الدكتور رشيد لزرق – المغرب
من مفارقات التجربة السساسية المغربية؛ و التي كشف عليها واقع البلوكاج السياسي؛ والتي جعلتنا نخلص إلى كوننا نعاني ندرة رجال و نساء دولة ؛ و انتشار ثقافة انتهازية بشكل صارخ وسط النخبة السياسية و الجامعية ولإعلامية، بفعل ارتباطها بعلاقات تبعية وزبائنية إلى حد الإرتهان ، فالجامعيون المفترض فيهم انهم نخبة واعية و مثقفة جزء كبير منهم طامح للوصول؛ ليس من خلال الأبحاث العلمية بل بثقافة البوز و تغليب هذا الطرف أو داك في لعبة ماسخة ، أما الاعلاميون المفترض فيهم انهم سلطة رابعة، فهم باتوا تابعين بدون أسس إعلامية؛ و لعل مستوى المناظرات وبرامج تلفزيونية؛ يظهر ذلك بالملموس فعوض ان تكون فضاءا للنقاش لتنوير الرأي العام أضحت جدل بمستوى نقاشي يغيب عنه المحتوى و باتت المنابر تستقطب الانتهازيين من هذا الطرف أو ذاك، نخبة من التابعين؛ و يكفي هنا الإشارة إلى طبيعة النقاش حول واقعة تنزيل فصل السلطات،حيث ظهر للأسف من يتحدث بخصوص انتخاب رئيس مجلس النواب من المعارضة بكونه ضرب للديمقراطية و خروج عما يسمونه بالعرف السياسي ،و الحال ان هذا الامر لا يستقيم الحجاج به ،فلا يمكن التمسك بالعرف الدستوري في ظل وجود نص صريح فما بالك الحديث عن ما يسمونه بعرف سياسي في واقع دستوري مختلف عن الدستور القديم ، حيث تغير المبنى و المعنى ،وجعل مؤسسة البرلمان سابقة على مؤسسة الحكومة في الهندسة الدستورية ؛ أما المتمسكون بكون الأغلبية في مجلس النواب يجب أن تعكس الأغلبية الحكومية وفق المنطق البرلماني ،فهذا لا يستقيم، وما عليهم سوى الرجوع للتجربة البريطانية باعتبارها ملكية برلمانية ؛ و التي تعطي الإمكانية لرئيس الغرفة الأولى أن يكون من المعارضة وليس بالضرورة من الأغلبية، و تسند رئاسة مجلس العموم لشخصية من المعارضة ولا ترى الأغلبية في ذلك انقلابا أو مؤامرة على الإرادة الشعبية. الدولة الوحيدة التي تعرف فيها طائفة رئيس مجلس النواب بشكل مسبق هي لبنان لأنها نموذج لديمقراطية طائفية.