بقلم الاستاذ محمد محسن
…..ترامــب في أرض الحــــرمين ………………….
………………مؤتـمر لكـل الرجعيـات العـربية ودول الاقلـيم ………….
…………….." اسرائيل " الدولة الغائبة الحاضرة في المؤتمر ………..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كل السياسيين في العالم ، وكل المهتمين في السياسة ، بعضهم سيحاول من موقعه السياسي ، وبعضهم من أمانيه ورغباته ، كل منهم سيدلي بدلوه ، ويبدي رأيه ، شارحاً ، محللاً ، مستكنهاً المستقبل ، من هذه الزيارة ، منهم من سيجعل منها ، ومن هذا المؤتمر" الخماسيني " ، نقطة تحول تاريخية ، في كل أرجاء المنطقة ، وبخاصة صحفيو " الجزيرة " " والعربية " الذين سيرسمون خارطة جديدة للمنطقة بحسب رغائبهم ، وسيحاولون زرع الآمال العراض التي باتت تخبو في عقول مكونات هذا القطب الذي وصل نجمه محاق الأفول .
كل تلك الأحلام ستبنى على ضوء هذه الجوقة بقيادة " المايسترو ترامب " ، أما محطة / CNNN / وغيرها من محطات صناعة الرأي العام العالمي ، فحدث ولا حرج ، والجديد في الأمر أنه لأول مرة منذ عقود لم يجتمع ملوك ورؤساء دول الاقليم التابعة ، التي تتفيأ بالمظلة الأمريكية ، بهذه الصيغة ، وبهذا الحجم ، وتحت الضوء ، وفي بلاد الحرمين ، وبدون " اسرائيل " الغائبة الحاضرة .
ونحن من أفقنا الوطني سنحاول قراءة :
ما ستتمخض عنه هذه الزيارة :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أولاً ـــ ثمن الحماية :
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
الكل يعلم أن غاية الغايات من هذه الزيارة ، التي جاء ليحققها الرأسمالي الكبير ، ترامب بصفته رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية ، حجم المبالغ والهبات التي ستقدمها السعودية ، عربون صداقة وحسن نية ، وثمناً مجزياً لحمايتها من قبل الدولة الحامية تقليدياً أمريكا .
ولقد أجاد ترامب عندما جاهر مطالباً السعودية وبصريح العبارة وبالفم الملآن ، أن سددي تكاليف الحماية ، ـــ والا ـــ سنكون في حل من التزاماتنا ، الحمائية ، تم ذلك التهديد والوعيد ، قبل وصول ترامب إلى البيت الأبيض وبعد وصوله ، وبخاصة وأن السعودية تعيش أسوأ أيامها ، من جميع النواحي السياسية ، والاقتصادية ، وبخاصة مواجهتها لخطر الارهاب الذي يقف خلف الباب .
استجابت الدولة النفطية التي تجلس على كنز ، لتهديدات ترامب ، وأعلنت فوراً وبدون ابطاء ، شراء صفقة أسلحة بمبلغ ومقداره / 130 / مليار دولار أمريكي ، متدرجة ، ومتدحرجة ، بحيث تصل إلى ما قيمته / 330 / مليار دولار من حيث النتيجة ، وبعض الجهات المعنية تقدر حجم المبلغ المقدم / بترليون / دولار ، الذي ستسدده المملكة خلال عقد من الزمن ، ثمناً لقبول ترامب وضعها مجدداً تحت المظلة الأمريكية .
ولكن الذي لابد من الاضاءة عليه أن جميع الأرصدة التي تملكها المملكة ، كدولة أو كأمراء هي مركونة كودائع في خزائن البنوك الأمريكية ، تستثمرها الشركات الأمريكية على هواها وفي مشاريعها ، وبعض القليل من الأرصدة ترمى في بنوك أوروبا ـــ كلها بدون فوائد طبعاً لأنها حرام ـــــ والأمر والأدهى أن المملكة مع أمرائها غير قادرين على سحب أرصدتهم من تلك البنوك ، أي أن المملكة وبالمفهوم العملي للموضوع غير مطلقة اليد في سحب وتحريك تلك الأرصدة .
لذلك ولما كانت الأرصدة مجمدة ومجمدة ، فعلى الأقل لها الحق بشراء كميات كبيرة من الأسلحة ، لأنها بحاجة ماسة لها !! ، ، فهي حتى الآن لم تتمكن من تدمير الشجر والحجر في اليمن !! ولكن الذي لم تستطع تدميره ستتكفل بتدميره " الكوليرا " والأمراض الوبائية الأخرى .
بذلك يكون ترامب قد حقق ما جاء من أجله ، وأخذ أجرة حماية المملكة الشائخة لأجل محدود ، لأنه وما دام التسديد ممكناً فلا بد وأن يتكرر الضغط فيتكرر التسديد ، ـــ ولكن على الجميع أن يعلم أنه عندما يحين الانهيار الكبير للمملكة ، فلن تنقذها أمريكا حتى ولا الجني الأزرق ـــ وبهذا يمكننا أن نعتبر أن هذا الإنجاز هو الإنجاز الأهم من هذه الزيارة .
ثانياً ـــ شد أزر الدول التابعة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليس سيئاً جمع كل الملوك والرؤساء التابعين ، والخانعين ، في المنطقة ، ليتعرف عليهم قائد التشكيل ، مباشرة وحضورياً ، وليشد من عصبهم الذي بات يتضعضع ، ويمنحهم بعض الثقة ويظهر لهم الكثير من الحزم ، ويعلمهم أن أمريكا لاتزال الدولة الأقوى والقادرة على حمايتهم ، ولكن الآن وفي عهد ترامب ، بات كل شيء بحساب .
ثم ينتقل إلى جدول الأعمال ، فيطلب من كل دولة جردة حساب عما نفذته ، ليجري التقييم من خلال خبرائه واستخباراته ، وبعد ذلك يعطي التعليمات الخاصة في الكيفية التي ستتم من خلالها تنفيذ المهمات الجديدة الموكلة لكل دولة ، مع تهديد قد يكون مبطناً برفع العصا في وجه من يخرج عن الصف ، ومن ثم ينتقل إلى توزيع الثناءات بحسب مدى الالتزام بالتعليمات ، وشد أذن المقصر .
ثالثاً ـــ ايران ستكون الدريئة التي تصوب لها كل السهام .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خبراء هذا التحالف العدواني الذي يضم الشرين الأعظمين ، شر الرأسمالية الغربية الجشعة ، وشر الفكر الديني الظلامي الذي يعتقل العقل ، لذلك كان لابد وأن يعتمد الصراع المذهبي ، كونه السلاح الأمضى في هذه الحرب المجنونة .
فأشهر سلاح الصراع السني الشيعي .
ليحرض أولاً كل من أجر عقله وباعه لرجال الدين الأغبياء ، بعد تزويدهم بكل أشكال الحقد والرغبة في القتل المجاني ، ويزجهم في أتون حرب لن تبقي ولن تزر ، وهذا ما حدث .
وهم ثانياً يغيبون الصراع العربي " الاسرائيلي " ويمزقون المنطقة ، ولكن ومع الأسف لن يكتشف هذا السلاح بأنه سلاح قذر إلا بعد أن يكون قد تم تدمير ما يمكن تدميره .
ولكن ايران تسير في برنامجها الديموقراطي على مهل ، فانتخبت رئيسها قبل ثلاثة أيام غير آبهة بما سيجري ، بشكل يدعو للإعجاب ، وهي تسير في طريق تنميتها الاقتصادية ، وتطوير برامجها التسليحية ، رغم الحصار ، فالقافلة تسير والكلاب تنبح .
رابعاً ـــ الشأن السوري :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولكن وبكل تأكيد الذي يصل حد الجزم ، أن الموضوع الذي سينال القسط الأكبر من التحليل ، والدراسة ، والتمحيص ، في الجلسات المغلقة ، بين الخبراء ، سيكون حرب السنوات السبع على سورية ، التي لم تتمكن فيها كل الدول التابعة ، والشريكة " بالعشر " ، مع كل الجهود المبذولة من الدولة القائدة أمريكا ، كلها لم تتمكن من تحقيق ما جاءت من أجله ، لذلك يقتضي الأمر بعض المراجعة ، لوضع الإصبع على أماكن الخلل ، التي انتابت التحالف الواسع ، وهذا سينتج عنه الكثير من اللوم لبعض الدول ، وتحميل البعض بعض التقصير ، ثم ينتقل إلى سماع شرح مفصل عن الخطط المستقبلية ، الموضوعة بهذا الشأن .
هنا ستنبري وسائل الاعلام المحلية والأجنبية ، للتهديد والوعيد وبأن الدنيا ستنقلب عاليها سافلها ، ولتتنبأ بما هو أعظم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولكن نحن نعود فنؤكد أن هذه الهمروجة ، لن يتمخض عنها سوى محاولة شد عصب هذا التحالف المفكك ، لأن الثقة التي كانت قد بنيت على أن أمريكا كلية القدرة ، قد اهتزت ، وهنا وعلى الأرض السورية ستنتهي وحدانيتها لزعامة العالم ، وهنا أيضاً وعلى الأرض السورية ، سيولد القطب العالمي الثاني ، الذي سيقف في وجه الغطرسة الأمريكية ، وتوحشها ، وسيشكل لأول مرة نوعاً من التوازن ، سيتيح للشعوب المظلومة مجالاً أوسعاً في بناء مستقبلها ، بشكل مستقل وخارج اطار التهديد .
ونقول حد الجزم أن هذه التظاهرة التلفزيونية كان انجازها الأهم ، تغييب الصراع العربي الاسرائيلي ، تمهيداً لنسيانه ، ومحاولة زرع البديل المذهبي ، والظهور بمظهر أن هذا التحالف لايزال موجوداً وقوياً ، ولكن الأهم أن الدولة المضيفة كانت " كريمة " جداً ولكن من أموال شعبها ، وهي وكما قلت سابقاً ، كل هذا الصراخ لن يخرجها من تحت دائرة أنها أكبر مستولد للإرهاب ، وأكبر ممول له .
وكما توجهت كل صحف العالم الكبرى ، اليوم اليوم لتحميل قطر تبعة الارهاب ، سينتقل الاتهام الأكبر إلى هذه الدولة الضخمة هيكلاً والفارغة محتوى .
أما سورية فستتابع تحرير أرضها هي وحلفائها وكأن شيئاً لم يكن ، وأطلب من كل الوطنيين الغيورين أن لا يرتجوا ، وأن يثقوا أن ما حدث لن يضيف للمعركة أي جديد .