.
أردوغان جزء من الإخوان المسلمين
السؤال الحادي والثلاثون..
نفس الايديولوجيا الموجودة في السعودية…
الرئيس الأسد..
في السعودية وقطر. إنها الايديولوجيا الوهابية. ثانيا.. أردوغان جزء من الإخوان المسلمين. إنه مدافع شرس عن ايديولوجيا الإخوان المسلمين التي كانت أول منظمة في تاريخ الإسلام تدعو إلى العنف لتنفيذ أجندة سياسية وذلك منذ بداية القرن الماضي. إذن.. لديك هؤلاء وهذا يكفي. بالعودة إلى وسائل الإعلام الغربية.. والأميركية على وجه الخصوص.. يقولون إن 80 بالمئة من الإرهابيين يأتون عبر تركيا. وهناك دليل واقعي آخر.. ما تسمونها في وسائل إعلامكم كوباني.. واسمها عين العرب. استغرق تحريرها أربعة أشهر.. رغم ضربات التحالف.. لماذا…في الواقع فإن مدينة مشابهة بنفس الحجم ونفس طبيعة الأرض استغرق تحريرها أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع على يد الجيش السوري. لماذا… لأنهم كانوا يتلقون الدعم اللوجستي على الحدود عبر تركيا. كانوا يرسلون لهم كل شيء.. السلاح.. وكل أنواع الدعم. الحدث الأخير.. عندما قامت تركيا….
السؤال الثاني والثلاثون..
هل قدمتم الدعم للأكراد… هل دعم الجيش السوري الأكراد…
الرئيس الأسد..
بالطبع.
السؤال الثالث والثلاثون..
لأنهم هم أيضا يقاتلون الجيش السوري.
الرئيس الأسد..
قبل قضية كوباني. قبل ذلك كنا نقدم لهم الدعم. قبل كوباني كنا نقدم الدعم للأكراد.. لأن الأمر لم يبدأ عندها. كنا نقدم الدعم قبل أن يبدأ التحالف بتقديم الدعم للأكراد. كنا نرسل لهم الأسلحة. بالطبع.. سيقولون إن ذلك لم يحدث لأن الأميركيين قالوا لهم..”قولوا لا.. ونحن سنساعدكم”. إذا قالوا نعم.. فإن الأميركيين سيغضبون منهم. أقول هذا احتياطا لأي تصريح من قبلهم بأننا لم نكن ندعمهم. لدينا كل الوثائق حول الأسلحة التي كنا نرسلها لهم.. إضافة إلى الضربات الجوية.. وعمليات القصف وغير ذلك.
المسؤولون الغربيون ليست لديهم الإرادة لمحاربة الإرهاب
السؤال الرابع والثلاثون..
يجري الآن تدريب قوات سورية جديدة في إطار”الجيش السوري الحر” المدعوم من الولايات المتحدة للقتال ضد داعش. هل تعتقد أنه سيجب عليكم قتالهم أيضا…
الرئيس الأسد..
كما تعرف وأعرف ويعرف الجميع أن الأميركيين أعلنوا تدريب خمسة آلاف مقاتل وهذا دليلي على أن المسؤولين الغربيين ليست لديهم الإرادة لمحاربة الإرهاب. هذا هو الدليل. قلت لك إن الأساس ينبغي أن يكون الإرادة. هذا يعني أنهم لا يمتلكون الإرادة إذا كان أوباما قد قال إن المعارضة المعتدلة مجرد وهم.. فإلى من ترسلون المال والسلاح… هذا هو الواقع. لا ترسل ذلك إلى وهم بل إلى واقع.. والواقع هو المتطرفون. والخمسة آلاف مقاتل الذين يتحدثون عنهم سيمثلون دعما آخر للإرهابيين لأن نفس قواعد المنظمة التي تلقت الدعم من الغرب.. بالمال والسلاح.. انضمت إلى داعش بالأشخاص والأسلحة.
لا ينبغي لأوروبا أن تعزل نفسها عن الواقع
السؤال الخامس والثلاثون..
سؤالان أخيران.. هذه أول مقابلة تجريها مع صحفي من بلد ناطق باللغة البرتغالية. هل تتوقع شيئا من هذه البلدان…
الرئيس الأسد..
لا أتوقع بل آمل. لدي أمل بسيط وهو أن يقول المسؤولون الحقيقة لشعبهم.. الحقيقة غير المنحازة.. ودون أي تصورات مسبقة. قولوا الحقيقة لشعوبكم وحسب وسيتمكنون من تحليلها. ثانيا نأمل من البرتغال.. كجزء من الاتحاد الأوروبي أن تنظر إلى ما فعلته جمهورية التشيك.. البلد الصغير الذي لا يتجاوز عدد سكانه عشرة ملايين.. لكنه كان حكيما في التعامل مع الأزمة في سورية. لا يزالون يحتفظون بسفارتهم.. ويستطيعون أن يعرفوا ما يحدث على الأرض.. لأن العزلة ليست سياسة. عندما تعزل نفسك.. عندما تحاول أن تعزل بلدا بسحب سفيرك أو إغلاق سفارتك.. فإنك تعزل نفسك عن الواقع. ولا ينبغي لأوروبا أن تعزل نفسها عن الواقع. نأمل أن تتمكن البرتغال من لعب ذلك الدور في الاتحاد الأوروبي بتغيير تلك النزعة التي بدأت مع إدارة بوش في الولايات المتحدة والمتمثلة في أنهم عندما تكون لديهم مشكلة مع أحد ما أو منطقة ما.. وبدلا من مزيد من الانخراط فإنهم يقطعون علاقتهم معها. هذه ليست سياسة.
السؤال السادس والثلاثون..
سؤال أخير.. سيادة الرئيس. أنت لاعب أساسي في أي اتفاق سلام محتمل. هل تشعر أحيانا بشكوك وبقلق حيال هذه المسؤولية الجسيمة… ألا تشعر بما سيقوله التاريخ عنك…
الرئيس الأسد..
بالطبع.. هذا هو الشيء الأهم الذي ينبغي أن يفكر فيه أي سياسي أو قائد. ويتعلق الأمر أولا وقبل كل شيء بأن تكون لدينا الإرادة الجيدة والنية الطيبة لمساعدة بلدنا.سيحكم عليك الناس طبقا لإرادتك.. بمدى تمسكك ببلدك.. بمدى وطنيتك.. وليس بكونك دمية يتم تحريكك من الخارج. هذا هو الأمر الأهم.. أن تفعل كل ما في وسعك لحماية بلدك وحماية شعبك.
السؤال السابع والثلاثون..
شكرا لك سيادة الرئيس على منحنا هذه المقابلة.. وشكرا لوجودك على التلفزيون البرتغالي.
الرئيس الأسد..
شكرا لك.