متى نبدأ بحثاً تربوياً سوريا جادّاً يشكّل أساساً
للقرار التربوي السليم ؟؟
سورية في خطر
التربية السورية في خطر
التعليم في سورية في خطر ودخل نفق مظلم وخطير
· عبد الرحمن تيشوري / باحث وخبير سوري
مقدمة:
إنّ من أبرز سمات هذا العصر وعلى وجه الخصوص العقد الأخير من القرن العشرين والعقد الأوّل من القرن الحادي والعشرين هو التقدّم السريع في مجال العلم والتكنولوجيا والإنترنت والتلفاز المدشش والتعليم عن بعد والتعليم الالكتروني والتعليم المفتوح.
وكان من نتائج هذا التقدّم المذهل أن حدث تطوران اثنان هما:
1. الجمع بين التكنولوجيا الإلكترونية وعلم نفس الطفولة لمعرفة الطفل معرفة صحيحة.
2. لما كانت التربية تعتمد على علم نفس الطفل وتربية الطفل هي جوهر العملية التربوية الخاصة وجوهر علم النفس بعامّة، باتت التربية تخضع لما يخضع لـه علم نفس الطفل.
وبالتالي خضعت التربية للعلم وأساليبه المختلفة في الدراسة والبحث، ومن هنا باتت التربية تستخدم طرائق علمية لدراسة العمليات التربوية واصبح للتكنولوجية دور مهم في العملية التربوية وقد انتبهت بعض المدارس الى ذلك مثل مؤسسة طائر الفينيق الخاصة في طرطوس التي وضعت واستثمرت منظومة تكنولوجية وتشترط لكل مدرس ان يكون لديه جهاز حاسب لاب توب.
البحث في التربية
لا يستطيع أي إنسان عادي أن يقوم بأعمال البحث التربوي لأن ذلك يحتاج إلى معرفة أصول البحث العلمي، ويحتاج إلى متخصّصين أكّفاء أو على الأقل طالب دراسات عليا "يحمل دبلوم الدراسات العليا أو الماجستير أو غير ذلك". في علوم التربية او الادارة او العلوم الاجتماعية
والبحث التربوي يعني باختصار: مجموعة الأعمال والفعاليات التي يقوم بها أفراد متخصّصون في طرائق تؤدّي إلى معارف وقوانين جديدة لمسائل ومشكلات تربوية عالقة.
باختصار إنّ البحث التربوي يقدّم نتائجه لتكوّن معطيات للقرار التربوي والسليم ونحن في سورية بحاجة ماسة الى ذلك بعد التردي الكبير للواقع التربوي العام في سورية
أهمية التعاون والاعتماد على المؤهّلين في التربية
لما كانت عملية التربية هي أوّلاً وأخيراً صناعةِ الكائن الإنساني وإعداده ليطوّر ويقدّم ويحدّث مجتمعه لذا كانت وما تزال وستبقى من أعقد الأعمال وأكبرها مسئولية من بين كلّ الأعمال التي يقوم بها الإنسان.
والتربية السورية تواجه مشكلات وعقبات لا حصر لها ممّا يعجز عنه باحث فرد أو جماعة أو مدير التربية غير المؤهّل. من هذا المنطلق لا بدّ من التعاون والاعتماد على المؤهّلين تربوياً وإدارياً وعلميّاً ولا بدّ من تحديد الأولويات بمجال البحث في التربية منعاً لهدر الجهد والمال والوقت بدراسة مشكلات ليست ذات أولوية وأهميّة.
لذلك بات لزاماً على القائمين على التربية والمربّين والباحثين في مجال التربية أن يحدّدوا هذه الأولويات في ضوء حاجات المجتمع السوري بعد الخراب الكبير للنفوس والبشر خلال فترة الحرب والإمكانات المتاحة لهم لتطوير عملية الأداء التربوي للمجتمع والأجهزة المعنية بالتربية.
الأولويات والأساسيات في مجال البحث التربوي
1. من أولويات البحث التربوي تحقيق الانسجام الاجتماعي بين السوريين بعد الحرب وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص في التربية للجميع والحصول على أفضل النتائج المدروسة وارتفاع نسبة الحاصلين على التعليم العالي وتقويم العملية التربوية "كل ما لـه علاقة بالعملية التربوية خاضع للتقويم والقياس". ودراسة سبل توفير حوافز للتلاميذ والمعلّمين- وإعداد مناهج التعليم بشكل دوري سريع وبما يتماشى مع متطلبات سوق العمل الجديد للوصول إلى تربية عالية الكفاءة والمردود.
2. إعداد العاملين في حقل التربية من جميع الفئات وعلى البحوث التربوية أن تأخذ بالحسبان كلّ التغييرات النوعية التي أدخلتها المعلوماتية والتألية "استخدام الآلات الآلية".
3. محتوى التربية وإعداد مناهج تعليم مناسبة تلبّي حاجة البلد وتراعي الوسط الاجتماعي كل ذلك يشكّل ميداناً هاماً في البحث التربوي ويشكّل أولوية أيضاً من أولويات البحث.
4. تتوضّع المشكلات الإدارية والتنظيمية في أعلى درجات سلّم الأولويات وكذلك التجارب والخبرات حول بنية المدرسة وتنظيمها حيث لا يعقل أن نبقى في سورية على هذا البناء والنمط الذي أقلعت عنه كلّ النظم التربوية في العالم- البناء اليوم يجب أن يضجّ بالحياة وأن يحتوي قاعة الإنترنت والبوفيه والمطعم والمسرح والمرسم والسينما وقاعة المطالعة وغير ذلك…" لا كما نضع غرفة قرب غرفة فوق غرفة ونقول هذه مدرسة..
5. من المهمّ البحث في رسائل وحلول جديدة تفيد مؤسسات تعليم الشباب خارج المدرسة وهم يشكّلون جماعة كبيرة في سورية حيث الإحصائيات أن 80% من القوى العاملة في سورية يحملون ثانوية وما دون وهذا التأهيل منخفض المستوى لا ينفع اليوم في عالم اقتصاد المعرفة والاقتصاد الرقمي وتشابك الاقتصاديات..
6. من المهمّ ومن الأولوية الاهتمام أكثر بالإدارة التربوية التي أصبحت علماً لـه فلسفته وأصوله وقواعده وأساليبه وطرائقه وممارساته التي هي أساس أيّ تطوير للتعليم وإعادة النظر بواقع الإدارة التربوية- فوجئت في الإجتماع السنوي لشعبة الحزب التي أتبع إليها تنظيمياً أنّ شخصاً تمّ تسميته مديراً للمدرسة وهو وكيل أي غير مؤهّل لا جامعيّاً ولا تربوياً ولا إداريّاً.
7. التربية عملية اجتماعية في مضمونها وجوهرها وأهدافها ووظيفتها ولا يمكن فصلها عن المجتمع ومن هنا فإنّ كفاية التربية مجال هام للبحث ويشغل بال الكثيرين من الباحثين لذا لا بدّ من توضيح دور المدرسة على نحو أفضل فيما يتعلّق بارتباط نظام التعليم بعالم العمل لأنّ التربية تغيّر أثوابها باستمرار وهي دائماً بنت العصر الذي تولد فيه وعليها دائماً مسؤولية توفير حاجات المجتمع في شتّى المجالات.
8. من المهمّ تطوير البحوث المتعلقة بتطوير التربية ذاتها عن طريقة إعداد أفضل للمربّين ليتحمّلوا مسئولياتهم في المستقبل ومن المهمّ أخذ أفضل التلاميذ في الشهادة الثانوية لنجعل منهم معلّمين ومدرّسين. لأنّ المدرّس يصنع الجميع ويخرّج الطبيب والمعلّم والمحامي والصيدلاني و..
9. اعادة النظر ببعض المناهج ومضمونها وتخليصها من الحشو والتكرار والضخامة / التربية الدينية واستبدالها بمنهاج وطني اخلاقي للجميع /