ثقافة العنف وسلطوية الصورة نحو الطفل
الشاعر الدكتور محمد ازلماط
تشتغل هذه الرؤيا على دراسة البنية النسقية المتداخلة بين الثقافة والعنف في مرحلة الطفولة، التي اعتبرها البعض الفردوس ، وهي مكان افترضت الاساطير، كونه فضاء لاتوجد فيه العيوب والنواقص، وإنما يشتمل سوى على الأمن والالتحام والود.
وترى مدرسة التحليل النفسي على أن الفرد هي انعكاس لحالة الفرد في صغره، وهو جنين في رحم أمه، وهو ينعم برعاية يصله اكله وشرابه بدون تكليف عبر الحبل الوريد الذي يربط بامه،وتعادل هذه المرحلة الحقبة التي مكث فيها آدم وحواء فى الفردوس، التي كانت صافية أمينة سالمة، لكن الأجواء والتحريض كانا سبب خروجهما منها وصراخ آدم وحواء حسرة عن تضيعها الفردوس، وهذا ما يوازي صرخة الطفل وهو يغادر حصن الأمين لمنزل إلى عالم الصراعات والعنف والمجهول.
وفي نفس المضمار، يرى البعض أن الفردوس هي الطفولة حيث لم يستيقظ الوعي الجنسي بعد، والتمييز بين الجنسين، وهي تعادل وجود آدم وحواء في اللجنة قبل الأكل من الشجرة، ليس هناك إحساس من العري وبعد خجل.
ويتضح أن الطفل يشعر بالاحساس السيادي للفضاء الذي خلق له ويتلذذ بمكوناته لكن هذه اللذة والشهوة تواجهها موانع والحظر التي تلجم شهوته ولذته الكامنة في التشريعات السماوية والوضعية التي توازيها قصة آدم وحواء الذي تم منحه الحرية الكاملة في العيش في الجنة شريطة الابتعاد والامتناع عن الأكل من شجرة تفاح فلم يستطع كبح شهوة الأكل فعصا خالقه وتم طرده إلى الأرض وأخذ يعيش في صراع وعنف وهذا ماينطبق على الطفل الذي يعيش في مجتمع تشكلت فيه ثقافة السلم وثقافة العنف.وهذه الأخيرة تعكس حالة المحيط المعرفي والبيئي النظامي والنسق للمجتمع الذي يتغير ويتحول نتيجة لمجموعة من مظاهر ومواقف وايديوليجيات، وعلى ضوئها يترتب ما يسمى ثقافة العنف، وعنف الثقافة، فيحدث الصدام والصراع والنزاع وعرقلة الحوار والتواصل بين الفئات الاجتماعية ولاسيما الفئة التي تعيش مرحلة الطفولة وجود الإنسان على الأرض وهو يمارس العنف ضد الطبيعة وضد أخيه الإنسان.
فعبر الثقافة يتم إثبات سيادة وهوية الإنسان منذ طفولة حيث أنها تساهم في تمكين من التفكير في تمفصل النفسي والاجتماعي لذى الفرد تتميز بمجموع انتماءاته في النسق الاجتماعي. .. الهوية تمكن الفرد من أن يحدد لذاته موضعا ضمن النسق الاجتماعي. وإن يحدد الآخر وموضعه اجتماعيا إما سلميا العنيف. ولاسيما الطفل الذي يعني ما يلي:
& هو من الميلاد إلى البلوغ تعريف لغوي.
&الطفولة هي الخروج عن أسوار الزمان.
& الطفولة هي الفرح والخلود للأمن واللاتكليف
&عرفت الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل انه "كل إنسان لم يتجاوز 18 سنة مالم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطلق عليه." والبعض يحدد تعريف الطفولة في تحديد مرحلة الطفولة التي تم الاختلاف فيها فتم تحديدها أما من الميلاد إلى البلوغ والبعض الآخر حددها في انفصال الطفل من رحمه بالولادة، والبعض الثالث جسدها في استقرار الجنين في الرحم.
وفي نطاق الدين الإسلامي وانطلاقا من القرآن الكريم الذي حددها في الآية الكريمة" يا أيها الناس أن كنتم في ريب من البعث فأنا خلقناكم من تراب تم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مغلقة وغيرت خلقة لابين لكم ونشر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغ اشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى ارذل العمر".
ويتبين من الآية الكريمة أن مرحلة الطفولة تتحدد من الولادة إلى البلوغ، وأن هذه المرحلة تم تصنيفها إلى ثلاث مراحل:وهي الطفولة المبكرة وتبادل من الولادة إلى السادسة والطفولة المتوسطة من السادسة إلى الثانية عشر والطفولة المتأخرة من الثانية عشر إلى الثامن عشر ومنها تدخل مرحلة المراهقة.
والطفولة خصوصيات تتمثل في المرونة التي يولد بها الطفل لكونه قادر على التعلم واكتساب المهارات والفترة التي تسمح للأسرة والمجتمع بتكوين الطفل وبرمجته وهو في حاجة ماسة إلى الإدماج والاندماج داخل الانساق الاجتماعية. وكما نجد الطفل ضحية لبعض السلوكيات الثقافية التي تقوم بتعريف وتتمثل في الأديان الوثنية التي كانت تذبح الأطفال تيمنا لالهاتهم أثناء حدوث الكوارث لاعتقاده أن روح الضحية تحميها. وإذا تصفحا كتاب المقدس فهو يصف اغتيال آلاف الأطفال ببيت لحم من قبل هيرودس. كما وضح القرآن الكريم في سورة يوسف تعنيف من طرف إخوته. وفي بابل كان الكهنة يفرضون على البنات ممارسة الزنا مع الزوار قصد تخصيص الدخول إلى إدارة المعبد.وهذه السلوكيات وغيرها على مر حقب التاريخ مارست العنف على الطفل بصفة عامة.
فالعنف يعني لغة:الخرق وضد الرفق وأخذ بالشدة والإكراه والاجبار على السلوك . فهذه المعني المستقاة من المعجم القديمة العربية لها صيرورة في المعاجم المعاصرة مثل ماورد في المنجد حيث أن تولد وتواصل الدلالي يتفاعل مع فضاء السلوكيات الفعلية المولدة من الذاتية الإنسانية في ظرفية إمكانية معينة. ويستند منها أن الأفعال العنيفة تلازم الوجود الإنساني ، وجل الدلالات تم صلة بالغربية باستثناء دلالة الأخبار التي تتصف بصفة مكتسبة التي تترتب عن نتاج الظرفية الاجتماعية.
أما اصطلاحا فتعددت مفاهيمه ونذكر منها هي فعل قائم على سلوك عنيف ينجم عنه الإيذاء أو المعاناة (الجنسية والنفسية) أو الحرمان النفسي من الحرية في الحياة العامة أو الخاصة اهو التعبير الصريح عن القوة البدنية ضد الذات وضد الآخر أو هو إجبار الفعل ضد رغبة الشخص على أساس اياه بالضرر أو قتل النفس أو ايلامها. وان الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل عرفت العنف على أنه عبارة عن كافة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية والعقلية أو الإهمال أو إساءة المعاملة أو الاستغلال بما في ذلك الإساءة الجنسية. أما منظمة الصحة العالمية فتقصدبه الاستخدام المتعمد للقوة البدنية
المهدد بها أو الفعلية ضد أي طفل من قبل أي فرد أو جماعة تؤدي إلى ضرر فعلي لصحة.
فمن خلال هذه التعاريف يمكن استنباط منها أسباب العنف ومكوناته فالأول يكمن في الأسباب البنيوية وتعطى إلى التغيرات في توزيع الثروات والتعبير في توزيع الأجور الذي يؤدي إلى النقص في السد الحاجيات البيولوجية البعد عن القيم الإسلامية ، العيش على الماضي والروتين وشحن بالبرمجة مسبقة بدون تشخيص ولا تحديد الأهداف. وهذا الأسباب حاضرة في مكونات العنف المتمثلة في الفاعل والقنابل وأدوات العنف، وهي ترتكز على إنكار الآخر والقيام بالاستبعاد والتصفية الجسدية والنفي والاعتماد على الأحكام العصبية.
والعنف يرتبط بالثقافة فهو يشكل أحد مظهرها لكونها لها دور تكوين وبناء الشخصية اما سلمية أو عنيفة وتتجلى ثقافة العنف في أشكال السيطرة الاجتماعية البصرية وغير البصرية وتكمن في المعتقدات والمواقف والسلوكات الناتجة عن القيم وعدم التكيف معها.واشكال ثقافة العنف تتمثل في اللفظة واللون والصورة التي تكون حاضرة في الأفلام العنيفة وفي الشبكة العنكبوتية التي تصنع العنف في الواقع الافتراضي.
وتؤسس الصورة لاشكال العنف وتبدعه عبر الصناعة الإبداعية حيث هيكلتها في إطار فكري واقتصادي واجتماعي، منظم في ما بعد الحداثة التي انتقدت الحداثة.فالعنف يتظاهر في التنوع الثقافي عبر الصورة التي تلزم الفرد وتخضع وفق آلياتها. حيث عن طريق الثالوث الاتصال والمعلوماتيةوالاعلام إذ استطاعت الصورة إن تخلق لها فضاء متميزا موجها إلكترونيا وهاتفيا والقنوات الفضائية التي تبث آلاف صور من خلال برامج انترنيت
وثقافة الصورة تمث صلة باقتصاد السوق الذي هو أساس مشروع العولمة ثقافته التي تتمثل بالصورة المرئية التي تساهم في إلحاق الأذى المعنوي أو المادي بالمشاهد المختلفة عبر الاعتماد على الصراع وتصوير الجرائم والابتعاد عن الواقع والحقيقة مثل برامج رياضة العنف .
وبناء على ما سبق ذكره فالصورة تنمط الطفل وبرمجة في قضايا تكمن في :الضحية وأطفال لقطاء والشياطين الصغار والاستثناء والتميز وطيور الجنة وحنين الكبار إلى الطفولة
والصورة تباشر العنف على الطفل ويترتب عنها الإدمان وعدم الاتزان والارتباط بالأحاديث دون إدراك وتعقيد الأمور وكثرة الشكايات وظهور التواصل والانعزالية وضياع القيم
فالصورة تساهم في فتك بالطفل وهتك حقوقه المتداولة في الأنظمة القانونية والتشريعات السماوية.