
يطرح الكتاب، الصادر عن للهيئة العامة السورية للكتاب، جملة من التساؤلات شكّلت بقواسمها الإشكالية المطروحة المتحورة حول كيف يقرأ الشعب السوري مجمل الأحداث التي دارات في أرض الوطن؟ "وهل صحيح أننا عشنا حرباً أهلية أما إنها حرب الآخرين على أرضنا"؟ "وهل صحيح أن هناك جيشاً سورياً حراً وجيشاً نظامياً يرفض أن يكون حراً؟ أم أن الحقيقة أن هناك جيشاً نظامياً يأتمر من السلطة الشرعية، وأن كل المسميات الأخرى ما هي الا عناصر غربية عن بنيتنا". يربط الكاتبان ما بين الأحداث التي وقعت في مراحل تاريخية مختلفة ومنها محاولة تغيير النظام في سورية في عام 1957 وصولًا الى الحرب على العراق وانهيار الاتحاد السوفياتي وغزو العراق وموقف سورية المناهض للحرب، والتغيرات الهامة مع وصول الرئيس بشار الأسد الى السلطة في عام 2000 حيث انطلق مسار الإصلاحات وأخذ مداه في الواقع السياسي السوري، ما انفك الرئيس السوري يسلك مسار ضبط إيقاع بنى الفساد المستشري في أروقة البيروقراطية بغية الوصول الى دولة عصرية متطورة. غير أن المواقف السياسية السورية المناهضة للولايات المتحدة، وبالأخص المشاريع الأميركية "الشرق الأوسط الجديد – الشرق الأوسط الكبير" الذي سعى المحافظون الجدد من خلالها الى تقسيم المنطقة والهيمنة عليها. ومن هنا بدأت التحديات لمواجهة الخطط الأميركية والضغوط السياسية والاقتصادية والإعلامية، كلها عوامل أدت الى بطء الإصلاحات وإعطاء الأولوية لمواجهه التحديات الخارجية.
الاستراتيجية الأميركية في تغيير الأنظمة –
التحضير للربيع العربي يشير الكاتبان الى أن عام 2006 كان مفصلياً من حيث البدء بالخطط التنفيذية لأحداث "الربيع العربي"، حيث تمثلت الخطوة الأولى لحكومة الولايات المتحدة وحلفائها في قرار واضح لبناء شبكات معتدلة وإلى إنشاء ارتباط صريح بين هذا الهدف واستراتيجية الولايات المتحدة الشاملة والبرامج.
ولتنفيذ هذه الاستراتيجية بشكل فعال تطلب إنشاء هيكلية مؤسساتية داخل الحكومة الأميركية للتوجيه، والدعم، والإشراف، والرصد المستمر للجهد. في إطار هذا الهيكل، من خلال بناء الخبرة اللازمة والقدرة على تنفيذ هذه الاستراتيجية، التي تشمل: (الاستراتيجية التي تم اعتمادها وتم ترويجها بالتعاون مع مؤسسة راند لعام 2006).
1. مجموعة دائمة التطوير من خلال معايير تميّز المعتدلين الحقيقيين من الانتهازيين والمتطرفين من المعتدلين، والعلمانيين الليبراليين من الشريحة الاستبدادية. ولا بد لحكومة الولايات المتحدة أن يكون لديها القدرة لاتخاذ القرارات الظرفية والتكتيكية ودعم الأفراد خارج هذا النطاق في إطار ظروف معينة. 2. قاعدة بيانات دولية من الشركاء (الأفراد والجماعات والمنظمات، المؤسسات، والأحزاب، الخ) 3. آليات للرصد، والتكرير، والإشراف على البرامج، المشاريع والقرارات .وينبغي أن تشمل هذه حلقة التغذية الراجعة من أجل تحليل المعطيات والعمل على التصويب. 4. جهود بناء الشبكات يمكن أن تركز في البداية على مجموعة أساسية من شركاء موثوق بهم، توجههم الأيديولوجي معروف، والعمل الخارج من هناك (أي في خلال منهجية لاختراق هذه المنظمات للتأكد الحازم من فكر التنظيمات المستهدفة حديثاً).
5. الولايات المتحدة يمكن أن تبدأ في زيادة مستويات الحكم الذاتي المحلي من خلال نهج يدعو إلى تغييرات جوهرية على هذه التيارات، مماثل لاستراتيجية الاشتباك مع العالم الإسلامي.
ينبغي أن تنتهج الولايات المتحدة سياسة جديدة غير متماثلة وانتقائية، كما كان الحال في الحرب الباردة، ينبغي تركيز جهود الولايات المتحدة لتجنب الصراع المباشر والتركيز بدلاً من ذلك على الشركاء، والبرامج، والمناطق التي يؤدي دعم الولايات المتحدة لها الى احتمال التأثير الأكبر من خلال حرب الأفكار.
وفيما يتعلق بالشركاء، سيكون من المهم تحديد القطاعات الاجتماعية التي من شأنها أن تشكل لبنات بناء الشبكات المقترحة.
وينبغي إيلاء الأولوية لـ: 1. الأكاديميين والمثقفين المسلمين وذوي الاتجاهات الليبرالية والعلمانية.
2. علماء الدين الشباب المعتدلين. 3.
نشطاء المجتمع.
4. المجموعات النسائية المشاركة في حملات المساواة بين الجنسين.
5. الصحافيين والكتاب المعتدلين. يجب على الولايات المتحدة أن تضمن وضوح الرؤية ومنصات لهذه الأفراد. على سبيل المثال، ينبغي على المسؤولين الأميركيين ضمان أن الأفراد ضمن هذه المجموعات ستقوم بزيارات الى الكونغرس لمرة واحدة على الأقل، للتعرّف على متخذي القرار والتعرّف على واضعي السياسات والمساعدة في الحفاظ على دعم الولايات المتحدة وتوفير الموارد لجهود الدبلوماسية العامة. أهداف الحرب على سوريا يوضح الكتاب أهداف الحرب على سورية والمنطقة بالنسبة للولايات من خلال تحقيق أهداف استراتيجية منها:
1- ضمان أمن حليفتها إسرائيل.
2- الولايات المتحدة تريد كسر أسطورية ما يسمى "الهلال الشيعي" الذي يربط بين إيران والعراق، وسوريا، والذي يجعل سورية مركزاً للتجارة بين بحر قزوين، البحر الأسود، البحر الأبيض المتوسط، والخليج العربي(الفارسي)، ودعم طموحات تركيا العثمانية الجديدة. في قطع الطريق على هذا المشروع.
3- إفشال خط أنابيب الغاز بين إيران والعراق وسوريا والذي يشكل خطراً على خط الغاز القطري الذي كان يخطط من أجل إنشائه عبر الأراضي السورية وصولاً إلى السوق الأوروبية.
4-
الولايات المتحدة ترغب في مكان مثالي لرؤية روسيا تفقد نفوذها من البحر المتوسط من قاعدة طرطوس من خلال تدمير سورية، ويسمح بالتوسع التركي العثماني الجديد وصولاً الى باكستان.
5- القضاء نهائياً على المد القومي والوطني السوري والذي يعتبر المحرك العربي والذي يقف عائقاً ومانعاً ومقاوماً للمشاريع الغربية والأساليب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لهذه المنظومة الغربية. 6- القضاء على الأسس الروحية والدينية المشرقة التي تجسدها سورية في ظل الانسجام المجتمعي والاعتدال والحريات الدينية، بعد أن تم خرق المجتمعات العربية وتشكيل مجموعة الصهيونية العربية والناتو العربي المتمثلة في دول البتردولار، تلك الدول التي أصبحت تنفذ مخططات منظومة الصهيونية المسيحية من خلال تبني الفكر "الفكر الوهابي".
الأدوات والوسائل المستخدمة في الحرب على سورية
يبرز الكاتبان أهم الوسائل المستخدمة في مشروع تغيير الأنظمة من خلال تفعيل القوة الناعمة وصولاً الى دور الدول المتحالفة واستثمار المجموعات المسلحة . -تفعيل القوة الناعمة – الرؤية الأميركية: أي جعل الآخرين يطالبون بالنتائج نفسها التي تطالبهم بها، وهذا يحتاج إلى فهم واضح بشأن كيفية استقبالهم لرسائلك، ثم يجري التعديل والتصحيح حتى تحصل على الرسالة المرغوبة. -يمكن للشركات الأميركية والقطاع غير الحكومي أن يؤديا دوراً را ئداً في توصيل الرسائل المطلوبة من خلال ممثليهما وعلاقاتهما في الدول التي يعملان بها، وهناك دور مماثل لأجهزة الاستخبارات وعلاقاتها باستخبارات الدول الصديقة. الولايات المتحدة والديمقراطيات الأخرى لن تنتصر إلا إذا انتصر المسلمون المعتدلون، أي "تعميم الفوضى من خلال التحالف مع الإخوان المسلمون". ويدعو جوزيف ناي، منظّر مفهوم "القوة الناعمة"، إلى تبنّي سياسات تساعد المعتدلين، والى استخدام الدبلوماسية العامة بصورة أكثر فاعلية لشرح المصالح المشتركة التي تجمع بين الولايات المتحدة والحكومات والمجتمعات العربية والإسلامية.
ومن هنا كانت الاستراتيجية الأميركية في ما يسمى "الفوضى الخلاقة" والتي اعتمدت منهجية سياسية متكاملة، طرحت مع الرئيس باراك اوباما وبدعم من اليهودية الصهيونية وبتقاطع مع الصهيونية المسيحية، وتم التسويق لها من قبل مراكز الأبحاث التي تصيغ القرار، وأهمها مركز راند ومركز التقدم الأميركي وغيرهما، ولذلك كان لا بد لهم من الحرب الإعلامية الممنهجة من خلال الإعلام التقليدي العالمي والعربي التابع لها ، من أجل تهيئة البيئة العربية والإسلامية لواقع جديد يقوده الفكر الوهابي وتنظيم الأخوان المسلمين العالمي. وبشكل متوازٍ تم تهيئة البيئة اللازمة للإعلام الجديد لاختراق المجتمعات العربية وبالأخص جيل الشباب من خلال شبكات التواصل الاجتماعي. لم تتنبه الحكومات العربية الى التطورات الهائلة في تقنية المعلومات والاتصالات وأثرها في تسهيل التواصل والتأثير على الرأي العام، كما أنها أي الحكومات المذكورة لم تطور الاستراتيجيات اللازمة لمواجهة التحديات الاستخباراتية الغربية والتي اخترقت المجتمعات العربية من خلال مفردات ومفاهيم "القوة الناعمة".
كانت الجهود الأميركية حثيثة من أجل الإيحاء بتسويق الديمقراطية ومفاهيم التسامح، ولم تكن تلك المساعي إلا من أجل اختراق المجتمعات وتشبيك قوى الإسلام السياسي. ومن هنا عقدت اجتماعات ومؤتمرات تحت غطاء حوار الأديان، وتعزيز ما يسمى منظمات المجتمع المدني، وتدريب الشباب تحت شعار "المشاع الإبداعي"، ودعم تنظيمات مثل تنظيم الديمقراطيين العرب والذي يرتبط بمركز الإسلام والديمقراطية الأميريكي تحت إشراف من الإدارة الاميركية، بالإضافة الى برامج التدريب في مختلف المجالات تحضيراً للمرحلة المقبلة. تصدت مؤسسات ومراكز أبحاث اميركية وغربية مهمة تنفيذ الاستراتيجية المذكورة وكان لمؤسسات مثل فريدم هاوس، ومعهد بروكينغز، ومعهد دراسات الشرق الأوسط، ومركز راند للدرسات، ومركز التقدم الأميركي، والمعهد المجتمع المنفتح open society institute الذي يتبع لجورج سوروس، إضافة الى مؤسسات مثل مجموعة الأزمات الدولية، وهيومان رايتس ووتش، وافاز "AVAAZ" وغيرها الدور الأساس في الترويج لها
. السيناريو السوري والمعركة الفاصلة
يشير الكاتبان الى التدرج في استخدام الأساليب والأدوات مع صمود الدولة السورية حيث لم يكن الغرب يتصور صمود الدولة السورية. فلم تكن أجهزة الاستخبارات الغربية تتوقع أن يصطدم مشروعها في سوريا بتحديات وأحداث ترتد عليها وتغيّر مسار الأحداث في الشرق والعالم، محدثة انقلابا جيو-استراتجياً يعيد بناء الشرق الأوسط بمعايير ستؤدي الى تراجع غربي وترسم معالم جديدة للعالم. سوريا هي الهدف وما حدث في الدول العربية من تونس الى مصر وليبيا لم يكن الا مقدمة لتحقيق الهدف الاستراتيجي الغربي في الإطاحة بالدولة السورية وتركيب نظام سياسي هش يدور في الفلك الأميركي، بحث يتم طي ملف الصراع العربي الصهيوني وتهيئة الطريق لمحاصرة إيران وصولاً الى الصين وروسيا تحت راية ما يسمى" الدين الإسلامي المعتدل" أو بالأحرى الدين السياسي المتطرف والذي يحكم دول المنطقة، أو من خلال تحويلها الى دول طائفية مفتتة "مشروع الشرق الأوسط الجديد"، تكون ملعباً للدول الغربية وإسرائيل، وتفتح الطريق للسيطرة على اوراسيا، أي السيطرة على طرق إمداد الطاقة ومحاصرة روسيا والقضاء على النفوذ الصيني في المنطقة. بدأت الأحداث في سوريا من خلال سيناريو "تعذيب الأطفال – قلع الاظافر المفترض!" الحدث بحد ذاته حبكة درامية جديدة، بعيدة عن الواقع ومفبركة. ولكنها صورت وبنفس الطرق السابقة تحت شعار "الربيع العربي" من خلال الإعلام وبشكل مركز ومكثف ومتكرر، ترافق ذلك مع استخدام القناصة من أجل قتل الأبرياء والجيش والأمن من درعا الى حمص الى بانياس حيث بدأت الأحداث من خلال كمين للجيش قُتل فيه عدد من الجنود السوريين، وكذلك الأمر في اللاذقية حيث وصل عدد الإصابات أكثر من 100 من قوات الأمن السورية وذلك خلال الأسبوع الأول للأزمة السورية. كانت الأرضية جاهزة وبدأت الأجنحة العسكرية لتنظيمات "الأخوان المسلمين" و"القاعدة" والسلفية الجهادية تتحرك وتنفذ المخطط وبدعم مباشر من أجهزة الاستخبارات الغربية ومن خلال الإعلام العالمي والمال الخليجي. وشكلت الدول المحيطة بسوريا، أي تركيا والأردن ولبنان والعراق، الممر الاستراتيجي لدعم مرتزقة العالم في الحرب على سوريا. في سوريا كان التخطيط هائلاً، فقد تم الانتهاء من تدريب أعداد كبيرة من الشباب في السنوات الأخيرة على تقنيات التشبيك والإعلام الجديد. كان آخرها ما تم خلال ما يسمى أمسيات رمضانية في أيلول وتشرين الأول من عام 2010، تحت إشراف عملاء استخبارات غربية تسللوا الى سوريا بغطاء ما يسمى تنظيم المشاع الإبداعي "creative common" والتي تقوده في الشرق الأوسط دونا تيلا راثا Dona Tella Ratha ، ورئيس التنظيم العالمي جو ايتو الذي زار دمشق في عام 2010 وقام بتنسيق العمل مع فريقه في دمشق. وبالنتيجة أنشئت مؤسسات وهمية عدة منها هاكر سبيس ونيو فتو زون وغيرها، باشراف وتمويل creative common”" وأفاز “AVAAZ” وغيرها من المؤسسات الغربية. ومن الجدير ذكره أن دونا تيلا راثا قامت بدراسة للدراما السورية في السنوات السابقة للأزمة السورية واخترقت الفنانيين ووزارة الإعلام بحجة هذه الدراسة. وكان التركيز على بعض المسلسلات ومن أهمهما "باب الحارة" التي أصبحت الأجزاء الأخيرة منه سيناريوهات لما سوف يحدث في المستقبل، وتم تجميع الأسلحة البيضاء وتصوير مشاهد في الساحل السوري وحمص ولبنان بحجة هذه المسلسلات وبإشراف من قبل دونا تيلا راثا. وكان الهدف هو استخدام الفيديوهات من أجل التلفيق والتضليل فيما بعد، وهذا ما حدث خلال الأزمة. إضافة إلى ذلك، بدأ الفريق المذكور أعلاه بدراسة ساحات وميادين دمشق وتجميع معلومات عن الجيش والأمن السوريين ونقاط القوة والضعف. من جهة اخرى وكنتيجة لخطة وزيرة الخارجية الأميركية كونداليسا رايس تم استكمال تنظيمات تحت غطاء حوار الأديان وتعزيز الديمقراطية مع هيمنة واضحة من تنظيم الاخوان المسلمين في العالم. ومن أهم التنظيمات التي لعبت الدور الخطير في الأحداث العربية والسورية على الأخص، هو تنظيم الديمقراطيين العرب المرتبط مباشره بالإدارة الاميركية من خلال مركز الإسلام والديمقراطية في أميركا. ويكفى أن نذكر بعض الأسماء التابعة لهذا التنظيم في الوطن العربي لنرى دورها فيما آلت اليه الأمور في المنطقة (حسن الترابي – السودان، راشد الغنوشي- تونس، عصام العريان ومنتصر الزيات من مصر، محمد حبش من سوريا). بالإضافة الى ربط الجمعيات الدينية واختراق وتمويل عدد كبير من المشايخ في سوريا من أجل التحريض والتجييش وإصدار الفتاوى لمحاربة الدولة. وفي الوقت نفسه، وبإشراف لجنة من الاتحاد الأوروبي، تم الإشراف على تنسيق العمل الإعلامي بين القنوات الإعلامية لخدمة المخطط الغربي، وبتكامل مع شبكات الإعلام العالمي التي تشرف عليها المسيحية الصهيونية بهدف الوصول الى مشروع الشرق الأوسط الجديد. بدأت الأحداث في سوريا وبشكل إعلامي صاخب، وتحركت الشبكات النائمة ونشط الإعلام الجديد ، وبدأت مراكز الأبحاث الغربية وفروعها العربية بتناغم مخطط له من أجل الإسراع في تنفيذ الخطة وصناعة رأي عام مساعد من أجل إسقاط الدولة السورية. وهنا لا يخفي دور مراكز "بروكينغز – ومركز التقدم الأميركي، وراند، وبيل غيتس وغيرها بالإضافة الى مؤسسات مثل مجموعة الأزمات الدولية وتنظيمات مراقبة حقوق الإنسان. كما أنه لا يخفى دور مؤسسة البرت انشتاين وبالأخص اليهودي الاصل "جين شارب"" (Gene Sharp ) أستاذ العلوم السياسية في جامعة ماساتشوستس، والذي ارتبط اسمه بالكتابة والتأليف في الموضوعات الخاصة بالكفاح السلمي، وقد استقت من كتاباته العديد من التحركات المناهضة للحكومات حول العالم وأصدر تعليمات خاصة للمتمردين في سوريا من أجل إسقاطها .
عقيدة "مسؤولية الحماية" التي يستخدمها أوباما في الحرب على سوريا تعمل عقيدة الحماية بشكل مترابط ومتناغم وتمول من قبل شبكة "ايفانز ثاكور وسوروس" Thakur& Soros &Evans " وأصبحت عقيدة الإدارة الأميركية، أي "عقيدة الحماية" هي المتبعة رسمياً. وقد تم تحضير الرئيس اوباما لهذه المهمة من عهد الرئيس جورج بوش الأب من خلال جورج سوروس. ولاحقاً اعتمدت في الأمم المتحدة من أجل تبرير التدخل الإنساني "لحماية المدنيين"، أي مبرر للتدخل العسكري، كما حدث في دول مختلفة بحجة حماية المدنيين، والهدف الأساس هو إيجاد مبرر قانوني من أجل التدخل في الدول وإرضاخها . حقيقة المجموعات المسلحة التي تسعى الى اسقاط الدولة السورية نشطت فرق الاستخبارات الأجنبية في سوريا، وبدأت تنفيذ شروعها التدميري فيها وبدأت فرق منظمة تدمر البنى التحتية وتخترق بعض المؤسسات وبدأت الانشقاقات بشكل محدود ضمن خطة مدروسة مسبقاً. ولكون الخطة الأولى لم تفِ بالغرض في إسقاط الدولة السورية فتم الإيعاز بالتصعيد من خلال الحرب المنظمة على الدولة السورية، وبدأ الدعم والتمويل يتدفق (الأسلحة – الأموال – المرتزقة – خريجو سجون، معتقون من غوانتانامو، تفعيل حرب السايبر – ونظم اتصالات …وغيرها) بالإضافة الى نشاط شبكات ما يسمى المجتمع المدني والتنظيمات التابعة لها من المشاع الإبداعي وتنظيم الديمقراطيين العرب وافاز وهيفوس وغيرها. برز الدور الرئيسي لقطر والسعودية وتركيا في تجنيد المجموعات المسلحة وتقديم المساعدات المباشرة واللوجستية لهذه المجموعات والتي بنيت على أساس تكفيري وهابي مهما اختلفت التسميات من "الجيش الحر" الذي استخدم كحصان طروادة في الحرب على سوريا وحركة حزم وصولاً الى تنظيم "داعش" الذي يعتبر جيشاً لمشروع "الشرق الأوسط الجديد" الأميركي، وصولاً الى جبهة النصرة وجيش الفتح وغيرها من التنظيمات المسلحة التي استثمرت ودعمت من أجل تحقيق أهداف جيوسياسية للولايات المتحدة الأميركية.
معالم المستقبل وسورية
تتلخص مقاربة الكاتبين في اأزمة السورية وإن كانت الحرب قد تطول، إلا أنها فشلت وكشفت معالم الضعف والقوة وهذه المعالم تؤسس لإعادة استنهاض سورية. لقد كشفت الأزمة الحالية نقاط ضعف وقوة في المجتمع السوري وأدت الى تغيرات دراماتيكية على مستوى الوعي الجمعي، وساهمت العوامل الداخلية والخارجية في تضخيم الآثار المختلفة مما أدى الى وضع معقد في مختلف النواحي وبالأخص في بداية الأزمة. الحرب بحد ذاتها عامل أساس في إحداث تغييرات هائلة على مستوى المجتمع السوري، والضغوط النفسية والقلق والتحمل الهائل من أجل الاستمرار في الحياة، والخسائر المادية والبشرية، وفقدان الإحساس بالأمان والعبء الاقتصادي، كلها أفرزت الفقر وازدياد الفساد والجريمة المنظمة والبيروقراطية في القطاع الحكومي. من ناحية اخرى أظهر الشعب السوري قدراً هائلاً من التحمل والصمود في وجه هذا الإعصار الجارف، وأدى هذا الصمود والقدرة على التحمل لاستمرار الدولة السورية وللقوات المسلحة في مواجهة العدوان على سوريا.
لقد شهدت المرحلة الأخيرة، وبالأخص خلال الانتخابات الرئاسية حزيران 2014، انتصاراً سورياً خالصاً تجسد في عودة الولاء للدولة السورية ورأي عام مساند وكبير للدولة السورية وللرئيس بشار الأسد. وهذا الانتصار لا بد من الحفاظ علية لأنه المحور الأساس الذي راهن الغرب على اختراقه ونجح جزئياً في بداية الأزمة، ومن أجل ذلك لا بد من الجهود الجبارة على مختلف الأصعدة الاقتصادية والإعلامية والقضائية ومحاربة الفساد والجريمة المنظمة التي تكون الأزمات البيئة المناسبة لها، بالإضافة الى ما تقوم به الدولة من محاربة الإرهاب. ليس من المتوقع أن تنتهي الحرب على سوريا في القريب العاجل وانما ستبقى هناك محاولات دائمة من قبل الغرب لإضعاف سوريا أو إسقاطها، والمستجدات الاخيرة في المنطقة وزيادة الضغط على سوريا تعني تحولات دراماتيكية قد تحدث وتطيل في أمد الحرب، أي محاولة ابقاء الوضع في سوريا في حالة استنزاف دائم. ويخلص الكاتبان إلى أن التحولات العالمية الحالية والتي حركتها الأزمة السورية بعد فشل الحرب على سورية، تشكل فرصة مهمة من اجل اعادة البناء وتوطيد عناصر ومرتكزات الدولة السورية من خلال استخلاص الدروس من الأزمة الحالية، وإعادة تشكيل مرتكزات الأمن الوطني السوري، ودعم التوجه الوطني والقومي، فالوطنية اﻟﺼﺎدﻗﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻘﻬﺮﻫﺎ الحروب تكون دافعاً للشعور القومي والوطني.