ولد عمر فاخوري عام 1895 في بيروت، في أسرة متوسطة الحال تمتهن التجارة . وكان والده عبد الرحمن فاخوري تاجراً طيباً بإمكانات محدودة،
وقد أراد هذا الأب المكافح أن يضمن مستقبل ابنه من العوز والحرمان، فدعاه بإلحاح إلى ملازمته والعمل معه بالدكان، ومن ثم يرث الدكان من بعده، فكان يماطل في تحقيق رغبة والده، لاعتقاده بأن هذه المهنة بعيدة كل البعد عن ميوله، واهتماماته الذوقية وتطلعاته الحياتية .
وكان عمر فاخوري ابن ست سنوات يوم دخل «الكتّاب» ، فتعلم مبادئ القراءة والكتابة والحساب على مدى ثلاث سنوات، ثم دخل بعدها «الكلية العثمانية» في بيروت بإدارة العالم الفقيه المصلح الاجتماعي أحمد عباس الأزهري.
وفي هذه الكلية تشبع بروح تحررية، تنبذ أجواء الظلم والتسلط وكتم الأنفاس.
تخرج في «الكلية العثمانية» عام 1913 ، والتحق بمعهد الحقوق في دمشق، ومع بداية اندلاع نيران الحرب العالمية الأولى ، وقف عمر فاخوري بكل شجاعة في وجه الإدارة الحكومية القديمة، التي كانت تنشر في البلاد سياسة الجوع وتقييد الحريات، وكاد يفقد حياته وهو لم يتجاوز العقد الثاني من عمره، بسبب انحيازه الطوعي للشعب .
ولكيلا يفقد الأب ابنه نتيجة حماسته الوطنية، أرسله إلى باريس عام 1920 ليكمل دراسة الحقوق، فغادر وطنه وهو يحمل خيبة آماله بالتحرر، بعد أن شهد بأم عينيه مرحلة الانتداب الفرنسي على سورية ولبنان، وفي باريس يتعرف على كاتبه المفضل «أناتول فرانس» ، الذي كان يعشق أدبه الخالد، إلى حد الهيام والتماهي، ويرتبط معه بصداقة خالدة .
ويعود عمر إلى وطنه عام 1924 حاملاً معه شهادة في الحقوق، فضلاً عن أفكار تقدمية لم تكن رائجة في بلاد الشام، ويعمل في هذه المرحلة بالصحافة الدمشقية ، التي استقبلت مقالاته الجريئة باهتمام ومتابعة مستمرة .
ويعود إلى بيروت، خلال أجواء الحرب العالمية الثانية، ويبدأ مرحلة جديدة في حياته وأدبه. فإذا هو يحاضر في قضايا الساعة، ويخطب في المحافل، وينشر الكتب، ويصبّ غضبه العارم ونقده اللاذع على الفاشية وأفكارها وأعوانها، ويندمج في الوقت نفسه بالحياة الشعبية وهموم الناس اليومية، فيخوض معركة الانتخابات النيابية عام 1943 ولم ينجح يومها، بالرغم من الأصوات الكثيرة التي حصل عليها، ومن خلال هذه المعركة الانتخابية الخاسرة، ازداد حبه للشعب وازداد تفانياً في خدمته، وبادله الشعب نفس هذه المشاعر النبيلة.
والمعروف عن الراحل عمر فاخوري أنه لم ينتج من حيث الكم إلا بضعة كتب نذكر منها: الباب المرصود، لاهوادة، أديب في السوق.
رحل عمر فاخوري في نيسان عام 1946
( بتصرف عن جريدة الثورة )اعداد الاديب محمد عزوز