بقلم الاستاذ محمد محسن
…عقـــاب الفاســدين والمفسدين يتطــلبه المجــهود الحـــــربي
……………….الفساد ثقافة عممها من كان في السلطة وترحل للمعارضة
……………….الاحـجام عن العقـاب للمرتكبين يصـب في خدمـة العملاء
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نبحث في مخيلتنا ، وفي نومنا وصحونا ، عن ألف عذر وعذر للقيمين على قيادة الأجهزة الرقابية ، المدنية منها ، والعسكرية ، والأمنية ، حتى أننا نصل أحياناً إلى الحد الذي نخترع فيه الأعذار غير المقنعة لنقنع أنفسنا بها كذباً ، حتى نخفف من آلامنا العصبية والنفسية ، ولكن عندما يطفح الكيل ألفاً بل آلافاً ، يصبح اختراعنا لتك المبررات ليس مقنعاً وليس كذباً على أنفسنا فحسب ، بل يحمل ويستبطن غالباً نوعاً من السكوت الذي ولوكان غير مباشر ، يصل حد التواطؤ ، مع الفاسدين والمفسدين الذين يتخادموا مع أعداء الوطن ، مما يوقظ كل مشاعرنا ، إلى الحد الذي يصبح فيه سكوتنا أقرب للخيانة الوطنية ، في الوقت الذي نزعم فيه أننا حراس مؤتمنون على وطن .
.
قلنا ولا نزال نقول ونؤمن أن التناقض الرئيسي ، أو الصراع الرئيسي ، هو بين شرفاء وطننا كلهم عسكريين ومدنيين ، عمال ومثقفين ، وبين معسكر العدوان ، بشتى صنوفه ، من المعارضة أولاً التي اصبحت في خانة العمالة ، والارهاب الأسود ، إلى الصهيونية العالمية ، مروراً بممالك الخليج الظلامية ، وتركيا ــ العثمانية الجديدة ــ وأوروبا ، وصولاً إلى قائد الرهط كله الولايات المتحدة الأمريكية ، وهذه قناعة راسخة لدينا حد البداهة ولن نحيد عنها ، لذلك فإننا سنبقى نعتبر أن الصراع مع معسكر العدوان ومواجهته بكل طاقاتنا ، هو في المقام الأول من اهتمامنا ، وليس من قبله شيء ، مع الدعوة الدائمة لحشد كل امكاناتنا المادية والمعنوية ، وبخاصة من يعمل منا نحن في الحقل المعرفي ، الذي يقع على عاتقنا مواجهة الحرب الاعلامية ، التي يستخدمها معسكر العدوان كحرب رديفة للحرب العسكرية ، في صناعة الرأي العام العالمي ، وتحريضه ضد سورية ، هذا أمر بات مفهوماً ، ومحسوماً ومتبنى من قبلنا .
ولكن هذا الالتزام القطعي في توزيع الأولويات ، لا يشفع لنا في عدم الاهتمام بالوضع الداخلي لبلدنا ، لأنه يعتبر الرديف ، والمعين ، والنصير ، لأي جهد عسكري ، أو لأي حشد شعبي لمواجهة أي خلل داخلي ، من خلال الكلمة المنتمية ، والمسؤولة ، والصادقة ، والملتزمة بقضايا الوطن في المقام الأول والثاني والثالث ، بل في جميع المقامات .
وفي سياق المقال ، يعن على البال سؤال مركزي .
.
….كيف يبرر " المعارضون " موقفهم العدواني بعد اتضاح الصورة ؟؟!!
يتساءل الكثير من المواطنين باستغراب ومعهم كل الحق ، ما هو المبرر لمواقف بعض المعارضين " الذين كانوا وطنيين " ، بالرغم من وضوح الصورة التي حددت طرفي الصراع بشكل لا لبس فيه ، الذي استقر نهائياً على أن الحرب باتت بين كل وحوش الأرض من السلفيين الجهاديين ، المدعومين بأعداء العقل والانسانية ، وبين الدولة السورية بكل مؤسساتها الوطنية ، كهوية ، وككيان ، ومع ذلك وبالرغم من ذاك الوضوح المبهر بقي جميع المعارضين ، ضمن القطيع المتوحش ، الذي تلاشت الفوارق بين مكوناته جميعها ، حد الاندماج الكامل والقبول بقيادة السلفية الجهادية ، بقيادة تبادلية وهابية ــ اخوانية . أليس موقفاً يثير الاستغراب بل الدهشة ؟؟.
بالرغم من ادراكنا التام لهذا الاطار العام للصراع ببعديه ، وايماننا به حد الاطلاق ، ووقوفنا المطلق مع وطننا ، مع هويتنا ، وبدون تردد أو شبهة ، ولكن وإلى جانب ذلك يبقى سؤال ليس محيراً بل يملك كل المشروعية ، بماذا نصنف أولئك المفسدين والفاسدين ، وأين موقعهم من هذا الصراع ، وتحت أي مفهوم نضعهم ، هل هم من سقط المتاع يتعيشون على فتات الحرب ، ويمرقون من الثقوب لتحصيل ثرواتهم ، أم يلوون عنق الكثير من الأعمال التي يجب أن تصب في خزائن الدولة ، فاذا بها تتحول إلى مزاريب تتدفق في خزائنهم ، التي باتت متخمة !!، بدون أي رادع لا من ضمير ، ولا من مسؤولية ، ولا من رقيب ، لأن الرقيب قد يكون شريكاً بالحصة ، أو يغض الطرف بمقابل .
.
المؤكد والذي لا جدال فيه ، أن هذه العصابات الفاسدة والمفسدة ، والمبثوثة في حنايا الدولة والمجتمع ، والمنتشرة في مؤسساتها ، أو التي تعيش على جلدها كالهوام ، هي لا تعيق قدرة الدولة على المواجهة ، بل تمنعها من القيام بكل ما يتطلبه المجهود الوطني ، الذي يجب أن يصب كله لصالح المجهود الحربي ، أو المعيشي ، والذي يحتاج لكل قرش ، أو طاقة ، أو جهد .
فهل نصنف هؤلاء الفاسدين والمفسدين بأنهم طابور خامس ، يعيش على جسد الدولة كالقمل ، أو القراد ، أو خفافيش الظلام ، التي تمتص دم فريستها ، أم هم قمل وقراد وخفافيش يعيشون ويقتاتون كل نوع منهم على ظهر قطاع من قطاعات الدولة الاقتصادية ، هذا يستغل قطاع النفط ، وذاك يسرق قوت الشعب وغذائياته ، وهذا يرتشي على حساب العدل والحق ، وكثيرون من هذا الهوام يتنقل من مرفق اقتصادي إلى آخر ، همهم سرقة أموال الدولة ومواطنيها ، وتسريبها في مجالات ، لا تخدم الوطن ولا المواطنين .
هذا الطابور أو الطوابير ، الكثير منها يرى بالعين المجردة وهي تختلس ، وبعضها يتخفى وراء وزير ، أو أمير ، أو مدير ، فيكون ابناً أو أخاً أو شريكاً ، لوزير ، أو مسؤول ، أو متنفذ .
.
لذلك وانطلاقاً من حرصنا الوطني الخالص ، الذي لا نماري فيه ، بل والذي يضغط علينا بإلحاح للجهر به ، كان لزاماً علينا ومن مواقع الحرص المطلق ، أن نطالب على الذين باتوا يشكلون رموزاً للفساد وموئلاً ، من خلال محاكمة شفافة وعلنية ، ليكونوا عبرة تخيف من لا يعتبر ، وتريح المواطن الغيور الذي يكاد يحترق ، وهو يرى ويسمع كل هذه الحالات المخيفة من الفساد ، على تتم على حساب قوت أهله واسرته ، في الوقت الذي يجب أن تتوجه كل الطاقات ، وكل القدرات المادية والبشرية ، باتجاه الجهد العسكري .
ندرك أن هذا الفساد هو امتداد لمدرسة الفساد والافساد التي استشرت قبل الحرب ، والتي قادها ورسخها " المعارضون " الذين كانوا يتبوؤون مراكز هامة وأساسية من مراكز السلطة ، ثم تركوا تلامذتهم ممن أفسدوهم ، ليفسدوا هم ايضاً ، ثم انتقلوا ليقودا المعارضة " الديموقراطية " . هذا النمط من الفساد والإفساد ، بات يشكل خطراً بنيوياً على الساحتين الاقتصادية ، والاجتماعية ، فمن الناحية الاقتصادية حولوا الاقتصاد إلى اقتصاد ريعي استهلاكي فاسد ، غير منتج لأن الأرباح باتت من خلال السمسرة والرشوة والاختلاس ، لا من خلال تطوير الصناعة أو رفدها باستثمارات ورساميل ، أما من الناحية الاجتماعية ، فلقد تكونت فئات وتشكيلات طحلبية ، تعيش على هامش وثغرات العملية الاقتصادية ، وهذه ستورث أساليبها الملتوية ، إلى أبنائها وشركائها , وهذا يشكل خطراً على البنية الاجتماعية .
الحساب والعقاب من مستلزمات الحياة المدنية ، فعقاب المرتكب والفاسد والمفسد ، حق عام من حقوق المجتمع الأساسية ، أي من حق المجتمع المطالبة بتطبيقه ، وانزال العقاب الموازي للجرم ، وفق قانون ـــ العقاب والثواب ـــ وتقره جميع الشرائع والفلسفات ، ولا يحق حتى لأجهزة الدولة ، التفريط به أو تجاهله أو عدم الأخذ به ، بل من المفروض عليها تطبيقه على كل مرتكب أو مسيء ، كما عليها حق اثابة المنتج والمبدع ، على انتاجه وابداعاته .
.
فقانون العقاب العادل والموازي لحجم الجرم ، شرع ليس لمعاقبة المجرم والمرتكب ، بل لردع من تسول له نفسه اتيان ذات الفعل .
ومع ادراكنا التام أن أجهزة الدولة مشغولة بألف مهمة ومهمة ، ولكن مهمة العقاب واجب تطبيقها واعتمادها لأنها أسلوب حياة ، وفي حال تطبيقها بالعدل ، تريح الدولة وأجهزتها كما تريح المواطن الغيور .
أي أن تطبيق قانون العدالة ـــ قانون العقاب والثواب ـــ تستدعيه ظروف الحرب ، أكثر مما تستدعيه حالة السلم ، لأن حالة الفساد والافساد في حالة الحرب ، تخدم معسكر العدوان ، فهي تساهم بخلخلة البنى الاجتماعية ، إلى الحد الذي من الممكن أن ينفذ منها أعداء الوطن من الطابور الخامس والعملاء في الداخل .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من هذا الأفق المنطلق من أرضية وطنية خالصة ، نثق أن الفاسدين والمفسدين ولو ادعوا كل الحرص على الوطن ، هم جزء هام من المتواطئين على صمود الشعب ، في مواجهته لآلة العدوان ، لأنهم يسرقون قوت الشعب وأسباب صموده . لذلك وجدت من المفيد اطلاق هذه الصرخة ، لعلني أوقظ فيها ضمائر بعض الوطنيين الغيورين على مصلحة الوطن والشعب وما أكثرهم