وُلِدَ المقدسي في يبرود (دمشق) عام 1914،.
درس الابتدائية في مدرسة يبرود الأسقفية، وقسماً من الثانوية في يبرود والقسم الآخر في دمشق (بكالوريا أولى وبكالوريا ثانية، على الطريقة القديمة) وذلك في عامي 1933–1934.
كان طالب بكالوريا عندما نشر أولى كتاباته في مجلة لبنانية وهو في السابعة عشرة من عمره، ورفض ناشر المجلة التصديق بأنه كاتب المقالة حين التقاه لأول مرة!، أما كتاباته الأولى في الصحف الأدبية فقد بدأت فعلياً منذ عام 1938.
وحين كان طالب حقوق في الجامعة السورية قطع دراسته وذهب إلى فرنسا خلال الحرب العالمية الثانية كي يدرس الفلسفة الإغريقية وعلم الاجتماع وحصل على إجازة في الفلسفة وشهادة في الأدب الفرنسي من فرنسا، جامعة مونبيلييه.
عندما عاد إلى سورية عمل مدرساً للفلسفة في ثانوية حمص (اعتباراً من تشرين الأول 1940) ثم في حماة وفي دمشق ثم في حلب. كما درّس أيضاً علم النفس والتربية في دار المعلمين بحلب أولاً ومن ثم في دمشق.
وأثناء ذلك أكمل تحصيله القانوني في كلية الحقوق، وحصل على إجازة في الحقوق وأخرى في العلوم السياسية من مدرسة الحقوق الفرنسية في بيروت، وكانت ما تزال تابعة لجامعة ليون (فرنسا)، وانخرط في الحياة السياسية نصيراً لاستقلال الوطن والمستضعفين من أبنائه، ومدافعاً عن عروبة فلسطين، ومناضلاً في سبيل وحدة العرب! وكان صديقاً لزكي الأرسوزي والتقى عدة مرات مع ساطع الحصري.
درّس الفلسفة اليونانية في جامعة دمشق (ساعات إضافية) طوال عشرين عاماً، كما درّس الفلسفة السياسية في المعهد العالي للعلوم السياسية لمدة أربع سنوات.
كان له دور مهم في الجامعة، جعل منه أحد أبرز العارفين بالفلسفة اليونانية في الوطن العربي، وواحداً من أكثر الأساتذة قرباً من الطلبة وحواراً معهم!.
ترك أنطون المقدسي الجامعة السورية، وتفرغ لعمله في وزارة الثقافة مسؤولاً عن مديرية الترجمة والتأليف منذ عام 1965 ولغاية عام 2000.
وأثناء توليه مهام إدارة التأليف والترجمة في الوزارة اشترك في تأسيس اتحاد الكتاب العرب عام 1969، وظل عضواً في مكتبه التنفيذي حتى عام 1996.
وقد استطاع أن يجعل من إصدارات وزارة الثقافة السورية أهم إصدارات الكتب في الوطن العربي، حيث أدخل الحداثة إلى نوعية الموضوعات التي أصدرتها الوزارة، كما أدخل كافة التيارات الفكرية والنقدية الحديثة إلى سورية.
. كان يُلَقَّب في الأوساط الثقافية السورية بـ«الأستاذ» حيث أنه لم يعمل كمؤلف كتب، بل كان يناقش ويحاور ويوجه ويلقي المحاضرات، وكان ذا معرفة واسعة بمختلف أنواع وأشكال الفكر، وبمختلف الاتجاهات الفلسفية القديمة والحديثة، وكان محباً بشكل خاص للفلسفة اليونانية، كل هذا جعل لقب الأستاذ ينطبق عليه كثيراً.
لقد عاش أنطون المقدسي محترماً ومبجلاً على المستوى الثقافي العربي والسوري خاصة، ومن النادر أن يعيش مثقف سوري هذا العمر المديد ويحافظ على هذا الاحترام طيلة الوقت.
شيخوخته
ولأن المقدسي صاحب مشروع فقد بقي في الوزارة بعد التقاعد وفي ظل شيخوخة صريحة، وكان الزائرون للوزارة يستغربون كيف يقوى هذا الرجل على العمل لساعات طويلة، قراءة وكتابة وإدارة ونقاشاً ومقترحات ومشاركة في ندوات.
وفاته
أمضى المقدسي أيامه الأخيرة في مستشفى الطب الجراحي بدمشق، وطلب أن تكون جنازته بسيطة، تخلو من المراسم والرسميات، وأن يحضرها الناس بصفتهم أصدقاء له وحسب، وليس بأية صفة أخرى.
وفي 5 كانون الثاني 2005 أسدل الستار عن حياةٍ مفعمة بالعطاء والحب.
مؤلفاته
إن الكتاب الصادر في العام 1992 عن دار الريس للنشر تحت عنوان «حرب الخليج، اختراق الجسد العربي» هو أساساً مقالة كتبها أنطون المقدسي لمجلة «الناقد» ونشرتها الدار لاحقاً في كتاب من دون علم المؤلف. ورغم أن الكثير من مقالات أنطون المقدسي يتجاوز عدد صفحاتها المئة، أي أن كل واحدة منها تصلح منفردة لأن تكون كتاباً، فإن المقدسي ظل مصراً على بقائها طي المجلات المتخصصة، ورفض نشر أي منها في كتاب مستقل، كونها جميعها بحسب رأيه، في حاجة إلى مراجعة وتدقيق. فتواضعه الجم لم يكن يكافئه سوى توقه إلى الاقتراب من الكمال ومعرفته الفلسفية باستحالة الوصول إليه.
أعماله
1) «فاسا جيليزنوفا»، تأليف: مكسيم غوركي، ترجمة: أنطون المقدسي، وزارة الثقافة، 1981.
2) «مبادئ الفلسفة: مشكلة المعرفة»، تأليف: أنطون المقدسي، وزارة التربية، 1985.
3) «الصوفانية (1982–1990)»، بقلم: الأب الياس زحلاوي (وقائع وذكريات)، الأستاذ أنطون المقدسي (تأملات)، حقوق الطبع محفوظة للمؤلف، 1991.
4) «حرب الخليج: اختراق الجسد العربي»، تأليف: أنطون المقدسي، دار رياض الريس للنشر، 1992.
5) «المسألة القومية على مشارف الألف الثالثة: دراسات مهداة إلى أنطون مقدسي»، بالاشتراك: أنطون المقدسي في مقالة أكثر من مئة صفحة بعنوان إشكالية الأمة.
6) «الأستاذ»، إعداد وتقديم: د.علي القيم، مجموعة مقالات لأنطون المقدسي معظمها في مجلة المعرفة منذ 1968 حتى 1992، وزارة الثقافة، 2006.
7) «الحب في الفلسفة اليونانية والمسيحية»، تقديم: أحمد حيدر، مراجعة: د.علي القيم، مجموعة محاضرات في السنة الثالثة لمادة الفلسفة في العام الدراسي 1953–1954، وزارة الثقافة، 2008.
إعداد : محمد عزوز