«إن كان من الممكن إسقاط بلاتر فالوقت هو الآن»، هكذا علّق رئيس الاتحاد الأوروبي ميشال بلاتيني على فضائح الفساد التي طاولت الاتحاد الدولي لكرة القدم وكشفها القضاء الأميركي قبل يومين فقط من اختيار الرئيس الجديد لـ«فيفا»، لكن وعلى ما يبدو فإن هزيمة بلاتر لم تكن ممكنة، هذا على الأقل ما قالته نتائج الاقتراع السري التي نصبته رئيساً للمرة الخامسة.
«لا تقلقوا إنه ميت يمشي على قدمين» كان عنوان صحيفة «دايلي ميل» البريطانية في إشارة إلى أن فوز بلاتر لا يعني سلامته من التهم المنتظر أن تطاوله مع تكشف فضائح فساد اتحاده، لكن العجوز «السبعيني» لا يرى في كل ما تقوله الصحافة البريطانية أكثر من حملة كره موجهة ضده، بل إنه ذهب إلى أبعد من ذلك حين استغرب من تبني الاتحاد الأوروبي بأكمله حملة كره لـ«فيفا» لا لشخصه فقط.
ولكن السنوات والتجارب الماضية تقول إن ما حدث الجمعة لم يكن مفاجأة لأحد، فالأرقام الأولية أكدت وغير مرة بأن فوز بلاتر مسألة وقت لا أكثر، وأن السؤال الوحيد الممكن طرحه في مثل هذه الحالة هو هل يفوز من الجولة الأولى بتحقيقه ثلثي الأصوات أم ينتظر حتى الجولة الثانية؟ وهو ما كان سيحدث لولا انسحاب منافسه علي بن الحسين، وربما كانت الأصوات الأوروبية القوية التي أعلنت صراحة خلال الأيام الماضية نيتها دعم الأمير علي بن الحسين إضافة إلى أميركا وغيرها من الدول العربية أدخلت الأمل في قلوب بعض من كانوا ينتظرون التغيير.
لكن ذلك الأمل الذي تبدد بعد إعلان حصول بلاتر على 133 صوتاً في الجولة الأولى يأتي وليد غياب الحسابات الدقيقة لمعادلة انتخابات اتحاد الكرة الدولي، فالأصوات الـ209 التي تملك الحق في اختيار أي من المرشحين تأتي بالقيمة ذاتها فصوت حامل لقب كأس العالم الاتحاد الألماني لكرة القدم الذي صوت للأمير علي بن الحسين هو ذاته صوت نظيره في الاتحاد الفيتنامي الذي ذهب صوته في الاتجاه المعاكس، ما يزيد من تعقيد المعادلة على الخصوم ويتركها سهلة على الرئيس الحالي جوزيف بلاتر.
تقرير مفصل أورده موقع «بي بي سي» الإخباري يقول إن الاتحاد الأفريقي لكرة القدم إلى جوار نظيره في آسيا كان اللاعب الأهم في معادلة فوز العجوز السويسري، لا غرابة في ذلك إذا ما أدركنا بأن القارتين مجتمعتين تملكان 99 صوتاً، فيما تملك أوروبا 54 صوتاً كثاني أهم القارات بعد أفريقيا، وترجع «بي بي سي» قوة بلاتر في قارتي آسيا وأفريقيا إلى الدور اللافت الذي لعبه السويسري في تطوير الرياضة في القارتين.
ويمكن الاعتماد على تصريح الرئيس الجديد للاتحاد النيجيري لكرة القدم أمينو مايغري الذي أدلى به إلى «بي بي سي» لمعرفة الأسباب التي تدفعهم إلى الاصرار في كل مرة على اختيار السويسري إذ يقول: «بلاتر يحس بأفريقيا، يعرف مشكلاتها ويقف معها، ما كان لنا أن نستفيد من كل الدعم المقدم من الاتحاد الدولي لكرة القدم لو لم يكن بلاتر على رأسه».
وتكفي جولة في موقع «فيفا» وتحديداً في قسم التطوير الدولي للوقوف على المشاريع الكبيرة التي شهدتها أفريقيا، دولة مثل تشاد استفادت ومنذ العام 2011 وحتى اليوم من أكثر من 26 مشروعاً رياضياً بدعم مادي من الاتحاد الدولي، جلها يأتي بمنشآت ضخمة من أندية رياضية ومقار للتدريب والتطوير سواء للمدربين أم اللاعبين أم حتى الحكام، قياساً تجد مشاريع أخرى في كثير من الدول معظمها في القارة السمراء.
لكن الرئيس السابق للاتحاد الزامبي لكرة القدم ماسيبي ماسيبي وتعليقاً على الأصوات الأفريقية في انتخابات الاتحاد الدولي تبنى رأياً مختلفاً تماماً، إذ قال: «الكثير من المشاريع الرياضية في أفريقيا عرفت طريقها إلى النور بفضل دعم «فيفا»، لكن البعض عجز عن الفصل بين أموال «فيفا» وأموال بلاتر الخاصة، ما يقدمه هذا الاتحاد واجب عليه أياً كان رئيسه ولا يفترض أن نتعاطى مع الدعم بمنظور شخصي».
في المقابل، عرفت آسيا كأس العالم للمرة الأولى العام 2002 حين تقاسمت حق تنظيمه كل من كوريا الجنوبية واليابان، بعدها منحت قطر حق استضافة مونديال 2022 تحت إدارة بلاتر أيضاً، إضافة إلى ذلك وجدت منتخبات القارة الصفراء طريقها نحو الأدوار المتقدمة في المونديال في عهد السويسري الباقي على كرسيه، متغيرات عدة تدين بها القارتان للعجوز الذي ظل رافضاً فكرة الرحيل قبل نهاية الولاية الخامسة.