المنبوذونْ
أبحثُ بين حروفِ اللغةِ
عن كلماتٍ لم يقضمْها جرذٌ
أو يكتبْها إنسانْ
أبحثُ عن كلماتٍ
لم يدخلْ بها شاعرٌ
الى غرفةِ نومِ السلطانْ
يفضحُ مافي عقله من أفكارْ
ويكشفُ عما في قلبهِ من أسرارْ
ويعلنُ أن لامكانَ لنا عندَه
سوى الجلوسِ في الأحضانْ
وبين عروشِ وقصورْ
تتقاذفنا الأحضانْ
تؤلمنا الأحضانْ
تسلبُنا عذريتَنا الأحضانْ
وتبيعُ شرفَنا بدينارْ
ونصبح سلعةً في سوقِ النخاسةِ
نُباعُ ونُشرى
لتمتلىءَ خزائنهم
من الذهبِ والفضّةِ أطنانْ
ومع كلِ مالكٍ جديدْ
وبالتهديدِ والوعيدْ
بالقهر والحديدْ
نلتزمُ الصمتَ ونخلعُ السروالْ
عورتُنا أصبحتْ مكشوفةْ
للقريبِ والغريبِ والجارْ
يدخلون فيها ويخرجونْ
لاحارسَ ولابوابْ
مع كلِ دخولٍ تُقرعُ الطبولْ
ومع كل خروجِ يعزفُ المزمارْ
ونحنُ نتأوهُ متألمينَ مشغولينْ
بالبحثِ عن رغيفِ خبزٍ يسدُّ جوعَنا
بالبحثِ عن قطعةِ قماشِ تسترُ عورتَنا
بالبحثِ عن شمعةٍ تضيءُ عتمتنا وتُدفئنا
بالبحثِ عن ربٍ في السماءْ
عن حفنةِ ماءْ
عن ولاءِ صادقٍ لأميرْ
يُنقذنا من هذا القهرِ والتعتيرْ
نحنُ نسيرُ تائهينْ
بلا هدفٍ يشغلُنا
متهمونَ بالرزيلةِ والشقاقْ
ونساؤنا كشفوا شذوذنا فطلبوا الطلاقْ
وأولادنا اختاروا الرحيلَ والفراقْ
ومازلنا موعودينْ
بجنةٍ فيها من كلِ الثمارْ
ومن العسلِ والخمرِ أنهار
وبيوتاً دافئةً وحدائقَ وأشجارْ
أصبحنا بمن حولِنا منبوذين
أشكالنا صارت مقزِزَةْ
نحلقُ اللحيةْ
نطوّلُ اللحيةْ
نصبغُ الشَعْرَ
نفتلُ الشاربَ
نصلي .. نهجرُ الصلاةْ
نسجدُ قبلَ الركوعْ
أو نركعُ قبل السجودْ
نُصلي من غيرِ وضوءْ
نبقى منبوذين .. مرفوضينْ
بكلِ أشكالنا
بما في عقولنا
بسروالٍ أو من غيرِ سروالْ
أينما كنّا .. وأينما انتقلنا
وأيما فعلنا
صامدين أو هاربينْ
محررين أو مطهرينْ
مرفوضين .. متهمينْ
منبوذينْ
لقد ضاقت بنا الأرضْ
والتصقَ طولُها بالعرضْ
وصارَ تهجيرنا سنّةْ
وقصِ رؤوسِنا فرضْ
لقد ضاقت بنا الأرضْ
لقد ضاقتْ بنا الأرضْ
ربما نجدُ لنا مكاناً آمناً
مع الشيطانِ تحتَ الأرض
لقد ضاقتْ بنا الأرضْ
لقد ضاقت بنا الأرضْ
د . جهاد صباهي