نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية مقالاً للكاتب ديفيد بروكس يؤكد فيه أن الولايات المتحدة فشلت في أهدافها من وراء الاتفاق النووي الإيراني لأنه يؤخر تخصيب اليورانيوم في إيران ولا يمنعه ويضفي الشرعية على إيران كدولة نووية، منوهاً إلى أن إيران ستعمل على خفض عدد أجهزة الطرد المركزي لكنها لن تفككها أو تقترب من أي من منشآتها النووية، موع مواصلة طهران العمل على الأبحاث والتطوير دون توقف.
وأوضح الكاتب في مستهل مقاله أن الولايات المتحدة تحالفت مع قوى غربية أخرى على مدى السنوات القليلة الماضية لشن حرب اقتصادية وسياسية سريّة ضد إيران لتحقيق أهداف أهمها: أولاً، إجبارها على التخلي عن برنامجها النووي حتى لا تصبح قوة نووية؛ ثانياً، إجبارها على تفكيك جزء كبير من البنية التحتية النووية؛ ثالثاً، نزع قدراتها على تخصيب اليورانيوم؛ رابعاً، كما قال الرئيس أوباما، إغلاق منشأة فوردو للتخصيب؛ خامساً، إجبار ايران على التخلي عن جميع الأنشطة النووية السابقة التي نفذها الجيش الإيراني؛ سادساً، إيقاف برنامج إيران للصواريخ البالستية؛ سابعاً، الحق في إجراء تفتيش "لأي مكان وفي أي وقت" لأي منشآت نووية تحتفظ بها إيران؛ ثامناً، عدم التخلص من العقوبات حتى بعد أن تتخلص غيران من قدراتها لصنع قنبلة نووية.
فشل أمريكا في تحقيق أهدافها
ويتفق الكاتب مع تقرير أصدرته مبادرة السياسة الخارجية الأمريكية يؤكد فشل أمريكا في تحقيق أي من تلك الأهداف، بل إن الاتفاق النووي أضفى الشرعية على وضع إيران كدولة نووية. وفازت إيران بحقها في تخصيب اليورانيوم. ولا يتضمن الاتفاق عمليات تفتيش "لأي مكان في أي وقت"؛ وتتطلب بعض عمليات التفتيش فترة انتظار مدتها 24 يوماً، بما يعطي الإيرانيين الكثير من الوقت لتنظيف أوضاعهم. وبعد ثماني سنوات، سيتم رفع جميع القيود المفروضة على الصواريخ البالستية. وسيتم رفع العقوبات بمجرد أن تبدأ إيران الإجراءات الأولية للاتفاق.
ويؤكد الكاتب أن الحروب أو الأهداف العسكرية أو الاقتصادية يتم قياسها عن طريق تحقيق الأهداف المعلنة. ومن خلال هذا المعيار، أخفقت الولايات المتحدة وحلفائها في الحرب ضد إيران، وأبرزت المفاوضات استسلامها الجزئي، بينما أخرت الانتصار الإيراني فحسب. ومن هنا، يمكن القول بأن أمريكا مُنيت بثلاث هزائم استراتيجية كبرى على مدى العقود القليلة الماضية هي: فيتنام والعراق والآن إيران.
وحول الأسباب وراء إخفاق القوى الغربية مجتمعةً في هزيمة نظام متداع يعاني اقتصاده من الشلل ولا يتمتع بدعم شعبي كبير، يقول الكاتب إن الإجابة الكبرى تكمن في رغبة الإيرانيين في الفوز أكثر من الغرب، حيث كانوا على استعداد لتحمل هذا النوع من العقاب بدرجة أكبر من تقديرات الغرب.
ويضيف الكاتب أن الإيرانيين كانوا واثقين من قوتهم بينما عملت إدارة أوباما على تقييد قدرة الولايات المتحدة على التأثير على الدول الأخرى. ولم يتعامل أوباما جيداً مع الأوراق المتوفرة لديه وقام بإزاحة الخيار العسكري من على مائدة المفاوضات ولم يؤمن كثيراً بفرض عقوبات اقتصادية. وتمنى أن يؤدي إبرام اتفاق إلى تغيير الطبيعة الأخلاقية للنظام الإيراني.
خيارات رهيبة
ويرى الكاتب أن الإدارة الأمريكية وضعت الغرب بين خيارين رهيبين: قبول اتفاق تسليم جزئي بناء على التفاوض أو رفضه والانزلاق على الفور إلى ما يمثّل الاستسلام التام؛ بمعنى انهيار نظام العقوبات وازدهار البرنامج النووي الإيراني.
ويعتقد الكاتب أن العديد من أعضاء الكونغرس سيميلون إلى قبول شروط الاستسلام الجزئي كخيار أقل سوءاً في أعقاب هذه الهزيمة الأمريكية، لكنه يشير إلى أن تصويتهم لصالح هذه الصفقة سيلصق أسماءهم بزيادة احتمالات نشوب حرب أشمل تلوح في الأفق