إعتماد الآباء على الأبناء بشكل زائد في مساعدتهم في شتى المجالات.
•
من المشكلات العائلية الشائكة والطاغية على مجتمعاتنا تدخل الأهل السلبي وغير البنّاء( في كل تفاصيل حياة) أبنائهم المتزوجين (وخاصتاً المتزوجين حديثاً)،والتدخل بشؤون معيشتهم وقراراتهم الخاصة مما يؤدي لفتور العلاقة الزوجية ، وربما إشعال نيران لا داعي لها، لهذا يجب معرفة أسباب هذا التدخُّل السلبي من الأهل ، ونتائجه مع أهمية إن يكون إنسجام تام بين الزوجان لمواجهة تدخل الأهل السلبي بحكمة ، والآن سوف نلقي الضوء كما سبق وقلنا على أسباب ونتائج وحلول هذهِ المشكلة الإجتماعية.
لماذا يتدخل الأهل بين الزوجين؟
الأسباب متعددة، فبعضها يرجع إلى الأهل، وبعضها بسبب أخطاء من الزوجين تُجبر الأهل إلى التدخل، أياً كانت الأسباب، فمهم جداً أن نعرفها لكي نستطيع إجاد الحل المناسب.
• شعور الآباء بالوحدة والفراغ بعد زواج جميع أبنائهم.
•
الإرتباط العاطفي الزائد للوالدين بالأبناء،وخوف الآباء من فقدان أهميتهم فى حياة الأبناء بعد زواجهم.
•
عدم الإستقلال المادي للأبناء، مما قد يسبب الكثير من الإحتكاكات ويعطى مجالاً لتدخل الأهل فى كيفية إنفاق الزوجين للمال،(وهذهِ ليست قاعدة إذ أن الكثير من الأزواج الغير مستقلين مادياً عن ذويهم لا يعانون من مشكلة تدخل الأهل السلبي في حياتهم).
•
عدم إدراك الأهل إلى إحتياج الزوجين (وخاصتناً الجدد) إلى الإستقلالية.
•
قد يرى الآباء أن التعبير عن آرائهم فى القرارات التى يتخذها الزوجان نوع من الإهتمام ، بينما يعتقد الزوجان أنه تدخل لا داعي له.
•
إخبار أحد الزوجين أهله عن كل شيء يحدث بينه وبين شريكه، أو عن كل شيء يخص شريكه، وعدم تمييز الأشياء التى لا ينبغى أبداً أن يعرفها أحد غير الزوجين.
•
هروع الزوجين إلى الأهل فور حدوث أي مشكلة بينهما، نتيجة لضعف التواصل بين الزوجين وإحتياجهما إلى طرف ثالث ليحل لهم مشاكلهم (هذا لا يعني بالطبع أنه في بعض الحالات لا يجب إستشارة الأهل الذين لهم خبرة أكبر في الحياة وطرق حل المشاكل الزوجية).
ما خطورة إستسلام الزوجين لتدخلات الأهل السلبية؟
•
ضياع خصوصية الحياة الزوجية.
•
تنامي الغضب المكبوت داخل الزوجين، حتى تأتى لحظة ينفجر فيها أحد الزوجين في وجه الأهل ولسبب قد يبدو تافهاً.
• حدوث الخلافات مع الأهل وتوتر العلاقة معهم، بحيث قد يصل الأمر إلى القطيعة.
•
يؤدى الإستسلام لتدخل الأهل السلبي إلى انهيار الحياة الزوجية وإحتمالية الطلاق بين الزوجين.
•
جو المشاحانات الناتج عن تدخل الأهل السلبي في حياة العائلات يوئثر سلبياً على طريقة تربية أطفالهم،مما يؤدي أن يترعرع جيل جديد في جو يطغي عليه حالة من الحقد والكراهية،وأيضاً في الكثير من الحالات عندما تصل العلاقة بين الزوجين والأهل إلى حد المقاطعة تكون النتيجته الحتمية حرمان الأجداد من أحفادهم وبالعكس،ناهيك عن المشاكل النفسية التي ستتسبب للأطفال والأهل والأجداد.
إذاً كيف يجب أن يتعامل الزوجين مع تدخلات الأهل السلبية فى حياتهم الزوجية؟
•
يجب أن يتحدث الزوجان بصراحة بشأن دور الأهل فى حياتهم، يجب أن يتفقوا على المجالات المسموح وغير المسموح للأهل بالتدخل فيها، والحدود التى توضع مع الأهل قد تشمل طلب النصيحة، التعاملات المالية، الزيارات، المكالمات الهاتفية، قضاء الإجازات، تربية الأبناء.. إلخ. (وطبعاً هذهِ الحدود تختلف من أسرة إلى أسرة إذ أن الكثير من الأزواج لا يشعرون بتدخل سلبي في حياتهم من ذويهم. فتحديد تدخل الأهل ليس بقاعدة يجب الإلتزام بها إذا ما دعى الأمر لذلك).
•
إبداء التقدير والإهتمام بالأهل من خلال الزيارات، والمكالمات، والهدايا، وقضاء حوائجهم، وإستشارتهم والإستفادة من خبراتهم في مدرسة الحياة ، لطمأنتهم أنه مازال لهم مكانة فى حياة الأبناء ،ويجب أن لا ينسى الأبناء قول الكتاب المقدس "أكرم اباك بكل قلبك ولا تنس مخاض أمك (سفر يشوع بن سيراخ 7: 29)".
• الحرص على الإستقلال المادي عن الأهل والتكيّف فى حدود القدرات المالية للزوجين (هذا لا يعني أنه أن دعت الحاجة الماسة أن لا نطلب مساعدة الأهل،أو إن رأينا أهلنا في حاجة أن لا نقدم لهم المساعدة الازمة بل بلأحرى أنه واجب علينا).
•
في حال إن كان الإبن المتزوج يسكن مع أهله في منزل واحد، فالإبن يحتاج هنا إلى الموازنة في تعامله بين الزوجة وأهله من جهة، وأن تشعر الزوجة بالخصوصية والإستقلالية في هذا المنزل المشترك من جهة أخرى، فيستحسن أن يقتني الزوج غرفة مستقلة وأن يخصص للزوجة أغراض خاصةً أو أشياء يمكنها التصرف بها لكي تشعر ببعض الخصوصية. كما أن التفاهم والإتفاق بين الزوجين في هذه الحالة مهم جدا وخاصة عند بداية الحياة الزوجية، فيتفقان مثلا على مناقشة أمورهم الخاصة في الغرفة المخصصة لهم، وأن يتفقان على المواضيع التي يمكن المناقشة بها أمام الأهل، إضافة إلى توطيد العلاقة بين الزوجة وأهل الزوج وتوزيع الأدوار بينهم ، ويقع على الزوج، في هذه الحالة، العبء الكبير للحد من تدخل الأهل وفي المحافظة على الخصوصية في العلاقة الزوجية (وبالطبع في الكثير من الحالات يكون أجواء عيش الإبن المتزوج الذي يسكن مع أهله في منزل واحد رائعة جداً ولا يكون أصلاً حاجة للتفكير إلى موازنة العلاقات والإستقلالية في ذلك البيت إذ أن الكثير من الأباء والأمهات يحتضنون بشكل رائع زوجة إبنهم بمحبة وحكمة ومشاعر صادقة).
• الإستماع إلى آراء الآباء بإحترام، ثم اتخاذ الزوجين القرار المناسب لهما ولا يجب أن ننسى قول الكتاب المقدس "أَيُّهَا الأَوْلاَدُ،أَطِيعُوا وَالِدِيكُمْ فِي الرَّبِّ لأَنَّ هذَا حَقٌّ (رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس 6: 1)".
• إحترام كلا الزوجين لشريكه فى وجوده وغيابه، وعدم السماح لأهله بالتحدث عن شريكه بشكل جارح أو غير لائق ويجب أن يبقى دائماً في ذهن الأزواج قول الكتاب المقدس
"مِنْ أَجْلِ هذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا، إِذًا لَيْسَا بَعْدُ اثْنَيْنِ بَلْ جَسَدٌ وَاحِدٌ. فَالَّذِي جَمَعَهُ اللهُ لاَ يُفَرِّقُهُ إِنْسَانٌ (إنجيل متى 19: 5، 6؛ إنجيل مرقس 10: 7-9)".
أحبائي،
يتطلب الأمر أن يتحدث كل من الزوجين مع أبويه بشكل هادئ ولبق حول أهمية الخصوصية في الحياة الزوجية، مع طمأنة الأهل الدائمة أنهم سيظلون محل تقدير، وأنه لا يمكن الإستغناء عنهم إذ يأمرنا الرب قائلاً "أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ لِكَيْ تَطُولَ أَيَّامُكَ عَلَى الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ (خر12:20)".
وأيضاً يجب أن لا ننسى دور الأب الروحي وكاهن الرعية في الإرشاد الروحي للزوجين لكي يستطيعوا إكمال مسيرتهم الزوجية رغم جميع الصعوبات ببركة الرب.
تنشىء المشكلات الإجتماعية دائماً عند فقدان التوازن بين الحقوق والواجبات ، فما من حق إلا ويقابله واجب، وبعض الناس قد يُبالغ في المطالبة بالحق الذي له ويتمسك به وينسى أو يهمل الواجب المنوط له…
إذن هل حان الوقت لكي نعرف واجبتنا وحقوقنا ونبقي الحب والود المتبادل مفتاح السعادة بين الجميع أم لا؟
© Damaskinos Alazrai 2017
عزيزيعزيزتي،إنّني أدعو الله أن تكون كلماتي قد أفادتك. وأرحّب بأسئلتك واستفساراتك التي تُمتِّعني حقّاً
والرب يكون معكم دائماً.