قبل أسابيع صدر كتاب لمستشار رئاسة الحكومة البريطانية في عدة فترات زمنية، جوناثان باول، بعنوان "التحدث مع الإرهابيين: كيف ننهي النزاعات المسلحة"، أهداه الكاتب إلى ضحايا الإرهاب في العالم، آملاً أن تنخفض أعدادهم في المستقبل، بعد أن يتعلم العالم درساً من عبر التاريخ المعاصر.
ولكن صحيفة "ذي أتلانتك" الأمريكية عرضت وجهة نظر مختلفة، خلاصتها أن الإرهابيين الذين أنهوا حروبهم، وحققوا السلام سابقاً، يختلفون اختلافاً كبيراً عن داعش.
احتمال بغيض
قد تبدو وجهة نظر باول بوجوب جلوس الغرب إلى مائدة مفاوضات مع داعش مقبولة، إذا كان صاحبها يعتقد بأن داعش كسواه من المجموعات المسلحة السابقة، قابل لأن يتصرف في نهاية المطاف بعقلانية، بغض النظر عن نظرة خصومه لذلك الاحتمال البغيض.
إلا أن الاختلاف بيّن بين داعش والجيش الجمهوري الآيرلندي، والذي وضعه باول في نفس السلة مع التنظيم الإرهابي، قائلاً إن الحكومة البريطانية استطاعت التوصل بعد مفاوضات شاقة لاتفاق سلام معه في آيرلندا الشمالية، حيث كانت تلك الحركة عبارة عن منظمة قومية ذات أهداف سياسية وبراغماتية، حتى لو لبست لبوساً دينياً، لكن داعش تنظيم راديكالي قائم على تفسير مشوه للإسلام السني، وصاحب أهداف متطرفة، بحسب الصحيفة.
ومن ناحية أخرى، فإن الجيش الجمهوري الآيرلندي(آي آر أي)، والذي كان أيضاً منظمة كاثوليكية، وسعى لفصل آيرلندا الشمالية عن بريطانيا، وللاتحاد مع إخوانه الكاثوليكيين في آيرلندا الجنوبية، لم يكن يحاول غزو كامل الجزر البريطانية لأجل نشر الكاثوليكية.
وبحسب باول، الذي كان المفاوض الرئيسي في آيرلندا الشمالية عندما تم التوصل لاتفاقيات الجمعة السعيدة، وإنهاء عقود من العنف في ذلك البلد، يؤكد: "عندما جلسنا حول المائدة مع الجمهوريين، وجدنا أنهم طرحوا عدداً من المطالب المشرعة التي أرادوا مناقشتها، بدءاً من المشاركة في الحكم بين الكاثوليكيين والبروتستانتيين، وصولاً لحماية حقوق الإنسان".
سيطرة كاملة وطموحات عالمية
لكن على عكس ذلك، داعش ليس حركة قومية، كما يرى باول، في إشارة لادعاء التنظيم بتمثيل السنة، سواءً في سوريا أو العراق، كما أكدت قيادته سعيها للسيطرة على كامل هذين البلدين وما وراءهما.
وتلفت الصحيفة إلى أن وجود الهوية الدينية ليس هو ما يجعل داعش مختلفاً عن سواه من المنظمات الدينية الإسلامية، التي فاوضت على اتفاقيات سلام وتركت السلاح، مثل جبهة تحرير مورو الإسلامية في الفيليبين، والتي حققت السلام مع حكومة بلادها، فالتنظيم الإرهابي لم يخفِ سعيه لإقامة "خلافته" فيما وراء حدود معاقله الحالية في سوريا والعراق، وبالتالي نفذ عمليات إرهابية في أكثر من مكان، بدءاً من سيناء وصولاً لباريس وسان بيرناندو في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، ونتيجة لما سبق، لم يدعَ داعش لمفاوضات سلام من أجل التوصل لتسوية سلمية في سوريا.
بيروت نيوز – ذي اتلانتك