- رحمو نيوز
أ.قاسم حدرج
هناك فرق كبير بين مكافحة الإرهاب ومحاربة الإرهاب وهذا الأمر قد التبس على الكثير من المحللين السياسيين الذين تعاطوا مع الدخول الروسي العسكري إلى سوريا بأنه لأجل دعم الرئيس بشار الأسد بحجة محاربة الإرهاب
وما بين معترض على هذا التدخل ومؤيد له ضاعت الحقيقة التي هي في مكان آخر وإن كان مركزها دمشق ، وبما أن روسيا قد اتخذت القرار بالتصدي للإرهاب والبلطجة الدوليين فقد اختارت منبر الأمم المتحدة لاطلاق مواقفها الرافضة للسياسة الدولية الراعية للإرهاب تحت شعار محاربته , مديناً الأمم المتحدة لانحرافها عن أهدافها في حفظ السلم والأمن الدوليين .
وبأن روسيا قد قررت ايقاف حفلة الجنون الأممية التي باتت تهدد العالم بأسره وبأنها عازمة على لعب دورها كقطب عالمي في تصحيح المسار وفقاً للقواعد القانونية , وعلى من يدعي جديته في مكافحة الإرهاب أن يلتحق بنا وإلا فإن عليه مواجهتنا .
ولم يفت الرئيس بوتين أن يذكر العالم بأن محاربة الإرهاب تكون بالأعمال العسكرية وحسب, بل إن مكافحته تتطلب تجفيف منابعه المتمثلة في المنابر الدينية , ومصادر التمويل , والتسليح مذكراً بالقرارات الصادرة بهذا الشأن والمودعة ادراج الأمم المتحدة.
وبما أن روسيا قررت الدخول مباشرة في معركة مكافحة الإرهاب بالاستناد إلى القانون الدولي فقد اختارت بوابة دمشق للدخول لأنها الوحيدة التي صمدت سياسياً وعسكرياً بوجه الإرهاب الدولي متمثلاً بأدواته الصغيرة كـ داعش والنصرة واخواتهما .
وليكون دخولها العسكري خاضع لمنطق القانون ينشئ الحق ويحميه بعكس الوجود العسكري الغربي الخاضع لمنطق القوة تنشىء الحق وتحميه ومن هذا المنطلق فقد وضعت روسيا العالم امام ثلاث خيارات استراتيجية
فإما أن نعمل معاً على ترميم المنظومة الدولية والعودة إلى حظيرة القانون ونقضي معاً على الخلايا السرطانية
و إما ان تقفوا على الحياد لأقوم بالمهمة مع حلفائي الذين أعلنتهم
وإما الصدام العسكري وهذا ما يفسر استقدام روسيا لهذه القوة العسكرية الكبيرة .
ولكي تكون الرسالة واضحة للعالم وبأنها ليست على سبيل المناورة فقد باشرت روسيا بالمرحلة الأولى المتمثلة بمساندة الدولة السورية عسكرياً عبر ضرباتها الجوية لمعاقل الإرهاب والذي بدأت نتائجه تظهر سريعاً على الأطراف الاقليمية التي ضمها الحلف الغربي كدول مكافحة للإرهاب وهي ( تركيا والسعودية وقطر) والتي لم تكتف بإدانة الضربات الروسية بل استتبعتها بدعوات للجهاد وهذا ما كان الرئيس بوتين قد لمّح إليه في الأمم المتحدة بأنه لا يكفي أن تقوم بقتل البعوض الناقل للجراثيم بل عليك تجفيف المستنقعات التي تقوم بتفريخه .
وها هم قد ظهروا منذ اللحظة الأولى لاستنقاذ مشروعهم التكفيري في المنطقة والذي وقفت سوريا الأسد حائلاً دون نجاحه والتي نجحت على الصعيد الميداني في هزيمة هذا المشروع ولولا التدخلات الاقليمية والدولية المباشرة عسكرياً عبر اسرائيل وتركيا وتمويلياً واعلامياً عبر السعودية وقطر ولوجستياً وتدريباً عبر اقطاب دولية لما احتاجت الى التدخل العسكري الروسي المباشر والذي بلا شك سيساهم إلى حد كبير في الحد من هذه التدخلات , وبالتالي إطلاق يد الجيش العربي السوري في الميدان وبحيث تنعكس الإنجازات الميدانية إيجاباً على التسريع في الحل السياسي وهو الأمر الذي دفع الوزير لافروف الى استثناء الجيش السوري الحر من المنظمات الإرهابية كون أن العملية السلمية بحاجة الى شريك فاعل على الأرض وهذا ما دعاه أيضا إلى مطالبة هذا الفصيل بإظهار نفسه على الأرض كقوة فاعلة
وبالتالي اذا كان يريد الدخول في الحل السلمي كطرف فإن عليه ان يسير بذات الاتجاه الذي تسير به الحكومة السورية وهو محاربة الجماعات التكفيرية .
وبالخلاصة يمكننا القول بأن المشروع الوهابي التكفيري في المنطقة قد اتخذ له عنواناً هو اسقاط الرئيس الأسد
وروسيا وحلفائها قد اتخذت موقفها الحازم في التصدي لهذا المشروع تحت مظلة الرئيس الأسد وبالتالي فإن سوريا بصمودها وشجاعة قائدها وجيشها أصبحت قطب الرحى في مصير العالم فإما إن تكون دمشق بوابة السلام واما ستكون بوابة الجحيم .