غسّان القيّم
………………
شغلت أوغاريت مكانة هامة في عالم المكتشفات الأثرية والتاريخية والميثولوجية..وحظيت بدراسات هامة لاتعد ولا تحصى وكانت محوراً لعشرات الندوات والمؤتمرات العالمية حول ماضيها الغابر واكتشفاتها العظيمة شارك فيها علماء من كل أنحاء العالم الذي شكل مجال بحث وجدل .. حول النهاية الكاريثية لأوغاريت ونتائجها الرهيبة التي لم ينج منها أي بناء كان لهذه المملكة في حوالي /1180/قبل الميلاد.. التي لايمكن أن تكون اسبابها عرضية..
حيث رأى بعض العلماء ان نهاية أوغاريت كانت بفعل طبيعي اي زلزال وكان سبب دمارها ونهايتها المريعة..ومنهم من رأى أن اوغاريت لم تكن من البلدان التي غزتها شعوب البحر لأنه كان يعيش فيها أفراد ينتمون إلى مناطق جاءت منها شعوب البحر واستطاعت ان تتفاوض معهم ونجحت في أن تبقى في معزل عن نزاع يقع بينها وبين هذه الشعوب …
ان الزلزال قد حدث في أوغاريت لكنه لم يكن السبب المباشر لنهايتها..وقد حدد عالم الآثار ومنفب أوغاريت الراحل كلود شيفر والمرجع الأهم بالنسبة لأوغاريت
حدوث الزلزال نحو عام/1365/قبل الميلاد..أي قبل النهاية المحتومة بنحو /165/عاماً…
وأكد شيفر بأنه من المحتمل أن يكون تدمير أوغاريت مرتبط بتحركات شعوب البحرخلال حكم عمورابي المنكود الحظ آخر ملك حكم اوغاريت والذي تبين من خلال ترجمة الرقم الفخارية الأوغاريتية التي يعود تاريخها الى فترة حكمه بأنه كان صغير السن وقليل الخبرة..وكان تردي الأوضاع الدولية آنذاك إضافة الى اسباب ساعدت على النهاية الأليمة منها مرض الطاعون والمجاعة والاضطرابات السياسية الداخلية وصلت الى حدها فأصبحت المدينة مريضة اجتماعياً واقتصادياً هشة قابلة للدمار والانهيار..فكانت الضربة القاصية لها على يد شعوب البحر القادمة براً وبحراً الذي لم يكن هدفهم إلا التدمير والحرق والتخريب والبحث عن وطن يسلبونه وكانوا يتوجهون الى مراكز معروفة لديهم ..وكان أحد أهم هذه المراكز على الأطلاق مدينة اوغاريت والمدن الساحلية السورية الأخرى..ويبدو بأن هذه الفرضية قد لاقت قبولاً عند اغلب العلماء والمختصين..
وقد جعل من شعوب البحر تفوق أسلحتهم الحديدية وشدة تدريبهم محاربين اشداء منافسين لأوغاريت..اضافة الى انشغال وانصراف أوغاريت التام بالتجارة
ويبدو بأنها اخلصت للدولة الحثية الى النهاية فأرسلت اسطولها وجيوشها لتساعدها في معركتها البحرية على شواطئ كليليكيا ..حيث لم يمتلك الحثيون اسطولاً بحرياً واعتمدوا في حربهم هذه على أساطيل أوغاريت..
كما اعتمدوا عليها في تجارتهم..فارتكبت أوغاريت بذلك خطاً استراتجياً عسكرياً كبيراً..وعندما لاحت سفن العدو في الأفق واصبحت على مرمى حجر سقطت المدن الساحلية السورية في أيديهم..فأرسل ملك اوغاريت يطلب النجدة من ملك قبرص لكن الرسالة ام تصل إذ ان الرسالة لم ترسل وبقيت ضمن النصوص التي عثر عليها في فرن الشي في القصر الملكي..
ولعّل التنقيبات الأثرية التي مازالت مستمرة في أوغاريت حتى الآن ربماتساهم في المواسم التنقيبية القادمة في الكشف عن تلك المرحلة من تاريخ سورية القديم..وتزيح الستار عن غموض شعوب البحر الذين انهوا ودمروا بهمجية ووحشية مرحلة زاهية وصفحة مشرقة لحضارة قدمت للانسانية أقدم وأهم المعارف والعلوم البشرية…
عاشق أوغاريت..
غسّان القيّم..