The New York Times
في صيف 2015 نجحت طائرات أميركية بدون طيار باصطياد العقل الإلكتروني لداعش وأبرز الذين يقومون بعمليات التجنيد في صفوفه في عملية في مدينة الرقة في سوريا.
جنيد حسين البريطاني البالغ من العمر 21 عاماً كان يقود مجموعة من المتخصصين في مجال الإنترنت والعالم الإلكتروني الذين يتحدثون اللغة الإنكليزية، وكانت تتولى هذه المجموعة الترويج والدعاية للتنظيم وحث المؤيدين له في الغرب على تنفيذ هجمات في بلادهم. وبعد مقتل قائد المجموعة قامت القوات الأميركية وقوات التحالف بتصفية أبرز أعضائها الواحد تلو الآخر في إطار حملة سرية أسكتت إلى حد كبير صوتاً قوياً دفع باتجاه تفعيل مكافحة الإرهاب في الولايات المتحدة في 2015 بالتزامن مع وقوع الشباب والشابات تحت تأثير بروباغندا "داعش."
صحيفة "نيويورك تايمز" قالت إن هذا البرنامج السري لـ"أف بي آي" الذي أسمى الخلية بـ"الفيلق" "Legion" يعود اليوم إلى الواجهة مع اعتراف المسؤولين في الجيش الأميركي والاستخبارات بأن داعش لا يزال يحتفظ بذراع متطورة في عالم التواصل الاجتماعي تشكل مصدر إلهام لتنفيذ هجمات على غرار هجمات سان برناردينو وكاليفورنيا وأورلاندو، ولا يزال عدواً قوياً يملك خلايا سرية في أوروبا. وفي هذا الإطار يستند المسؤولون الأميركيون إلى هذا الجهد في التعاون ضد "الفيلق" كدليل على نجاح الولايات المتحدة في الحدّ من قدرة داعش على توجيه وإلهام هجمات في الغرب.
الصحيفة الأميركية كشفت عن هذه العملية السرية التي قامت على تكثيف "أف بي آي" مراقبتها للمشتبه بصلتهم بالإرهاب في البلاد بالتزامن مع حث الجيش الأميركي على التركيز على المجموعة وفق ما نقلت عن مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين.
وفي الوقت الذي قادت فيه القوات الأميركية والبريطانية سلسلة غارات على أعضاء المجموعة قام "أف بي آي" بغربلة آلاف المتابعين للفيلق على مواقع التواصل الاجتماعي لمعرفة من منهم كان مستعداً للتحرك على الأرض. ووفق "نيويورك تايمز" فإنه جرى اعتقال قرابة 100 شخص في قضايا مرتبطة بالتنظيم الإرهابي في السنتين الأخيرتين، لافتة نقلاً عن نائب مدير "أف بي آي" إلى أن عدداً كبيراً من المعتقلين كانوا على صلة مباشرة مع "الفيلق" وتحديداً مع جنيد حسين ورياض خان البريطاني أيضاً والذي كان القائد الآخر للمجموعة.
وقالت الصحيفة الأميركية في سياق تقريرها إن حسين كان يتولى مهمات عدة من بينها القرصنة، حيث ارتبط اسمه بالكشف عن المعلومات الخاصة بـ1300 موظف حكومي وعسكري في الولايات المتحدة، مرفقة بتعليمات لقتلهم في أرضهم، بيد أن المهمة الأهم لحسين كانت تجنيد المقاتلين عبر الانترنت.
وتشير تسجيلات المحكمة إلى أن جنيد حسين تواصل مع أربعة رجال على الأقل في أربع مناطق، لحثهم على شن هجمات أو نشر رسالة "داعش". وهم أسامة عبد الله رحيم البالغ من العمر 26 عاماً الذي كان يخضع لمراقبة "أف بي آي" وقتل في حزيران 2015، ورافاييل هوستي الذي كان على صلة بمحمد حمزة خان الذي حاول السفر إلى سوريا مع اثنين من إخوته قبل أن يتم اعتقاله. ومنير عبدالقادر الاريتيري الذي تم توجيهه لخطف أحد الجنود وتسجيل فيديو لإعدامه ثم لتنفيذ اعتداء ضد مركز شرطة. ولكن فيما كان الأخير يستعد لتنفيذ عمليته الانتحارية أبلغ حسين عن مهارته في الرماية. وقد اعتقل عبد القادر في تموز/ يوليو واعترف بذنبه بدعم الارهاب والتآمر لقتل جندي في الجيش وعناصر شرطة. وحكم عليه بالسجن عشرين عاماً.
آخر الذين اعتقلهم مكتب التحقيقات الفيدرالي العام الماضي في كارولينا الشمالية كان جاستن نولان سوليفان بتهمة دعم داعش والتخطيط لاستهداف شارع عام بإطلاق نار جماعي. وقالت السلطات الأميركية إن سوليفان وجنيد حسين ناقشا إعداد فيديو عن الهجوم لاستخدامه كبروباغندا. ووصف مسؤول أميركي ربيع وصيف 2015 بـ"الكابوس" بالنسبة لـ"أف بي آي" التي ترنحت مع تزايد النشاط الإرهابي. ونقلت "نيويورك تايمز" عن مدير "أف بي آي" جايمس كومي أن المكتب كان يكافح من أجل مواكبة هذا التهديد مما اضطره لنقل عناصر الضبط الجنائي إلى فرق المراقبة.
لكن بعد ذلك قامت القوات الأميركية والبريطانية بتدمير الخلية حيث قتل هوستي في أيار، وبعد أشهر عديدة قتل رياض خان في غارة نفذتها طائرة بدون طيار. الصحيفة نقلت عن مصدر عسكري أميركي اعتقال مواطن أسترالي يعتقد أنه من كبار المسؤولين عن التجنيد لصالح داعش وذلك بعد أشهر من إعلان أستراليا مقتله بغارة أميركية. وبحسب الصحيفة، فقد أصيب نيل براكاش في غارة جوية واعتقلته حكومة شرق أوسطية خلال الأسابيع القليلة الماضية.
وأعرب مسؤولون أميركيون عن دهشتهم من عدم تمكن داعش من إحلال أشخاص آخرين يتمتعون بنفس قدرات حسين وعناصر الخلية الآخرين، ولكن رغم ذلك لا يزال "أف بي آي" يتصارع مع إرث هذا الشخص حيث قال أحد مسؤوليه "ما زلنا نتعامل مع تداعيات هذا التطور وعمليات التجنيد التي قامت بها هذه الشبكة حتى يومنا هذا".
بيروت نيوز- نفحات القلم