تخفيف الغياب
للشاعر الدكتور شادي عمار
"لم يأتِ ابن النجار"
مازالت أجنحة الأطفال البلاستيكية تلمع
وهم يتدافعون بضجرٍ في باحة الكنيسة.
الراهبة العجوز
من تحتفظ لنفسها بمعجزة اشتعال البخور
تلقاءً لدى الشعانين،
ذُعرت!!
فلم تتقد المبخرة…
"أيتها الأمّ المقدّسة
أين ابنكُ"!؟
عينان يعيش لهما الحزن
هي كل ماتستطيع (سيّدة السقيلبيّة) أن تجيبكَ،
تنوءُ تحت تاجها اللمّاع
من اكتفت بعبء تاج الشوك
على رأس ابنها،
وتحت قدميها تنبجس حنفيةٌ
تغتسل بها تشرب
ولاتجرؤ النظر إلى
كوكبي الدّموع الشّاخصَين.
"أمّاه المقدّسة أين الفادي"؟
في الجلجة التي لم تنتهِ
أثار أقدامٍ مدمّاة
تطبعُ كرش الشرق
الذي ينهض كل مائة سنة
من سباته
فيأكلُ بعض أطرافه
وينام.
لكنّ الآثار لاتنتهي على الجسد المترهّل،
بل تتابع نحو سمائه المكتنزة
والتي يرتطم بها كلّما استفاق
فتتساقطُ جثثاً وقنابل وكتباً مقدّسة وأولياء،
بيد أن لسماء الشرق ميزة الضياع
وهذي الخطوات المدمّاة
تُفقدُ في كبد السموات
المصاب باليرقان.
رغم كلّ اليأس من مجيء الموكب
الذي مرّ على مقدمه الأوّل ألفا سنة…
سترى بائع يانصيبٍ يكنس
بمروحته الغبار عن الحظّ،
وحيداً وبلا إيمان
-فاليانصيب كفرٌ-
ينتظر مرور الموكب المأمول
إذ يتّفق أن يكون بين الرّكب الورع
من يسترق قلامةً من قرن الشيطان
ويشتري ورقة الحظّ الأرضيّ.
تجرّأت بعض محال الحلويات
على فتح أبوابها،
لابُدّ للراحلة أن تتلذّذ في العيد
بطعم (الأنطاكليّة) و(الشعيبيّات) و…
ولم لا تَقدُمُ اليوم!؟
فهذي البلاد يزداد عطشها
على مرّ السّنين،
والاسفنجة المغمّسة بالخلّ
استنفدتها
فغطّستها في دمائها التي لاتنضب
ولم ترتوِ.
لا أحدَ يدري ومنذ سبع سنين
أين ولّى المخلّص،
"لم يكن يؤاخذْنا سابقاً"
"اعتدناه بشوشاً كريماً لايردّ محتاجاً"!
"إلهي… إلهي العظيم خفّف غيابك
وامنحني من قوّة حضورك
ماأطمئن به النّفس الموّارة"
ورغم دموع آلاف الشموع
لم يَرقِّ الاختفاء
فينقشعَ عن قدس الأقداس!
بات الملل
وبحكم الزمن
إلهاً أشعثَ صغيراً
يتقافز من العيون التي
طهتِ الانتظار آخر مرّةٍ
منذ سبعة أعوامٍ
ولم تُعِد الكَرَّةَ
رغم جوعها وقرحها.
يدرجُ على الطرقات الموغلة في الإهمال
التي تتراكم على جنباتها
أسمال الحزن الذي بليَ من شدّة الاستعمال.
يخشى
من ثغراتٍ في هذا السّور المصمتِ!
تومض أحياناً وبشكلٍ خاطفٍ
تتسلّل منها قلّةٌ من المحظوظين
إلى بلدانٍ ضاحكة سعيدةٍ
تزدهي كل شعانين
بموكبِ المسيح الزّاهي!!