الدولة الشركسية بين الكذب الامريكي وحقائق التاريخ

الامريكيون مستعدون ليفعلوا اي شيئ لتحقيق مصالحهم مهما تضاربت تصرفاتهم مع القيم الاخلاقية او الثوابت الدينية. هم لايشعرون بتانيب الضمير ابدا لانهم يعتبرون انفسهم على صواب فالغاية عندهم تبرر الوسيلة، نقطة ، من اول السطر. سبق لهم وان فجروا مبنى التجارة العالمية ليتهموا به افغانستان ويقومو باحتلالها، وقبلها اتهموا فيتنام التي- لاتمتلك الا قوارب للصيد- باغراق سفينة عسكرية امريكية وقتل مئات الجنود على متنها واتضح فيما بعد ان السفينة الامريكية اغرقت بصاروخ اطلقته سفينة امريكية اخرى. اي، ان امريكا اغرقت سفينتها وقتلت المئات من جنودها لتبرر لشعبها غزو فيتنام. وفي اطار حربها ضد روسيا ورغبتها بتفتيت الاتحاد الروسي عن طريق تحريض شعوب القفقاس للانفصال عنها، ادعى الامريكيون بوجود دولة شركسية عام 1763 كانت اراضيها تمتد من البحر الاسود الى بحر قزوين وقد دمرها الروس وابادوا اكثرية سكانها وهجروا الباقي. وان على القفقاسيين بعث دولتهم والانفصال عن روسيا. هذه الخرافة تعتبر احدى الركائزالاساسية التي ابتدعتها الادارة الامريكية لتحريض بعض شباب القبرطاي والاديغة ودفعهم للتطرف ورفع السلاح بوجه الوطن. اعتمادا عل هذه الخرافة، نجحوا بتجنيد الاف القفقاسيين وارسالهم الى سوريا لسفك دم الشعب السوري بحجة انهم بحاجة للتدريب من اجل العودة لروسيا ومحاربة الكفار وتحرير دولتهم. ونحن اطلعنا على اعمال 204 من الرحالة والمؤرخين والعملاء والضباط والباحثين من 13 دولة زاروا القفقاس وكتبوا عنه على مدى 2500 سنة. ونؤكد ان احدا منهم لم يتحدث عن وجود دولة شركسية – اديغية- قبرطية في القفقاس امتدت مابين البحرين الاسود وقزوين. وبما ان الشراكسة ظهروا للوجود في القرن 13، سنجري مسحا جغرافيا لمنطقة مابين البحرين اعتبارا من القرن 13 وحتى القرن الثامن عشر وذكر الدول التي قامت بتلك المنطقة وبالنتيجة سيظهر كذب الاعادءات الامريكية بوجود تلك الدولة التي يريدون بعثها وفصلها عن روسيا.

الوثائق تتكلم في عام 1240 م، المنطقة الممتدة من ارتيش وحتى دوناي كانت تقع تحت سلطة ابناء الخان "جوجي" الجغرافيون العرب اكدوا ان مساحة هذه الدولة كانت مسيرة ثمانية اشهر طولا، وستة اشهر عرضا. وتمتد من البحر الاسود حتى نهر ارتيش طولا وهو يعادل 800 فرسخ. اي، 4640 كيلو متر. وتمتد عرضا من دربند الواقعة على بحر قزوين وحتى مدينة بولغار اي، 600 فرسخ وهو يعادل 3400 كيلو متر. على الارض الواقعة بين نهري الفولغا والدون امتدت دولة "سارتوق" الابن الاكبر للخان باتو. على ارض شمال القفقاس امتدت دولة "طوقا تيمير" ابن الخان جوجي. واعتبارا من عام 1380 خضعت له بعض المناطق الاخرى مثل: امارة القرشاي، ومنطقة سيم- سيم وهي جزء من اراضي الشيشان الحالية والتي كانت انذاك مسكونة بقبائل "ارغون" التوركية. على الارض الممتدة من من السواحل الغربية لقزوين وحتى دربند كانت تتبع الادارة العسكرية المركزية للاوردا الذهبية. جونكوت، التي تحولت اليوم الى محافظة "بويناك" الداغستانية. كادار، وكانت تقع الى الجنوب الغربي من جونكوت. وحتى نهاية القرن 14 كان يراسها امير القرشاي "حاجي اسيلدر" الذي توفي عام 1404 م. هذه الوثائق تثبت عدم وجود دولة شركسية مابين البحرين مابين اعوام 1240-1404م.

في القرن 15 دب الضعف في اوصال الاوردا الذهبية- دولة المغول- وانفرط عقدها وتشكلت على انقاضها عدة اوردات (اوردا تعني دولة) كلها من الشعوب التوركية. ففي عام 1402 تشكلت دولة النوغاي؛ وفي عام 1433 تشكلت الاوردا الكبيرة؛ وفي عام 1438 تشكلت دولة- استراخان وقازان؛ وفي عام 1443تشكلت دولة القرم؛ وفي عام 1502 انهارت الاوردا الذهبية بشكل كامل على يد خان القرم بعد ان كانت قوتها قد اضمحلت في حروبها مع الروس وخاصة مع ايفان الثالث. وكما هو ملاحظ، فان كل الدول التي تأسست بعد انهيار دولة المغول كانت توركية، ولم يذكر التاريخ تأسس اية دولة شركسية – اديغية- قبرطية مابين البحرين. وفي بداية القرن 16 وجدت في شمال القفقاس الدول التالية: – بعد انهيار دولة المغول عام 1502 تشكلت في شمال القفقاس دولة القوموق المعروفة ب "الشمخالية" التي امتدت من نهر باخسان حتى دربند على بحر قزوين. وانوه الى ان عائلة بوداي حكمت هذه الدولة من عام 1566الى عام 1867 اي، 301 سنة. – دولة تومين، امتدت اراضيها على مصب نهر تيرك الى وكومي، ومن الجنوب امتدت حتى نهر "صولاق". – خانية بارغون، وتقع في بش طاو- بيتي غورسكي- واواسط نهر تيرك. وقد اشار المؤرخ العربي ابو الفدا ان مدينة مدجر – ستافروبول- جزء من هذه الدولة. – الارض الممتدة من "تتار توب" الى الى دربند كانت اراضي الشمخاليين. – اما مدينة جولات، فقد كانت في القرن 15 عاصمة "بش طاماق". وفي منتصف القرن 17 تشكلت على تلك الاراضي امارة "طاوستان" الملقارية على ضفاف نهر باخسان. في عام 1693، الوثائق التاريخية تذكر في شمال القفقاس الدول والامارات التالية: – بلكاريا؛ – مالا قبردا؛ – ديكوريا؛ – خانية القرم؛ – املاك روسية؛ – املاك ايرانية. والتاريخ يوثق ان حكام وقادة تلك المناطق كانوا: – ملك ايميريت ارجيل؛ – الشمخال بوداي؛ – امير مالا قبردا كولجوك كليماتف؛ – قائد منطقة تيرك العسكرية. وكما هو واضح، لايوجد اي اثر للدولة الشركسية المزعومة ولا لحكامها. في عام 1720 ارسل امراء القبرطاي رسالة الى القيصر الروسي يرجوهم فيه بناء مدينة روسية في "بش طاماق" لحمايتهم من الاعداء، وانهم سيسكنون في منطقة تبعد عنها مسافة يوم واحد. وهذا يعني عدم وجود دولة شركسية بتلك المنطقة كما يدعي العلماء الامريكيون. وفي عام 1723 ارسل امير القبرطاي اصلان بك رسالة للقيصر الروسي بيوتر الاول يقول فيها: منذ القدم، قام الروس بحمايتنا من هجمات القوموق، ونرجو الان ان تتابعوا نفس السياسة بحيث تمنعوا القوموق من تهديدنا. وهذا يعني ان تلك الاراضي كانت خاضعة للروس والقوموق ولم تكن هناك اية دولة شركسية. في عام 1739 عقدت معاهدة بلغراد بين روسيا وتركيا حيث جرى تقاسم القفقاس ولم يرد في الاتفاق اي ذكر لوجود دولة شركسية في القفقاس. في عام 1745 بعث امراء القبرطاي خاجي كيري بولاتف واصلانوق اصلان بيكف برسالة الى حاكم القفقاس جاء فيها: لقد هجرنا صالح كيري الى منطقة قشخا طاو، هنا تموت مواشينا من الجوع وحياتنا صعبة جدا. لذا، نرجو سيادتكم ان لاتجبرونا على العيش في قشخا طاو والسماح لنا بالعيش في جكم وشالوشكا. في عام 1770 انتصر الجيش الروسي على جيش القرم وبذلك تم ضم منطقة بش طاو الى الاملاك الروسية. فعن اي دولة شركسية يتحدث الامريكيون عام 1763 في شمال القفقاس؟ هذه المنطقة كان يتقاسمها الروس والاتراك وخان القرم ولم تقم عليها اية دولة شركسية بالمواصفات التي ذكرها الامريكيون. وختاما اقول للجميع: 1- لم تكن هناك اية دولة في شمال القفقاس لااسلامية ولاغير اسلامية. 2- لم يكن هناك مشفى او مستوصف واحد في كل شمال القفقاس لمعالجة الناس. 3- لم تكن هناك مدرسة واحدة لتعليم العلوم في كل شمال القفقاس. 4- لم يكن هناك مصنع واحد او طريق دولي واحد او جيش موحد. كل ماترونه اليوم في شمال القفقاس هو من صنع وبناء الروس. القفقاس كان بالنسبة لتركيا سوقا لتجارة العبيد والخصيان وتصدير الجواري الى قصور السلاطين والامراء الاتراك. وروسيا المسيحية هي التي اوقفت هذه التجارة الغير انسانية باولادنا وبناتنا من قبل المسلمين الاتراك. فهل نمتلك الشجاعة لنقول: شكرا لروسيا؟ ام سنستمر بالتعلق بالاكاذيب الامريكة حول دولة مزعومة ونخرب بيوتنا بايدينا؟ ارجو من شراكسة سوريا ان يشرحوا لباقي شراكسة العالم كيف خرب السوريون بلدهم بايديهم نتيجة التحريض الامريكي. انصحوهم ان لايعيدوا المأساة في القفقاس.