سلطت صحيفة الديار اللبنانية الضوء على أهمية وعظمة مدينة تدمر الأثرية في مقال لها حمل عنوان " تدمر ملكة ملكات الشرق تلحق بسبايا داعش" جاء فيه:
قالت الصحيفة: لم يكن ذلك "الداعشي"، الذى رفع راية تنظيمه الإرهابي فوق قلعة تدمر التاريخية، يعلم أن هذه المدينة التي بقيت أبية عصيّة على السقوط والانهيار في وجه أعتى إمبراطوريات الزمن العتيد.
لم يكن يعلم أن جيوشاً دحرت وأعداءً سحقت أمام جدران تلك القلعة العتيقة التي لطالما ظلت شامخة حتى في وجه أقوى محاربي العالم وقادة جيوشها.
وتتابع.. لم يكن يعلم قصة "تدمر"، تلك المدينة المملكة، التي عجز القائد الروماني الشهير، مارك أنتوني، عن الانفراد بها وظلت باسقة بقلاعها وحصونها في وجه جيوشه، ليعلن القائد، الذي أوقع الملكة كليوباترا ذاتها، هزمته وانكساره على أسوار مدينة "تدمر".
منذ زمن بعيد، ما يقرب من 1755 عاماً وربما أكثر، حكمت الملكة زنوبيا "ملكة ملكات الشرق" إمبراطورية تدمر"، التي وتبعد بضعة كيلومترات عن نهر "الفرات" وتتبع الآن محافظة حمص وسط سورية.
تقول مخطوطات بابلية قديمة، إن أصل تسمية "تدمر"، وفقا للغة الآرامية السورية القديمة، يعنى "البلدة التي لا تقهر".
وأضافت الصحيفة: آنذاك كانت مدينة واحدة من سورية قادرة على الوقوف في وجه الإمبراطورية الرومانية بأسرها، كانت أبية عصية على السقوط، ولم تلن قناتها أمام جحافل الإمبراطوريات الأعظم في العالم آنذاك، بل تمكنت مملكة "تدمر" من التمدد وبسط هيمنتها على قطع مجاورة حتى مدت أذرعها وحضارتها وجيوشها لتصل إلى حدود آسيا الصغرى شرقاً وإلى نهر النيل في مصر، غرباً.
وأردفت الصحيفة: لكن مفارقات العصر الحالي وتصاريفه أتت برياحها المسمومة إلى المنطقة، فها هي "تدمر" التاريخية العريقة وآثارها وإمبراطوريتها تتهاوى في يد تنظيم "داعش" الإرهابي، الذي قتل أكثر من 400 سوريا بين نساء وأطفال، على حسب ما أعلنه التلفزيون السوري، لتنضم ملكة ملكات الشرق "زنوبيا"، إلى "طابور السبايا" في أيدي "داعش" اللائي يأسرهن من كل أرض يطأ عليها.
وتابعت.. ففي العشرين من أيار الجاري، سقطت "تدمر" بين يدي تنظيم "داعش", ورغم أن البيت الأبيض، رأى في سقوط تدمر في يد "داعش"، "انتكاسة للتحالف الدولي: الذى تقوده أمريكا، حسب قول متحدث البيت الأبيض، فإن الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، لم يستجب للجمهوريين الذين دعوا إلى إرسال قوات برية لمحاربة التنظيم الإرهابي.
فالرئيس الأمريكي يري أن التحالف "يحقق مصالحه عبر القصف الجوي"، في وقت كشف فيه السيناتور الأمريكي، جون ماكين، في تصريحات أخيرة له أن "75% من الطلعات الجوية لطائرات التحالف تعود إلى قواعدها دون تحقيق أهدافها".
وبمجرد سماع خبر استيلاء "داعش" على مدينة "تدمر"، فإن أول ما يتبادر إلى الذهن تلك الصورة الممجوجة لـ"معاول الهدم"، التي تطيح يميناً وتضرب يساراً بكل نتاج حضاري إنساني، على غرار ما فعله "الداعشيون" في آثار الحضارة الأشورية ومدينة النمرود أقدم عواصم التاريخ، وتدميرهم لـ"الثور المجنح" الأشوري، الذى يعود تاريخه إلى ما يقرب من 3 آلاف عام.
وختمت الصحيفة بـ ورغم الإدانات ومواقف الاستهجان ومشاعر الأسى، تبقى تدمر السورية "سبية" في أيدي عناصر داعش، معلنة انهيار "حصن زنوبيا" أمام الغزو الداعشي الجديد في المنطقة، وتترقب إعادة ترتيب الجيش السوري لأوراقه واستعادة المدينة مرة أخرى.
مركز الإعلام الإلكتروني