_البناء
لا يختلف اثنان بأنّ العالم بدأ يرتب أوراقه بناء على بوصلة الشام بعد نصرنا المحكم في حلب…
ولا ريب ولا ترديد في أنّ الخاسرين قرّروا الإذعان بضرورة دفع بعض الاثمان الآن قبل فوات الأوان…
ولا يناقش اثنان في أنّ كبير الخاسرين في نصر حلب هو اللص المحترف مجرم الحرب اردوغان…
هذه هي قراءتنا لإذعان حكام تركيا وأسيادها لمعادلة ما بعد حلب من موسكو الى آستانة الى ما بعد آستانة…
وبما اننا من مدرسة تقول إن "العقل ملء مكيال ثلثاه فطنة وثلثه تغافل"…!
فلا نقاش في أن علينا استثمار هذا النصر العظيم بالسياسة، لان السياسة استمرار للحرب، وإلا فإننا سنكون قد قاتلنا قتالاً عبثياً، وحاشا لمحورنا ذلك…
ولكن أيضاً لأننا من مدرسة تقول بأن المؤمن كيّسٌ فَطِنٌ وليس كيسَ قطن….
فإن من واجبنا ونحن نخوض غمار استثمار نصر حلب أن نراعيَ ما يلي:
١- المنتصر هو الذي يُملي شروطه على المنهزم. وأهم الشروط انسحاب الجيش التركي من الاراضي السورية وإغلاق الحدود….
٢- أي استعجال في استثمار نصر حلب قد يدفعنا لارتكاب أخطاء من مثل تلك التي ارتكبت في الملف النووي الايراني فنصدّق دموع الشيطان الصغير اردوغان، كما صدقنا دموع الشيطان الأكبر جون كيري واليوم يندمون عليها …!
٣- أن لا نقع مطلقاً في فخ حجز مقعد للإرهابيين الذين حملوا السلاح في اي محادثات سياسية، وإلا نكون قد سجّلنا سابقة خطيرة جداً تطيح بجوهر إنجازاتنا ومنحنا مشروعية للإرهابيين وهو ما قد يضطرنا في مرحلة لاحقة لفتح الطريق الى حجز مقاعد للقاعدة والدواعش على طاولة المفاوضات والعياذ بالله…!
٤- نعم مَن يتوب ويعود عن غيه من المسلحين أفراداً او مجموعات، فيسلم سلاحه ويعلن انسحابه وتبرؤه علناً من منهج قطاع الطرق ويلجأ الى العمل السياسي المعروف، عندها يختلف الوضع تماماً. وهذا ما يحصل يوميا وعلى رؤوس الأشهاد في الساحة السورية من دون الحاجة الى ضمانات روسية أو إيرانية صديقة ولا ضمانات تركية مسمومة وغادرة ومشكوك فيها…
٥- ونحن نحضر أي اجتماع دولي علينا أن نتذكر بأن للحكومات الحاضرة أجندات خاصة بها ومصالح وأولويات قد تبدو عقلانية وعملانية، لكن محور المقاومة الذي دفع أغلى ما عنده دفاعاً عن المقدسات وفي طليعتها القيم التي قاتل من أجلها رجاله رجال الله، لا يمكن له الا أن يجعل الشهداء حاضرين في هذه الاجتماعات. وحضور الشهداء بحد ذاته سيمنعنا من التفريط بأي مقدس يحاول أن يتلاعب به ممثلو القتلة والارهابيين على طاولة المفاوضات، من بينه السيادة ووحدة الارض والشعب وتطهير الأرض شبراً شبراً من لوثة التكفيريين الوهابيين مرة واحدة والى الأبد…
نعم السياسة استمرار للحرب ولا بد من استثمار دماء الشهداء لأجل تثبيت النصر وإتمام رحلة الخلاص من اجل سورية وكل بلاد العرب والمسلمين…
ولكن من حقنا نحن الملدوغين مراراً وتكراراً من الأغراب والأعراب والسلاجقة من غلمان الأطلسي والاستكبار العالمي أن نحذر مطبات وفخاخ والغام هؤلاء في كل حرف أو كلمة أو مقولة أو طرح أو معادلة، خاصة عندما يذرفون دموع التماسيح على الدماء السورية…!
لا، يا قتلة ومحترفي اللصوصية، لن نجعلكم تأخذوا منا بالسياسة ما لم تستطيعوا أخذه منا بالميدان، ونحن ندرك جيداً أنكم إنما لجأتم الى طاولة المفاوضات، لأنكم هُزمتم في ساحات الشرف وركعتم أمام شموخ شهدائنا، وأنكم تحاولون اليوم الالتفاف علينا بالسياسة..
كذباً وبهتاناً تتحدّثون عن ضرورة وقف إراقة الدماء، لأنكم لو تمكنتم لواصلتم إراقتها لأنكم أنتم مَن كان يريقها ولا أحد غيركم، وأنكم اليوم تبحثون عن طرق ملتوية ومراوغة لتطهير عصابات القتلة من سكنة الفنادق وزوار القناصل والسفارات، بل وحتى تتجرؤون في الطلب بتمثيل رموز القتل والدمار المباشر الذين هزموا في الميدان على طاولة المفاوضات، وهيهات لكم ذلك حتى لو تمكنتم منه على خشب المفاوضات، لأن معادلتنا المقاومة لكم ولأسيادكم لا تستقيم ولا تستوي إلا على الذهب، وهذا بعيد المنال لأمثالكم…
فمثلنا لا يُقارَن بمثلكم… بعدنا طيّبين قولوا الله.