ما يجري اليوم على الساحة الدولية من أحداث حول الحرب على سورية سأسميها (المسألة السورية ) ، يرى المتابع لمجريات الاحداث كيف تتعاطى الهيمنة الامريكية معها، خاصة مع بداية هذا العام 2018، حيث تعود بنا الذاكرة الى حقبة الأحداث التي عصفت بالمنطقة عام 1956 عقب فشل العدوان الثلاثي على مصر، و اتساع حضور الاتحاد السوفيتي عند دول المنطقة، حينها كان دواليت ديفيد ايزنهاور رئيساً للولايات المتحدة ( 1953 الى 1961) . على أثر هذا الفشل قدم ايزنهاور للكونغرس الامريكي خطة عرفت بمبدأ ايزنهاور أو بنظرية ملئ الفراغ 1957، وكان أن أخذت الولايات المتحدة مكان فرنسا وبريطانيا في المنطقة .
حري بنا لفهم ما يجري منذ يوم الاحد 8/4/2018 أن نعود الى نوفمبر عام 2015 حين اعلن باراك اوباما انه و ادارته قد اتخذا قرارا بضربة سورية و الحجة كما هي اليوم ( الكيماوي)، ولا يفوتنا هنا ان الخارجية الروسية كانت قد وافقت على الدخول عسكرياً الى الأراضي السورية ، بعدها صرحت إدارة اوباما بنفس العام أنها ستنسحب من سورية. السؤال ماذا كان بعد ذاك التهديد و إعلان الانسحاب؟؟ الجواب يأتي مع ترامب من خلال إحلال مبدأ انيزنهاور !!! إن تصريح ترامب الذي فاجئ به العالم انه سيسحب القوات الامريكية من سورية ، هذا التصريح لم يكن اعتباطياً أبداً وليس ارتجالياً إنه على قاعدة توزيع المهام و تطبيق خطة أيزنهاور بضرورة ملئ الفراغ بين الامريكي من جهة و البريطاني والفرنسي من جهة اخرى .
والأهم من كل هذا أن صوت بريطانيا لم يعلو بهذا الشكل السافر طوال السبع سنوات من الحرب الإرهابية على سورية ؟ وهي تعمل بصمت على تسيير العصابات الإرهابية بكل فصائلها، وهي التي تباشرعملها الاستخباراتي من خلال ما عرف بأصحاب الخوذ البيضاء، إلى جانب الحماسة الكبيرة التي تتزعمها فرنسا في مجلس الأمن حول الكيماوي ؟ سيما وأنها كانت تدير كل الملفات المتعلقة بالعصابات الارهابية مع السعودية وتركيا وقطر قبل ما يظهر بما يسمى " بالربيع العربي"… اذاً هناك وراء الاكمة ما وراءها ..
حتى يملىء هذا الفراغ لا بد من حدث كبير تعمل الاستراتيجية الامريكية بخبث و دهاء عليه وهو الملف الكيماوي واتهام الجيش السوري باستخدامه ، هنا نلاحظ حرص بريطانيا وفرنسا في مجلس الامن على ضرورة تنفيذ الضربة الامريكية بمشاركتهما، التي ستكون البوابة لستعيدا المكانة الدولية لهما ، سيما وان كلاهما يعتبران المنطقة مازالت من ضمن نفوذهما التاريخي .
النتيجة سيخرج الامريكي تاركاً لبريطانيا و فرنسا الفأر الذي تولد عنه.
د. عبير سلمان