زهير ماجد «الوطن» العمانية
نحن نقاتل فكرة “داعش”، مهما تساقط من عشاقها ومسؤوليها وكوادرها ومقاتليها فلن يكتب لها نهاية، بعدما لاقت هوى في نفوس كثيرين، وهؤلاء باشروا نقلها الى من هم اصغر سنا ثم اصغر وهكذا دواليك. اذا اردنا مستقبلا بدونها علينا اجتثاثها، لكن من اين لنا ان نقتل الهواء والخيال والتأثير من هذا الى ذلك ومن هؤلاء الى اولئك.
لا شك انها مرحلة دقيقة ينبغي فيها التنبه إلى العالم القادم وإلى الاجيال التي تتفتح مثلما ورود الحقل في فصل الربيع. تكمن دقتها في ان العمل الدعائي الذي رافق نمو “داعش” ادى إلى تمدده، وكان كلما نزلت به نازلة، يزداد اتساعا .. كانت جملة ” دولة الخلافة ” تحرك مشاعر كثيرين، ولقد ثبت ان في الشباب المسلم من يهوى ابعاد تلك الجملة فيجد نفسه مسربلا بها، بل هنالك من صدق انها بالفعل “دولة” لإسلام من نوع آخر فهاجر إلى فضائها بحثا عن الجواب، فاذا به اسير فكرتها.
الآن قتالات مفتوحة ضد ” داعش”، العالم كله مستنفر بعدما اخترقه ناره واكتوى بها. لكنه على ما يبدو لن يصدق حراكه، ثمة من يريد المزيد من تخريب الاسلام، وبالتالي تدمير كل ما تراه العين من جمالات عربية اسلامية، اذا خير بين بقاء هذا التنظيم وبين زواله فقد يؤيد البقاء ولو على حساب امنه، لأن المطلوب برأيه المزيد من الفوضى في بلاد العرب وتعميمها قدر الامكان.
على كل ليس من السابق لأوانه مناقشة هذه الفكرة في هذه العجالة، لأن فحوى مقالنا يدور حول اجيال “داعش”، تلك الفئة التي لم نر فعلها الآن، لكنها المرشحة لأن تكون في المستقبل الأكثر شراسة ان تسنى لهذا التنظيم العيش الزائد عما يقال بانه خطط له ان يعيش حتى العام 1920، واذا اقررنا بهذا التاريخ فعليا، فنحن امام فكرة بذرت في ارضنا اعدادا كبيرة من اصحابها، وصار بالفعل هنالك اجيال جديدة تربت منذ نعومة اظفارها على الفكرة، ونحن نعلم مدى تأثير مرحلة الصغر في تكوين الانسان وكيف يجبل الصفير بالأفكار ليصبحا واحدا في رحلة الحياة.
من الممكن كما قلنا قتل ” داعش” عسكريا سواء بتصفية عناصره او برميه في الصحراء او في اماكن بديلة عما هو فيه سواء خارج الموصل او داخل الرقة ودير الزور وغيره من الاماكن .. بطبيعة الحال لا بد من ان يتم ذلك بواسطة القوة العسكرية، لأن هذا التنظيم لا يمكن التفاهم معه، بل هو يحمل فكرا اقتلاعيا لكل ما هو امامه وحتى بعيدا عنه، لا يفهم الحوار ولا يعنيه سوى ان يقتل ويذبح ويدمر .. ومن الثقة بمكان ان النجاح حليف القوات المسلحة النظامية، لكن من يستطيع اقتلاع البذرة التي زرعت في ارضنا، وتلقفها جيل عاشها في البيوت وفي المدارس وفي الشارع، بل هو عاشها على مدار شهور وسنين فكانت ثقافته الوحيدة التي قرأ فيها وجدانه واكتشف من خلالها حلما هو محض خيال تراءى لكنه اثر في تكوينه وفي سلوكه فصار عبدا للفكرة منصهرا فيها عند اول اشارة له من احد.