فارس فارس – الأخبار

أصدرت محكمة المطبوعات في بيروت برئاسة القاضي روكز رزق وعضوية المستشارتين نوال صليبا ورولا عبد الله (تحديدًا بتاريخ 29/3/2017)، قرارًا يقضي بتغريم الفنان والموسيقي اللبناني زياد الرحباني مبلغ مليون ليرة لبنانية (فضلًا عن تحميله كافة الرسوم والمصاريف)، وإلزامه بقبول رد المدعي، وبنشر تصحيح أو تكذيب حول ما قاله في برنامج «أبيض وأسود» عام 2013 على شاشة تلفزيون NBN بحق رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع.
منذ فترة، ينشط الأخير في رفع القضايا يمنةً وشمالًا على الصحافيين والكتّاب، كأنّ سياسة كمّ الأفواه التي سادت إبان سيطرة الرجل على بيروت الشرقية، يحاول إعادتها إلى الواجهة من خلال سلوكه «القانوني» هذه المرّة!
ما الذي قاله زياد كي يصل الأمر إلى المحاكم، وكي يحكم القضاء بأنَّ جعجع محقّ في اعتبار ما قيل بحقه جريمة «قدحٍ وذم»؟ في ذلك اللقاء الحواري الذي بُثّ يوم 31 كانون الأول (ديسمبر) 2013، أقام زياد تشبيهًا بين الإخوان المسلمين كحركة سياسية، وبين أسلوب جعجع في العمل، بمعنى «سلوك أسرع الوسائل للوصول إلى الحكم»، ولا شتيمة في ذلك.
ماذا عن حديث زياد عن حمل جعجع السلاح؟ هل في هذا الأمر اتهام أيضًا؟ فالكلّ يعرف أنّ جعجع حمل السلاح، بل اعترف أنّه أحضره من إسرائيل، وصفحات القوات اللبنانية على الانترنت تزدان بصور الأسلحة الإسرائيلية التي كان مقاتلوه يحملونها. إذًا ببساطة لم يقل زياد شيئًا أكثر مما هو معروف. ماذا عن تفجير كنيسة سيدة النجاة؟ نعم اتهم زياد رئيس حزب القوات بأنه المسؤول عنها، والمعلوم أنَّ القضاء لم يبرئه من الجريمة. المعروف أيضًا أن القضية لم تغلق حتى اللحظة، وبأن سجن الرجل ولو أنه كان سياسيًا قبل أي شيء، فهو لم يبنَ على الفراغ. استخدم زياد أسلوبه شديد الخصوصية والمدهش في آنٍ حين قال في حديثه: «وينو سمير جعجع، وينو هيدا المصري الحبوب من بيت جعجع؟»، مكملًا: «في حكيم مصري لبناني، وحبسوا لهيدا المصري 11 سنة مخابرات الجيش، وما منعرف ليه، مع أنو إخوان والإخوان مسموحين، بس هوي لأنو مسيحي وإخوان شكّوا فيه. بالنهاية بيشتغل فكر وإخوان ومسيحي ومن بشرّي، وخبريتو خبرية وفي كنيسة النجاة عم ينكرها وإنّو عاملينا في هنّي».
اللافت في كل هذا أنَّه منذ خروجه من السجن بعفو، يغدو جعحع كما لو أنَّه يريد أن يطوَّب قديسًا. مسموحٌ أن يكال له أطنان الكلام المعسول (يمكن مراجعة موقع «القوات اللبنانية» لقراءة معلقات المدح)، لكن أن يُنتقد، وتوجه إليه أصابع السؤال، فهذا أمرٌ محرّمٌ، وممنوعٌ ومدان. ما قاله زياد في المقابلة يقوله كثيرون من اللبنانيين الذين يعرفون تاريخ «القوات اللبنانية» وجعجع شخصيًا. هل بإسكات وسائل الإعلام، يسكت الناس وينسون؟ هل ببعض التحالفات السياسية، تصبح خطايا الماضي أمرًا في غياهب النسيان؟
من جهته، أصدر الحزب الشيوعي بيانًا أدان فيه ما تعرَّض له الرحباني، مشيرًا إلى أنَّ محكمة المطبوعات «تستمر في إصدار أحكامها بحق أصحاب الرأي»، مستنكرًا في الوقت عينه هذا الحكم الذي يطال أصحاب الرأي من فنانين وصحافيين، وكذلك «الملاحقات والتوقيفات الأخيرة بحق المعبرين عن رأيهم على وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي». ولم ينس البيان الإشارة إلى أنّ «المرتكبين الفعليين يتمتعون بغطاء سياسي لا يطاله القضاء». وتضامنًا مع زياد الرحباني و«استنكارًا للحكم الجائر الصادر بحقه من محكمة المطبوعات وغيره من الأحكام التي تطال أصحاب الرأي من فنانين وصحافيين وكل من يعبر عن رأيه في وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي»، دعا قطاع الشباب والطلاب في الحزب الشيوعي اللبناني و«اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني»، إلى وقفة تضامنية يوم الخميس ٦ نيسان (أبريل) عند الساعة الخامسة عصرًا، أمام قصر العدل.
* وقفة تضامنية مع زياد الرحباني: س:17:00 بعد ظهر الخميس 6 نيسان أمام قصر العدل