لا يبالغ القائل إن قال : أن أكثر ما أذهل الغرب وراعيه "الكاوبوي الأمريكي" هو موقف الشريحة الكبرى في المجتمع السوري ,أي شريحة العمال والفلاحين والموظفين البسطاء والفقراء عامةً, من ما يسمى الربيع العربي بشكل عام والربيع السوري المزعوم بشكل خاص , حيث أن صنّاع ربيع الدم العربي في مراكز الإستخبارات الغربية , كانوا قد راهنوا على ورقة الفقراء السوريين الذين أهملهم نظام البعث لعقود وأجحف حقوقهم بعد أن وصل إلى السلطة في 1963 . كان رهان "العم سام" الخاطىء على ورقة الفقراء السوريين البسطاء على أساس أنهم أكثر الجاهزين ,بحكم بساطتهم وعفويتهم, لشرب السم المدسوس في عسل الربيع وأكثر البعيدين عن دهاء السياسة ومكرها , وأنهم سيكونون أول من سيحمل السلاح الثوري للإنتقام من النظام بعد أول ظهور للقرضاوي والعرعور و عزمي بشارة على شاشات العبرية و الحقيرة ,يدعونهم فيه لتدمير وطنهم . لم يكن صعبا على العم سام بوسائله الإعلامية العملاقة في كل مكان في هذا العالم المنكوس و المغلوب على أمره أن يشيطن النظام السوري ,الذي لم يكن بعض مسؤوليه وفاسديه ,وهم كثر, بحاجة إلى شيطنة أصلاً .
بل على العكس كان هؤلاء المسؤولين الفاسدين المفسدين المستفيدين من النظام السوري والظالمين المتجبرين السارقين للشعب والوطن ,هم أرخص من استطاع العم سام شراءه لينضم إلى جوقة المتآمرين على الوطن المزمع ذبحه بعد حين . كيف لا والمسؤولون السوريون "المنافقون " الذين تقمّصوا البعث طمعاً بامتيازاته وليس إيماناً بفكره ومعتقداته ,كانوا قد تعوّدوا على السلطة والتسلط والجاه و الرفاه والخدم و الحشم , وهم مستعدون من أجل البقاء في السلطة الثورية القادمة ,أن يبيعوا البعث بفكره ومفكريه والوطن بأرضه وشعبه بأصغر منصب موعود في السلطة القادمة على ظهر الناتو ,خاصة , وأن مسألة إسقاط النظام أصبحت محسومة بأيام معدودة حسب أقوال ست الكل " هيلاري كلينتون " آنذاك . المشكلة الحقيقية التي واجهها أمير جبهة النصرة الأوروبية "برنار ليفي" في سوريا, بعد أن عجزت فتاوى القرضاوي والعرعور وفشلت نصائح دبور الثورات جزمي بشارة في تأدية الغرض, تجلّت في إقناع الفقراء والمظلومين السوريين على اختلاف مشاربهم الدينية والسياسية بالإنضمام إلى المؤامرة على الوطن تحت إسم " الثورة والحرية " .
العجيب الغريب الذي ادهش "العم سام " وعملاءه وأذنابه وكلابه ومشائخه هو مستوى الوعي الوطني الكبير الذي أبداه الفقراء السوريون وأبناؤهم بفهمهم لحقيقة المؤامرة الرامية لتدمير الدولة السورية بشكل عام وجيشها بشكل خااااااص تحت شعارات تداعب مشاعر عامة الشعب كالثورة والحرية و الديمقراطية و حقوق الإنسان والعدالة الإجتماعية و إلى ما هنالك من شعارات خلبية .. هذه الحقيقة التي فهمها بالفطرة فقراء سوريا , والتي ما زال بعض مدّعي الفكر و الثقافة من "أولي الجاه والسلطة والعائلات الراقية" عاجزين عن فهمها بسبب انحصار بول البعير النفطي في رؤوسهم , هذه الحقيقة جعلت الفقراء في سوريا يحاربون الربيع البرناري القاتل لمدة تزيد على الثلاث سنوات بكل ما لديهم وبأغلى ما لديهم .
فهْمُ الفقراء لهذه الحقيقة جعلهم يلتفون حول جيشهم ويدافعون عنه وعن دولتهم وعن منشآتهم بدمائهم وأرواحهم ويقدمون أبناءهم الشهيد تلو الآخر بدون كلل أو ملل أو تذمر ,وتكاد لا تخلو عائلة سورية فقيرة من شهيد أو جريح . ولم أسمع حتى اليوم أن فقيراً أو ابن فقير قد هرب من سوريا أو تخلّف عن خدمته في الجيش كما فعل أصحاب العز و الجاه من بعض المسؤولين المنافقين و أبنائهم الذين يعتاشون اليوم على ما سرقته أيادي آبائهم من قوت شعبنا وأودعته في البنوك الأوروبية . الكثير من الأغنياء السوريين عامةً وأغنياء ومرتزقة البعث خاصةً ,كانوا الحلقة الأضعف في العقد الوطني السوري ,في حين كان الفقراء من كل الأديان والطوائف و المذاهب والأحزاب من البعثيين والشيوعيين والقوميين السوريين وغيرهم هم "الحلقة الفولاذية" التي احتضنت الوطن كل الوطن بصالحه وطالحه ودافعت عن الجميع وتسامحت مع الجميع وكبست جرحها بملح الوطن في سبيل بقاء الوطن .. الفقراء السوريون هم الذين يحمون الجيش والوطن و هم مع الله والوطن والجيش و الله و الوطن و الجيش معهم .