بقلم :هشام الهبيشان .
" مع مطلع الربع الثاني من العام الجديد بدأ يراقب العالم ككل مسار معركة "تحرير الغوطة الشرقية لدمشق"التي تعتبر في توقيتها ونتائجها المستقبلية عنواناً لمرحلة جديدة من عمر الحرب المفروضة على الدولة السورية، فاليوم بات من الواضح أنه لا خيار أمام الدولة السورية وحلفائها إلا الاستمرار بالحسم العسكري لتطهير أرض سورية من بعض الميليشيات والمجاميع المسلحة التي تنتشر اليوم على مساحات واسعة في غوطتي دمشق الشرقية والغربية مع العلم أن هناك مساعي جدية من قبل الدولة السورية لانجاز مصالحات وطنية كبرى ببعض بلدات الغوطتين الشرقية والغربية .
اليوم ومع قرب انطلاق المعركة التحريرية الكبرى والمتوقعة ان تكون على مراحل ولن تتوقف عند محيط بلدتي دير العصافير وزبدين وغيرها بل ستمتد إلى دوما وما بعد دوما، بدأت تأثيرات هذه المعركة تظهر على أرض الواقع خارج حدود سورية ، وفي تصريحات وتحليلات واهتمامات الأطراف الدولية المنخرطة بالحرب على سورية، وبدا ذلك واضحاً في تصريحات وتحليلات "شركاء الحرب على سورية "وذلك باهتمام ملحوظ منهم بمجريات معركة محيط دمشق.
في سورية اليوم يساوي تحرير"غوطتي دمشق الشرقية والغربية "للدولة السورية مكسباً كبيراً وورقة رابحة جديدة في مفاوضاتها مع كبار اللاعبين الدوليين المنخرطين بالحرب على سورية، ومن خلال ورقة غوطة دمشق الشرقية تحديدآ ستفرض الدولة السورية شروطها على الجميع، وعندها لا يمكن أن تحصل أي تسوية إلا بموافقة الدولة ونظامها السياسي، ووفق ما يراه من مصلحة لسورية الشعب والدولة، بعد كل ما لحق بهذا الشعب من أذى، والسؤال هنا هل ستعطي هذه الدول الراعية لهذه المجاميع المسلحة على ارض سورية ورقة الغوطتين للدولة السورية هكذا من دون أي حراك؟.
لا أظن ذلك ،فمحور العدوان على سورية يحاول اليوم وخصوصآ السعوديين تأخير هذه المعركة من خلال الضغط على جبهات اخرى يخوض بها الجيش العربي السوري معارك مستمرة وخصوصآ في حلب ومحيطها ،ولهذا يلجئ السعوديين اليوم وعلى عجل لتفعيل غرف عمليات جديدة ودعم المجاميع المسلحة الإرهابية " ميليشيا الجيش الاسلام ومن معها "بالسلاح النوعي والمقاتلين من خلال الجنوب السوري استعدادآ للمعركة الكبرى المتوقعة بغوطة دمشق الشرقية تحديدآ، فالسعوديين يخشون من عمليات نوعية وخاطفة للجيش العربي السوري والقوى المؤازرة تؤدي لتقدم الجيش العربي السوري إلى عمق الغوطة الشرقية "دوما وما حولها " ،وهذا بحال حدوثه سيشكل ضربة قاسمة للدور السعودي في سورية ،وهذا ما لا يريده النظام السعودي فهو لايريد ان يتلقى هزيمة جديدة، وقد تكررت هزائمه في الآونة الأخيرة بسورية، فسقوط "دوما تحديدآ"يعني لبعض القوى الإقليمية المنخرطة بالحرب على سورية سقوط كل ما يليها كأحجار الدومينو، وبالتالي خسارة جديدة وكبيرة لهذه القوى وهذا ما لا تريده هذه القوى اليوم ولذلك اليوم نرى هناك حالة هلع وهستيريا في صفوف هذه القوى.
اما بالنسبة إلى الكيان الصهيوني ، فهو الآن كما تتحدث الكثير من التقارير والتحليلات يقرأ بعناية تفاصيل وتداعيات ونتائج معركة "الغوطة الشرقية" التي تأخذ المساحة الكبرى من المناقشات والتحليلات لنتائجها على الصعيدين السياسي والعسكري الداخلي ، فتحرير الغوطتين يمهد لتحرير درعا كل درعا وصولآ للقنيطرة واطراف الجولان المحتل على أيدي الجيش العربي السوري ومقاتلي حزب الله وهذا من شأنه إحداث تغيير جذري في الخريطة العسكرية لأطراف الصراع في عموم المنطقة الجنوبية وعلى الحدود السورية –مع الاراضي المحتله ومع الجولان، هكذا تقول التقارير والتحليلات الواردة من دوائر صنع القرار الصهيوني ، وهذا ما لا يريده الكيان الصهيوني على أقل تقدير في الوقت الراهن.
ختاماً، على الجميع أن يدرك أن معركة "غوطتي دمشق " بشكل خاص ستكون لها الكلمة الفصل وفق نتائجها المنتظرة بأي حديث مقبل يتحدث عن تسويات بالحرب على الدولة السورية وتغيير كامل ومطلق بشروط التفاوض المقبلة بين جميع الأطراف. *كاتب وناشط سياسي –الأردن
. hesham.habeshan@yahoo.com