من ديوان ( قصائد بلا حجاب )
ورقة التوت
الشاعر الدكتور جهاد صباهي
عندما يخيمُ الليلُ ويضيعُ السهرْ
وتعودُ الى بيوتها أشباهْ البشرْ
يحملونَ معهم شقاء يومٍ عبرْ
وعودَ ثقابٍ وكسرةَ خبزٍ وشربةَ ماءٍ
يحملون البردَ والقهرَ
كسيلِ مطرْ
يفترشونَ الأرضَ ويلتحفونَ السماءَ
ورأسهم مسنودٌ على قطعةِ حجرْ
والأمُ تغلي في الماءِ الحصى
تُمنّي أطفالاً عيونُهم تبكي
وبطونُهم تعوي
كي يناموا بعد أن يضنيهم
الجوعُ والضجرْ
هي رحلةُ العذابِ في بلدِ السحرْ
حيثُ الحلمُ فيها يُصبحً شيطاناً
يَبقُرُ البطونَ ويقطعُ الرؤوسَ
بالسرِ والجًهرْ
لقد جنَّ جنونُ الناسِ
فانعدمَ في عقولهم وعيونهم
اليقينُ والنظرْ
الأطفالْ نيامْ
وفي بطونهم جوعٌ رهيبْ
والأمُ جانبَ الجدارِ
تبحثُ عن الدفءِ بأحضانِ رجلٍ غريبْ
والأبُ يتوضاُ من ماء الحصى
ويدعو الله شروقَ شمسِ يومٍ قريبْ
والغولُ قابعٌ خلفَ البابْ
بيدٍ يُمسكُ قائمةً من دفترِ التاريخْ
للهدمِ والتخريبْ
وباليدِ الأخرى ساطورٌ يقطعُ الرؤوسْ
باسمِ الواحدِ الحسيبْ
والأميرُ صامدٌ في عرينهِ
يتحدى المغيب
وذئابٌ تنهشُ قوتَ الناسِ
وتبيعهم في سوقِ العبيدْ
انه زمنُ العبيدْ
انه زمنٌ تحاولُ النجمةُ
أن تكسِرَ الهلالَ والصليبْ
ليصبحَ البعيدُ قريبْ
والقريبُ بعيدْ
انه زمنُ الحصادِ المريرْ
مازرعناهُ منذُ عهودٍ وسنينْ
نحصدُهُ ناراً سعيرْ
ليحرقَ البشرَ و الشجرَ والحجرَ والبعيرْ
وتهناَ المومسُ ويفوزَ المقامرُ والسكّيرْ
ويكبُرَ اللصُّ والأجيرْ
والحليمُ حيرانُ ضائعٌ عسيرْ
انه زمنُ البيعِ والشراءْ
الناسُ تُباعُ وتُشرى وتموت في العراءْ
وأخرى تبلعها أسرّة الثراءْ
تعبثُ بها الأقزامُ والجراءْ
والأجسادُ على النارِ تتلوى
في وليمةٍ على الذبحِ والشواءْ
هو الربيع .. هو الخريفْ
هو الصيفْ .. هو الشتاءْ
لا .. لا وربِّ الكعبةِ
انه فصلٌ علينا غريبْ
انه فصلُ البلاءْ
جاءنا ليطولَ ويطولَ ويطولْ
يحملُ المزمارَ ويقرعُ الطبولْ
يمسحُ التاريخَ والأصولْ
يمسك القلمَ والمسطرة والفرجارَ والنصولْ
انه زمنُ التجديد
كي يرحلَ الناسُ الى البعيدْ
ويصبحَ الوطنُ فريسةَ قاتلٍ رعديدْ
ونحنُ نهددُ ونصرخُ بالوعيدْ
والصرخةُ تتلاشى في الأفقِ البعيدْ
ويستمرُ التجديدْ
ويستمرُ التنديدْ
ويستمرُ التهديدْ
انه لعالمٌ جديدْ
ترسمهُ نجمةُ داوودْ
بالقتلِ والذبحِ والبارودْ
والإغراءِ بالمالِ وأجسادِ النساءِ والنهودْ
حلُمُهم قرأناهُ منذ سنينْ
لكننا شُغلنا عنه بورقةِ التوتْ
ماذا تخفي تحتها ورقةُ التوتْ
وهم في حلمهم غارقونْ
وهم في عالمنا سائرونْ
يرسمونَ ويخططونْ
ونحن بالورقةِ مشغولونْ
قالوا في المرأةِ سرٌ مجنونْ
إبحثوا ففي جسدها عالمٌ مفتونْ
لتهنؤوا بحياةِ صخبٍ وكنزٍ مدفونْ
ابحثوا عن الكنزِ المدفونْ
ابحوا عن الكنزِ المدفونْ
مازالت ماءُ الحصى تغلي والأطفالُ نائمونْ
وفي بطونهم جوعٌ رهيبْ
ومازالت الأمُ جانب الجدارِ
تبحثُ عن الدفءِ بأحضانِ رجلٍ غريبْ
ومازال الأبُ يتوضاُ من ماءِ الحصى
ويدعو الله شروقَ شمسِ يومٍ قريبْ
أهو يومٌ قريبْ ؟؟
أهو يومٌ قريبْ ؟؟
تطيرُ فيه ورقةُ التوتْ
لندرك قبل أن نغلقَ التابوتْ
انَّ الجمالَ في قلبِ المرأةِ وعقلها
وليس بما تخفيه تحتها
ورقةُ التوتْ
د.جهاد صباهي