…………..هل ســـــورية قابــــــلة للتـــــــــــــــــــــــــقسيم؟
……..لاكانتونات ولا كونفدراليات سورية عصية على التفتيت
…………….هل التقــسيـم من مصلـحة الداعـــين له ؟
ـــــــ الاستاذ محمد محسن ــــــــــــــــسورية ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قيل ويقال أن تقسيم المنطقة في نهاية المطاف محصلة منطقية لهذه الحرب الضروس ، وقيل رسمت خرائط وحددت الحدود من قبل مراكز دراسات وأبحاث متخصصة بدراسة أصغر التكوينات الاجتماعية في المنطقة ، حتى التباينات التي يمكن تظهيرها لتصبح تناقضات قد أشبعت بحثاً ، فاذا ما أضفنا إلى هذا القول والفعل ثقة مطلقة عند أصغر فلاح في أبعد قرية من قرى بلادي ، أن التحالف الغربي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية وصنيعتها اسرائيل لايرغب تقسيم سورية فحسب بل هو أهم أمنية من أمنياته عملوا عليها سابقاً وسيعملون عليها لاحقاً بكل ما أوتوا من قوة ، لأن تمزيق سورية إلى وحدات اجتماعية صغيرة على أسس مذهبية أو عرقية هو الطريق الأمثل للابقاء على الصراع المانع للاستقرار والتقدم ، وهذا يوفر أفضل فرصة للغرب البربري الاستحوازعلى خيرات المنطقة المادية والبشرية وسرقتها ، وتُمكن " اسرائيل " من أن يصبح نسيج هويتها الطائفية متماثل ومتجانس مع هويات المنطقة الطائفية ، عندها فقط تمسك بدفة القيادة والتوجيه وتُنقل من جدول الدولة العدوة إلى الدولة الصديقة ويسند لها دور الحماية واليها تُرجع الأمور ، وتصبح " مختار " المنطقة والكل بحاجة إلى شهادة حسن سلوك .
.
يجب أن نعترف أن الحرب الأقذر في التاريخ التي تشن علينا من جهات الأرض الأربع ، لم تترك سلاحاً فتاكاً وغير فتاك عسكرياً أونفسياً أو حتى عاطفياً إلا واستخدمته ، ولم تترك مرضاً اجتماعياً إلا وأيقظته ، ولم تترك وتراً من أوتار الطائفية والمذهبية والاثنية حتى والعشائرية إلا وعزفت عليه ، والموضوعية والدقة في التحليل تقتضيان الاعتراف الصريح وبدون مواربة أو تقليل ، أن الكثيرين ممن تركوا هملاً في ريفنا الجميل الذي كان عماد العقلانية والثورة والوطنية في الستينات من القرن الماضي ، قد بيعوا لىشيوخ الفقه الوهابي الأسود بثمن بخس ، وإلى سوق " الدردري " صاحب فلسفة السوق الحر ، وإلى الأجهزة الادارية والحزبية المشكوك بولائها الوطني والأخلاقي والتي باعت الوطن بسوق النخاسة وانشقت في الهزيع الأول من ليل " الفتنة " وناصبت وطنها العداء والتجأت إلى أعدائه التاريخيين .
ولن ننسى أولئك " المثقفين القشريين المرتدين " الذين باعونا عبر سنين فكراً في كتب ومقالات صحفية ومقابلات تلفزيونية وأحاديث في المنتديات عن العقلانية والاشتراكية والتقدم وعن العداء للرأسمالية البربرية ، وعن سفه وعهر وتخلف محميات الخليج وعلى رأسها " مملكة الفسق السعودية " وعن عصور الظلام العثمانية ، وإذا بهم يسقطون مغشياً عليهم في تلك المواقع التي اشبعوها لعناً في السابق ــ طائفيون أقذام ، وكذبة لئام ، يبيعون أنفسهم لكل راغب من الغرب البربري إلى السلطان العثماني ، إلى مواخير السعودية النتنة إلى الدرهم والدينار والدولار إنهم عهار وفجار هذا العصر ، انهم لايعارضون تفتيت سورية ، بل قال قائدهم الذي علمهم السحر بأنه لايعارض التنازل عن الجولان إلى اسرائيل ، عربون صداقة وتحالف ، والذي يتنازل عن الجولان لايجد حرجاً في اقامة " فدرالية أو حتى كونفدرالية " مع الكرد ، انهم محرضون ومتدخلون وتفتيتيون وقتلة ولا وطنيون . العنوهم في كل حديث أو مناسبة .
.
ويجب أن نعترف بالمقابل أن هذا التوحش العسكري والفكري والاعلامي قد أدى إلى خلخلة اجتماعية كبيرة في البنية الوطنية ولا يجوز اغماض العين عنها أو تجاهل آثارها ، ولكن هي سرعان ما ستتبخر أمام حقيقتين :
بالرغم من المفاسد الادارية والتجاوزات وحالات القمع التي كانت تمارس في بلادنا ، ومن حالة الاهمال المريع للريف ، وإقامة العشوائيات على أطراف المدن بدلاً من تنشيط الحركة الاقتصادية في الريف واستيعاب كل العاطلين عن العمل فيه ، والتي كانت ستغنيهم عن عشوائياتهم المرمية كركام على حوافي المدن حيث العمل ولو كان كفافاً ،
…..لكن المواطن المضلل الآن لن ينسى الحياة المستقرة الآمنة التي كان قد تعود عليها سابقاً في وطنه ، وسيجري مقارنة بينه وبين نفسه بين المدرسة والمستشفى والجامعة والحياة الاجتماعية الوادعة إلى حد كبير ، وبين عيشه الآن تحت وصاية شيوخ جهلة بذقون طويلة من الشيشان أوالسعودية أو من حثالات العالم ، يتعاملون معه كحيوان في قطيع ، يفتون له كيف يتوضأ وكيف يقيم الصلا ة ، وما هو اللباس الشرعي لامرأته ، وما هي واجباتها الشرعية في غرفة النوم"
توطئة للتعامل مع الحوريات "
.
هؤلاء المواطنين من دير الزور أو من الرقة أو من ادلب لن يقبلوا استبدال الحكم المدني الوطني القابل للتغيير والتطوير ، بقوة الدفع المستٌقبلي على الأقل ، بحكم اسلاموي اخواني أو وهابي يعيدهم إلى ما قبل المفهوم الوطني ، ويحبسهم في كانتونات مذهبية أو عرقية ، وكما رفض آباؤهم الانشطار كما أراد الفرنسيون الاستعماريون فهم لن يقبلوا ، وأنا أجزم يقيناً أنه ما أن يرفع عنهم الخوف من الساطور أو البندقية حتى يعلنوا ولاءهم للوطن للدولة وسيتفانون في ترميم ما هدم منها وربط ما انقطع ، هذا مواطننا ومن يراهن على غير ذلك هو واهم ولا يعرف عمق الالتزام الوطني عند اصغر مواطن ، ولن يقبلوا عن الوحدة الوطنية بديلا ، يشذ عن هذه القاعدة بعض الحثالات التي استمرأت القتل وفرض الوصاية والعيش خارج القانون والأعراف وتورطت في سفك دم الأهل والجيران ، هؤلاء إما سيفرون أو سيقتلون من قبل جيرانهم الذين عانوا من عسفهم قبل أن يصلهم الجيش الوطني ويدوسهم تحت نعاله .
.
يبقى التهويل الاعلامي والرغبة الغربية في اقامة كانتون كردي هو الأكثر اثارة في هذه الأوقات العصيبة ، وبخاصة التركيز الدائم وتظهير " النجاحات " العسكرية القادمة على ظهر الدبابة الأمريكية من الشرق والذي " يبشر " بتحرير الرقة !!، هذا أمرتحقيقه من المحال فلايملك أي سبب من أسباب النجاح أو العيش ، وهذه الطفرة سرعان ما ستباع في سوق المزايدات الدولية عند أول مفترق ، هم مع الأسف يستخدمون كفزاعة للدولة الوطنية وحلفائها ، ولكن دونهم ألف عقبة وعقبة ، أولاً وكما قلنا سابقاً ونؤكد أن الشريط الذي يتواجد فيه المواطنون الأكراد ، هو شريط ضيق ممتدعلى طول الحدود " المؤقتة " مع تركيا ومتقطع بعشرات القرى والمدن العربية المبثوثة على طول الشريط ولن يقبلوا أبداً بحكم الكانتون على أساس عرقي من حيث المآل ، ولوظهروا الآن بمظهر الحليف القابل بما فيه ، حتى أن الكثير من الأكراد المتنورين الوطنيين العقلانيين ، لن يقبلوا عن الدولة الوطنية الموحدة بديلا ، هذا فضلاً أن ذاك الحلم " الكانتوني " دونه العدو التركي الذي يتربص بالوطن وبهم الدوائر لأن ما يحلمون به يشكل خطراً حقيقياً على وحدة الأراضي التركية أكثر بمائة مرة من سورية ، وطبعاً لايجوز أن يكون أحد ضد منح المواطنين الأكراد كل حقوقهم المدنية كأي مواطن سوري .
نعم وطننا مثخن بالجراح ولم تسلم منه خلية إلا وطعنت بمدية أو بسيف أو برصاصة غدر، أرضنا دنست ، وسماؤنا انتهكت ، وأوابدنا التاريخية ــ أرثنا الحضاري ــ دمرت ، أهلنا شردوا تحت كل سماء ، وزرع في كل بيت من بيوتنا حزناً عميقاً ولكن :
……..عند الملمات والجائحات تُخلق ارادة التحدي الوجودي وتنموا روح المسؤولية ، روح المواطنة الحقه التي تتحول إلى حالة تضامن وتكاتف وطني حار . من لم يعيش مع الشعب بآماله وأتراحه سابقاً ، لايمكن أن يتفهم هذه الحالات من اليقظة والنهوض الوطني العام المُشرف عند النائبات .
………….أيها المخلصون : الوحدة الوطنية دونها حبل الوريد……..