كتب الاستاذ محمد محسن في الجلاء يقول
…..الجـــــــــــــــــــلاء …………………………………
…………………….سيكون مزدوجـــــــــــــــاً ………………………………
………………….من الاستعمار العقلي ومن الاستعمار الغربي ………………
نعم خرج الجيش الفرنسي من سورية مذموماً مدحوراً ، ولكن فرنسا ، وبريطانيا ، وأمريكا ، لم تخرج بعد ، وهي الآن الآن تقود حرباً قذرة سالت الدماء فيها أنهاراً ، للإبقاء على وصايتها وسيطرتها التاريخية ، ليس على بلادنا فحسب ، بل على كامل المنطقة من سبته ومليلة في أقصى المغرب العربي ، وحتى الأهوار في عراقنا الحبيب .
والغريب أننا نحن العرب لم نستفد شيئاً من التاريخ الذي مر ، وكأننا لانزال في نفس الخانة ، التي كنا فيها ابان هزيمة العثمانيين ، كما أن الغرب عاد ليستخدم نفس أسلحته القديمة أيضاً ، التي استخدمها في العشرينات من القرن الماضي ، لأنه كان قد جربها فأعطت مفاعيلاً وأكلاً ليست مرضية فقط بل مذهلة .
البريطانيون المستعمرون ، في مطلع العشرينات من القرن الماضي ، كانوا قد لعبو بحذق نادر عندما اتخذوا ثلاثة قرارات متكاملة ومتناغمة .
.
حيث أعطوا الشريف حسين ــ كما تعلمون ــ وعداً بإقامة دولة عربية ، وتنصيبه ملكاً عليها ، فقدموا الدعم للثورة العربية ، لتنقض على السلطنة العثمانية ، وكانوا وفي نفس الوقت قد وعدوا آل سعود والوهابية بقيام دولة نجد والحجاز ، كبديل للخلافة العثمانية ، ومركزاً رئيسياً لقيادة العالم الاسلامي ، وفي نفس اليوم أو الشهر أعطى الانكليز وعد بلفور المشؤوم لليهود ‘ بإقامة الدولة اليهودية .
تبدو الوعود الثلاثة متناقضة بالنسبة لنا ومتضاربة ، ولكنها شكلت بالنسبة لهم قرارات متجانسة مع بعضها كل منها يكمل الآخر ، لتحقيق غاية واحدة ، هذه الغاية لم تمت منذ ذلك التاريخ ، ولكنها كانت تخبو ثم تعود لتظهر من جديد .
فمنذ ذلك الحين انهمك الاسلام السياسي الوهابي ، الذي تم تدعيمه بريطانيا ، والتي رفدته في منتصف العشرينات من القرن الماضي ، بالتنظيم الدولي للاخوان المسلمين ، الذي دعى لوحدة العالم الاسلامي ، وذلك لمواجهة التيارات القومية الداعية للوحدة العربية .
.
وفي حومة الصراع هذا تمكنت الصهيونية العالمية من احتلال فلسطين ، وبقي الصراع منذ ذلك الحين مفتوحاً ، بين الداعين للتحرر والوحدة والتقدم وبين الحركات الاسلامية الداعية لاغلاق العقل واعتماد النقل بدلاً من العقل .
وفي الأربعينات من القرن الماضي شكل الاخوان جناحاً مسلحاً ، انتشر في جميع الدول العربية ، هدفه تمزيق وضرب أي محاولة تقدمية عقلانية ، ولكن التغيير الذي حدث بعد أن سلمت الامبراطورية البريطانية قيادة المنطقة ، إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، حدث أن نقل حزب الاخوان المسلمين تحالفه إلى المخابرات الأمريكية .
.
و كانت أمريكا قد اعتمدت قراراً استراتيجياً بناء على راي السياسي المخضرم " برجنسكي " ، أن أممية الاتحاد السوفييتي ، لا تهزمها سوى اممية الايمان الاسلامية ، فاستولدت القاعدة في افغانستان ، التي هزمت السوفييت شر هزيمة ، والتي شكلت مهاداً لسقوطهم المدوي في عام 1989 من القرن الماضي .
ومن الأممية الاسلامية وبتحالف جميع الحركات الاسلامية في العالم الاسلامي ، تشكلت السلفية الجهادية التي فرخت مئات الحركات الارهابية منها " داعش" ، والنصرة ، وجيش الفتح ، وجيش الاسلام ، ونور الدين زنكي ، وأكناف بيت المقدس ، وهي ومنذ سبع سنوات وأكثر ، تقود حرباً بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ، وجميع الدول الأوروبية ، بالتعاون مع الدول الاقليمية ، وعلى راسها السعودية وتركيا وقطر ، وغيرها ، ضد الدولة السورية .
………………..اذن بذلك نكون قد عدنا إلى المربع الأول …………….
…………………………. فنحن الآن ومنذ سبع سنوات نواجه معاً ……
الاستعمار الغربي الذي يرغب باستمرار وصايته وسيطرته وسرقته لخيرات المنطقة ، المتحالف مع السلفية الاسلامية الجهادية التي استولدت مئات الحركات الارهابية .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فلا جلاءً ناجزاً ، ولا تقدم ، ولا حرية ، ولا ديموقراطية ، ولا عقلانية ، بدون هزيمة هذا التحالف العدواني ، الذي يشن علينا أقذر حرب في التاريخ .
فانتصارنا القادم يعتبر نقلة نوعية على جميع المقاييس ، انتصاراً على الاستعمار العقلي ، الذي يمسك بتلابيب عقولنا منذ عشرات القرون ، المتمثل بالفكر الديني الغيبي الظلامي ، والذي حال بيننا وبين الخروج من شرنقة الخرافة ، والتمسك بالعتيق من القول ، والعيش في مفاهيم القرن السابع الميلادي ، في الوقت الذي تعيش فيه شعوب العالم المتقدمة في القرن الواحد والعشرين .
ان انتصارنا في هذه الحرب سيمثل فكاكاً وخلاصاً تاريخياً من ذلك الاخطبوط ، الديني التكفيري إلى الأبد ، كما سيشكل ولأول مرة في التاريخ أيضاً انقشاع ظل الاستعمار الغربي الأسود ، إلى الأبد .
……………………..عندها فقط سنحقق الجلاء ………………………
……………………………..وسنحققه ……….